أخبار عاجلة
محافظة الجيزة: إزالة 6 أبراج مخالفة بالهرم -

هل يواجه عصر السيارات الكهربائية أفولًا مبكرًا؟.. الوعود الكبرى تتهاوى (تحقيق)

هل يواجه عصر السيارات الكهربائية أفولًا مبكرًا؟.. الوعود الكبرى تتهاوى (تحقيق)
هل يواجه عصر السيارات الكهربائية أفولًا مبكرًا؟.. الوعود الكبرى تتهاوى (تحقيق)

اقرأ في هذا المقال

  • مخاوف الأمن والسلامة تتصاعد بعد احتراق سفينة جديدة كانت تنقل مكبات كهربائية.
  • شركة الشحن الأميركية ماتسون تحظر نقل السيارات الكهربائية على متن سفنها
  • بعض المدن الألمانية والصينية تمنع ركن السيارات الكهربائية في مواقف الانتظار تحت الأرض
  • السيارات الكهربائية ما زالت تثير قلق العملاء من استعمالها في الرحلات الطويلة
  • البنية التحتية للشحن ما زالت ضعيفة وغير متساوية في التوزيع الجغرافي
  • حلم القيادة الخالية من الذنب البيئي للطبقات الثرية لم يعد كذلك

تواجه صناعة السيارات الكهربائية سلسلة من الإخفاقات المتصاعدة منذ سنوات، مع زيادة مخاوف المستهلكين من كثرة حوادث احتراق البطاريات، فضلًا عن تكاليفها المرتفعة، وضعف البنية التحتية للشحن، حتى في البلدان المتقدمة.

في هذا السياق، كشف تحقيق استقصائي حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- فشل صناعة المركبات الكهربائية في الوفاء بوعودها الكبرى التي أطلقتها منذ عقدين لجذب المستهلكين.

وسلّط التحقيق الضوء على مجموعة من الظواهر المهمشة لدى أنصار ومؤيدي السيارات الكهربائية، وأبرزها كثرة حوادث حرائق البطاريات وصعوبة إخمادها، وما يمثّله ذلك من زيادة مخاطر الأمن والسلامة في المدن.

كما تطرَّق التحقيق إلى مشكلات ضعف مدى هذه السيارات، ونقص البنية التحتية للشحن، وضعف الجدوى الاقتصادية لامتلاكها، وصولًا إلى مسألة البصمة الكربونية وتهميش حساب الانبعاثات غير المباشرة.

تفاقم حرائق بطاريات السيارات الكهربائية

أعلنت شركة الشحن الأميركية ماتسون (Matson) في يوليو/تموز الماضي وقف نقل السيارات الكهربائية أو الهجينة القابلة للشحن على متن سفنها، بسبب مخاطر الحرائق المتصاعدة لبطاريات الليثيوم أيون.

وجاء هذا القرار -الذي دخل حيز التنفيذ فورًا- في أعقاب كارثة غرق سفينة نقل السيارات مورنينغ ميداس (Morning Midas) بالمحيط الهادئ في 23 يونيو/حزيران 2025، بعد حريق استمر 3 أسابيع.

وكانت السفينة تنقل عددًا كبيرًا من السيارات الكهربائية والهجينة ضمن حمولة الشحن التي تجاوزت 3 آلاف سيارة من أنواع مختلفة.

وتشير نتائج التحقيقات الأولية إلى أن الحريق الذي نشب بالناقلة بدأ في جانب المركبات الكهربائية، وأدى في النهاية إلى تسرب المياه وغرق السفينة على عمق 16 ألف قدم جنوب غرب ولاية ألاسكا.

وأبرز الحريق -الذي أظهرته الصور الجوية وهو يتصاعد من مؤخرة السفينة- خطورة حرائق بطاريات السيارات الكهربائية، وصعوبة إخمادها مع تجدُّد اشتعالها أكثر من مرة.

صورة لحريق سفينة مورننغ ميداس جنوب ألاسكا 3 يونيو 2025
حريق سفينة مورننغ ميداس جنوب ألاسكا 3 يونيو 2025 - الصورة من CNN

وليست هذه أول حادثة مروعة لاحتراق وغرق السفن الناقلة للبطاريات أو المركبات الكهربائية، فقد سبقتها حادثة احتراق سفينة فليستي آيس (Felicity Ace) في فبراير/شباط 2022، كما احترقت ناقلة فريمنتل هاى واى اليابانية (Fremantle Highway) في يوليو/تموز 2023.

ويرجع السبب في هذه النوعية من الحرائق إلى ظاهرة الانفلات الحراري الناتجة عن التفاعل الذاتي السريع بين محفزات الاشتعال في بطاريات السيارات الكهربائية بصورة أكبر مما يحدث في السيارات التقليدية.

