تشهد الأسواق المالية في جنوب أفريقيا حالة من الانتعاش المفاجئ رغم التحديات الاقتصادية الداخلية والضغوط الخارجية. فقد سجلت بورصة جوهانسبرج مستويات تاريخية جديدة، كما ارتفع الراند الجنوب أفريقي أمام الدولار الأمريكي، في وقت يواجه فيه اقتصاد البلاد تباطؤًا في وتيرة الإصلاحات الهيكلية ومخاوف متزايدة من فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية تصل إلى 30% على صادرات جنوب أفريقيا، خاصة المعادن والسيارات.
ووفقًا لما أورده موقع "زون بورس"، فإن ارتفاع مؤشر بورصة جوهانسبرج جاء مدعومًا بتدفق الاستثمارات الأجنبية، وتحسن أداء بعض القطاعات مثل التعدين والخدمات المالية، فضلاً عن زيادة شهية المستثمرين تجاه الأسواق الناشئة. كما سجل الراند ارتفاعًا ملحوظًا أمام الدولار، وهو ما اعتبره محللون مؤشرًا على ثقة المستثمرين في المدى القصير، بالرغم من هشاشة الأساسيات الاقتصادية.
ويرى خبراء أن صعود العملة المحلية يعكس في جزء منه ضعف الدولار عالميًا وتراجع توقعات رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إلى جانب استفادة جنوب أفريقيا من ارتفاع أسعار السلع الأولية في الأسواق العالمية.
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال الاقتصاد الجنوب أفريقي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها معدلات البطالة المرتفعة التي تتجاوز 30%، إضافة إلى مشكلات البنية التحتية، خاصة انقطاعات الكهرباء المتكررة التي تؤثر على الإنتاج الصناعي. كما يعاني الاقتصاد من ضعف النمو الذي لم يتجاوز 1% خلال الأعوام الأخيرة، في ظل بطء تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي وعدت بها الحكومة.
وحذر اقتصاديون من أن استمرار حالة الانتعاش في الأسواق مرهون بقدرة الحكومة على تعزيز الثقة عبر تسريع الإصلاحات، وتحسين بيئة الأعمال، وتوفير حلول مستدامة لأزمة الطاقة التي تكبد الشركات خسائر متكررة.
في المقابل، يواجه اقتصاد جنوب أفريقيا ضغوطًا خارجية متزايدة، إذ لوّحت الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الصادرات الجنوب أفريقية، وهو ما قد يضر بقطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات والمعادن النفيسة. ويخشى محللون من أن تؤدي هذه الإجراءات، حال تطبيقها، إلى تقليص المكاسب الحالية وإضعاف القدرة التنافسية للمنتجات الجنوب أفريقية في الأسواق العالمية.
ورغم التفاؤل الحذر الذي يسود الأوساط المالية، يؤكد خبراء أن استمرار تدفق الاستثمارات يتطلب معالجة التحديات الهيكلية، مشيرين إلى أن الأسواق قد تتأثر سلبًا بأي هزة خارجية أو تأخر إضافي في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. كما نبهوا إلى أن صعود الراند قد يكون ظرفيًا إذا لم يقابله تحسن في أساسيات الاقتصاد الحقيقي.
ويظل السؤال المطروح: هل تستطيع جنوب أفريقيا البناء على هذا الزخم وتحويله إلى نمو اقتصادي مستدام، أم أن الانتعاش الحالي سيبقى مجرد موجة قصيرة الأجل؟
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
