في ظل التحديات الاقتصادية المتسارعة، يواجه سوق السيارات المصري أزمة عميقة، حيث تراجعت المبيعات بنسبة تصل إلى 30% خلال الأشهر الأخيرة، وفقًا لتقارير حديثة من مجلس معلومات سوق السيارات (أميك).
ورغم هذه الأرقام المقلقة، تلجأ الشركات والوكلاء إلى تخفيضات دراماتيكية تصل إلى 30% على أسعار السيارات الجديدة، في محاولة يائسة لتصريف المخزون واستعادة الثقة في سوق يعاني من ركود شديد مدفوع بالتضخم، ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التطورات الأخيرة في سوق السيارات في مصر، مع التركيز على الأسباب، التأثيرات، والتوقعات للأشهر المقبلة.
أسباب الركود في سوق السيارات المصري 2025
وشهد سوق السيارات المصري تحولاً جذريًا في عام 2025، حيث انتقل من نمو ملحوظ في الربع الأول (بنسبة 76% في مبيعات السيارات الملاكي، لتصل إلى 31.4 ألف وحدة)، إلى ركود حاد في الشهور اللاحقة، والسبب الرئيسي هو الترقب السائد بين المستهلكين، الذين ينتظرون تخفيضات إضافية قبل الشراء، مدفوعين بثقافة "الانتظار للانخفاض" التي أصبحت سمة للسوق المصري.
ووفقًا لخبير السيارات محمود عبد الجواد،فإن الشهور الأولى من العام تشهد ركودًا موسميًا، لكن هذا العام تفاقم الأمر بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة وتأثير الحروب التجارية المحتملة بين الولايات المتحدة والصين، والتي قد ترفع تكاليف الاستيراد.
وبالإضافة إلى ذلك، أدى نقص النقد الأجنبي في الفترة السابقة إلى تراكم مخزون كبير من موديلات 2025، مما دفع الشركات إلى الضغط على الأسعار لتجنب الخسائر.
والتخفيضات الإضافية في الشهر الجاري بلغت 10-20%، مضافة إلى انخفاضات سابقة بنسبة 25-30%، لكن الطلب ظل ضعيفًا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على القروض التمويلية، التي تصل إلى 24% سنويًا.
كما أكد علاء السبع، عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن زيادة المعروض مقارنة بالطلب أدت إلى توازن الأسعار، لكن الركود استمر بسبب مشكلة التسجيل المسبق للشحنات (ACI).
تخفيضات كبيرة في أسعار السيارات الجديدة
وفي رد فعل سريع على الركود، أعلنت شركات السيارات عن تخفيضات غير مسبوقة لتصريف المخزون قبل طرح موديلات 2026ن وعلى سبيل المثال، انخفض سعر سيارة شيفروليه كابتيفا بنحو 350 ألف جنيه، بينما خفضت شيري أسعار تيجو 7 بنسبة 140 ألف جنيه وتيجو 8 بنسبة 225 ألف جنيه.
كذلك، أعلنت هيونداي عن خصم 151 ألف جنيه على توسان، وجيلي 100 ألف جنيه على ستار راي، وجيتور تخفيضات تصل إلى 224 ألف جنيه على جميع طرازاتها.
من جانبها، خفضت أوبل أسعار كورسا بنسبة 130 ألف جنيه، وموكا وجراند لاند بنسبة 100 ألف جنيه، بينما أعلنت بيجو تخفيضات بين 100 و150 ألف جنيه على 3008 و5008، ورينو خصم 85 ألف جنيه على داستر و160 ألف جنيه على ميجان.
وهذه التخفيضات تركز بشكل أساسي على الفئات الاقتصادية أقل من مليون جنيه، تليها الفئة من مليون إلى 1.5 مليون جنيه، بينما تكاد الموديلات الفارهة لا تتأثر.
ووفقًا لتقرير صارد عن CNN، فإن هذه العروض مرتبطة بتصفية موديلات 2025 تمهيدًا للجديدة، مع توقعات بمزيد من الخصومات في الربع الأخير من العام.
تأثير الركود على سوق السيارات المستعملة في مصر
ولم يقتصر الركود على السيارات الجديدة، بل امتد إلى سوق المستعمل، حيث لم تشهد الأسعار تغيرًا ملحوظًا رغم انخفاض الجديدة بنسبة 25%، مما أدى إلى اختفاء الطلب تقريبًا.
وفي الدقهلية، على سبيل المثال، أفاد تجار بأن التجميع المحلي دفع المواطنين إلى شراء الجديد بنفس ثمن المستعمل، مما أدى إلى انخفاض نسبي في الأسعار لكنه لم يحرك السوق.
أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أكد أن سوق المستعمل سجل انخفاضًا ملحوظًا، لكنه لم يصل إلى مستويات الارتفاع المتوقعة، بسبب المنافسة من الجديدة.
وهذا الوضع يعكس تحولاً في سلوك المستهلك، حيث يفضل الآن الجديدة بفضل التمويل المتاح، لكن القدرة الشرائية المحدودة تحول دون الانتعاش الكامل.
دور الإنتاج المحلي والاستيراد في إنقاذ سوق السيارات
وساهم الإنتاج المحلي في تخفيف الضغوط، حيث تعمل 13 شركة محلية بطاقة إنتاجية تصل إلى 95 ألف سيارة سنويًا، مع خطط لدخول 9 شركات أخرى في 2025-2026 لرفعها إلى 260 ألف وحدة.
وهذا التوسع يأتي مدعومًا ببرنامج التنمية الصناعية للسيارات (AIDP)، الذي ساهم في خفض تكاليف الاستيراد وتوفير فرص عمل، لكنه لم يمنع الركود بسبب الاعتماد الكبير على الاستيراد (حوالي 70% من السوق).
من ناحية أخرى، أدى حل أزمة النقد الأجنبي إلى إعادة السماح بالاستيراد في فبراير 2025، مما أفرج عن شحنات محتجزة وأدى إلى زيادة المعروض بنسبة 51.3% في الشهرين الأولين.
مستقبل سوق السيارات في مصر
وتشير التوقعات إلى أن يستمر الركود في الربع الأخير من 2025، مع توقعات بنمو اقتصادي بنسبة 3.8%، لكنه قد ينخفض إلى 4.6% في 2026 بسبب التحديات العالمية.
ومنتصر زيتون، عضو الشعبة العامة للسيارات، يرى أن الاستقرار يعتمد على فتح الاستيراد وانخفاض سعر الدولار، مع توقعات بانخفاض إضافي في الأسعار بنسبة 5-10% في أكتوبر.
أما بالنسبة للسيارات الكهربائية، فإنها لا تزال أقل من 1% من السوق، مع انخفاض بنسبة 21.3% في النصف الأول من 2025 بسبب نقص البنية التحتية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