وعادة ما ينتج عن هذا الاحتراق غازات سامّة -أيضًا-، كما قد يتكرر مرة أخرى بعد أيام أو أسابيع، ما يُصعِّب من احتمالات إخماده بوسائل الإطفاء التقليدية في وقت قصير.

ونظرًا لتزايُد هذه المخاطر، قررت بعض المدن الألمانية حظر ركن السيارات الكهربائية في مواقف الانتظار تحت الأرض، خشية عدم السيطرة على الحرائق المتصلة.

كما اتخذت الفنادق والمباني في مناطق هانغتشو ونينغبو وشياوشان بمقاطعة تشغيانغ شرق الصين قرارًا مماثلًا في سبتمبر/أيلول 2024، تحسّبًا لمخاوف الأمن والسلامة.

وتشير هذه الظواهر إلى أن المخاوف من السيارات الكهربائية صارت تتصاعد في أوساط المدن والسكان وشركات الشحن، ما يمثّل ضربة لوعد مستقبل النقل الآمن، الذي طالما روَّج له أنصار المركبات الكهربائية على مدار سنوات.

ضعف مدى السيارات الكهربائية

تتزايد مخاوف كثير من المستهلكين أو عملاء السيارات الكهربائية المحتملين من مشكلة "المدى" الذي يمكن للسيارة أن تقطعه في الشحنة الواحدة، رغم التقدم المُحرَز في تقنيات البطاريات.

وتحتاج السيارة الكهربائية إلى ما يتراوح من 30 دقيقة إلى ساعة لشحن البطاريات -حسب نوع الشاحن وقدرته-، بينما لا تحتاج السيارات التقليدية إلّا إلى 5 دقائق على الأكثر للتزود بوقود البنزين أو الديزل، حيث تتوافر محطات الوقود على مسافات قريبة على الطرق وداخل المدن.

في المقابل، ما تزال البنية التحتية للشحن ضعيفة في معظم بلدان العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة، كما أنها غير موزعة بالتساوي، إذ تعاني المناطق الريفية وبعض المراكز الحضرية من نقص حادّ في محطات -أو نقاط- الشحن العامة.

أمّا محطات الشحن المنزلية، فما زالت ضعيفة الانتشار بسبب تكلفتها المرتفعة التي لا يقوى على تحمُّلها سوى فئة من الأثرياء أو أصحاب الدخول العالية.

لكل هذه الأسباب، يبدو التخطيط لرحلة طويلة بالسيارات الكهربائية بمثابة لغز لوجستي يتطلب رسمًا دقيقًا لخريطة محطات الشحن على مسار الرحلة إلى جانب وضع خطط طوارئ لاحتمالات التأخير أو انقطاع الشحن، بحسب التحقيق المنشور على منصة ديلي سكبتك المتخصصة (daily sceptic).

وتنتشر بين الحين والآخر أخبار عن ظهور ابتكارات فائقة في قطاع البطاريات، مثل ما أعلنت شركة هواوي الصينية في يونيو/حزيران الماضي تسجيل براءة اختراع بطارية صلبة قائمة على الكبريتيد يمكن شحنها بسرعة فائقة لا تتجاوز 5 دقائق، كما يمكنها قطع مسافة 3 آلاف كيلومتر في الشحنة الواحدة.

ورغم أن إعلان الشركة الصينية يمثّل ثورة في عالم صناعة البطاريات، فقد تعرَّض للتشكيك من جانب بعض علماء الفيزياء الغربيين، مثل العالم ويلس إشنباخ (Willis Eschenbach) الذي ذاع صيته بتنفيذ الأفكار السحرية المطروحة في مجال فيزياء الطاقة من حين لآخر.

تآكل الجدوى الاقتصادية للمركبات الكهربائية

روّج المؤيدون للسيارات الكهربائية إلى أن امتلاكها وتشغيلها سيكون أرخص من السيارات التقليدية، لكن حقائق الواقع تروي قصة مختلفة، خاصةً بعد تراجع الحكومات عن وعود الحوافز والإعفاءات الضريبية السخية المقدّمة للصناعة.

وتشير أحدث البيانات المقارنة للتكاليف إلى أن التكاليف الأولية للمركبات الكهربائية ما زالت أعلى بما يتراوح من 30% إلى 40% من نظيرتها التقليدية العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي.

وكانت الإعفاءات الضريبية الفيدرالية السخية الأميركية التي أقرّتها إدارتا باراك أوباما وجو بايدن تُعوّض جزءًا من هذه التكاليف في حدود 7500 دولار لكل سيارة، لكن هذه الإعفاءات على وشك الانتهاء في عهد دونالد ترمب.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أوامر تنفيذية في البيت الأبيض
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقّع أوامر تنفيذية في البيت الأبيض - الصورة من CNN

ويشكّل إلغاء الإعفاءات الضريبية في الولايات المتحدة ضربة موجعة لصناعة السيارات الكهربائية والعملاء الراغبين في اقتنائها خلال السنوات المقبلة؛ ما قد يزيد من عزلة مبيعاتها وانحصارها في فئات محدودة من الأثرياء.

على الجانب الآخر، تشير دراسات حديثة إلى أن المركبات الكهربائية تفقد قيمتها بسرعة أكبر من المركبات التقليدية، بل إن بعض الطرازات يمكن أن تفقد 50% من قيمتها خلال أول عامين من الاستعمال.

ويرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع تكاليف استبدال البطاريات التي تصل إلى 30 ألف دولار، ما يقلل من قيمة إعادة بيع السيارات الكهربائية، لاسيما مع فحص المشتري للمركبة وأجزائها قبل شرائها.

إضافة إلى ذلك، فإن تكلفة التأمين على المركبات الكهربائية ما زالت أعلى بكثير من السيارات التقليدية بسبب ارتفاع تكاليف صيانتها وقطع غيارها ومخاوف احتراق بطارياتها.

وتُفسر هذه العوامل انهيار سوق المركبات الكهربائية المستعملة في عديد من البلدان المتقدمة، مثل المملكة المتحدة، مع انخفاض قيم إعادة البيع وإحجام المستهلكين عن شراء البطاريات المستعملة ذات الأعمار غير المؤكدة.

هل السيارات الكهربائية نظيفة؟

لا تقلّ هشاشة الحجج البيئية التي يروّجها أنصار السيارات الكهربائية عن غيرها، إذ يكشف تحليل انبعاثات سلسلة القيمة على طول العمر الافتراضي للمركبة أن حساب الانبعاثات المتجنَّبة أكثر تعقيدًا مما يشاع في وسائل الإعلام المؤيدة.

ويتطلب تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية تعدينًا كثيف الاستهلاك للطاقة لمعالجة المعادن الأرضية النادرة مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل؛ ما يعني زيادة انبعاثات التعدين المرتبط بالصناعة.

كما أدى تعدين الكوبالت في بعض الدول مثل جمهورية الكونغو الديموقراطية من قبل شركات غير رسمية إلى دمار بيئي وممارسات توظيف مجحفة، بما في ذلك عمالة الأطفال.

على الجانب الآخر، يتطلب شحن المركبات زيادة الطلب على الكهرباء المنتجة بالوقود الأحفوري في أغلب بلدان العالم، ما يعني زيادة انبعاثات قطاع الكهرباء عالميًا.

ورغم أن السيارات الكهربائية لا تُصدر انبعاثات العادم مثل السيارات التقليدية، فإن وزنها الثقيل يزيد من تآكل الإطارات والحاجة إلى استبدالها، ما يزيد من الانبعاثات المباشرة لاستعمال النفط في إنتاجها.

كما أن احتكاك الإطارات بالطرق السريعة يزيد من انبعاثات الجسيمات الدقيقة في الهواء، وهي المسبِّب لعديد من الأمراض المزمنة في الجهاز التنفسي والكلى والأعصاب والعيوب الخلقية وغيرها.

وتشير دراسات أخرى إلى أن انبعاثات الإطارات يمكن أن تتجاوز انبعاثات العادم بكثير؛ ما يقلّل من الفوائد البيئية الشاملة لاعتماد السيارات الكهربائية عالميًا.

على الجانب الآخر، هناك تكاليف غير مباشرة للمركبات الكهربائية لا تُدرَج ضمن التكلفة التي يدفعها المالك، وتتحملها الدول، وأبرزها التآكل الإضافي للبنية التحتية الناتج عن ثقل المركبات الكهربائية، حيث تتآكل الطرق بسرعة، كما تتعرض الجسور لمخاطر أعلى.

وتشير هذه المعطيات إلى أن حلم السيارات الكهربائية، الذي رُوِّج له بصفته الخيار المناسب لإنقاذ الكوكب، قد اصطدم بحقائق اقتصادية وبيئية وعلمية قاسية لا يمكن لأيّ قدر من الدعاية أو الدعم المالي أن يحجبه، كما أن تجربة القيادة الخالية من الشعور بالذنب لطبقات الأثرياء لم تعد كذلك، بحسب مُعدّ التحقيق "تيلاك دوشي".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

تحقيق استقصائي حول وعود السيارات الكهربائية وتحدياتها

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس الHعلى للإعلام يكرم رائد الإعلام العربي فهمي عمر
التالى أسامة كمال: 30 مليار دولار فاتورة استيراد المواد البترولية خلال 2025