التضخم يهبط لأقل مستوياته منذ 14 شهر..
واصل معدل التضخم الشهري تراجعه للشهر الثاني على التوالي، حيث هبط المعدل إلى نحو -0.6% خلال شهر يوليو 2025، ليسجل بذلك أقل معدل منذ شهر مايو 2024 حينما بلغ -0.8%، نتيجة انخفاض أسعار عدد من السلع والخدمات الأساسية، أبرزها اللحوم والدواجن والفواكه والخضروات.
وتعليقًا على تراجع التضخم، تحدث الدكتور عماد فؤاد، الخبير الاقتصادي، عن توقعات أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي، مؤكدًا أن التوجه العام يشير إلى خفض الفائدة بنسبة 1%، وهو ما يعد خطوة منطقية في ظل التحسن الاقتصادي الذي تشهده مصر مؤخرًا.
وأوضح أن الاجتماع المقبل للبنك المركزي لن يكون صعبًا مثل الاجتماعات السابقة، موضحًا أن التحديات الاقتصادية السابقة كانت أصعب بكثير، لكن الآن هناك عوامل إيجابية تدعم هذا التوجه، قائلا: “توقعاتنا تشير إلى خفض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، بناءً على مجموعة من العوامل الاقتصادية الإيجابية، أبرزها تراجع معدلات التضخم وانخفاض سعر الدولار في البنوك”.
وتابع: "البنك المركزي يتجه إلى خفض الفائدة في إطار التزامه بتحقيق مستهدفات التضخم، حيث يتوقع أن تصل الفائدة بنهاية العام إلى 21% أو 20%، خاصة مع بلوغ الفائدة حاليًا 24%، وهو ما يعكس استجابة محسوبة للوضع الاقتصادي الراهن."
وأوضح فؤاد أن هذا التخفيض في أسعار الفائدة يأتي نتيجة لانخفاض معدلات التضخم بنسب معقولة، إضافة إلى تحسن قيمة الجنيه المصري بعد انخفاض سعر الدولار في البنوك، حيث وصل الدولار إلى 48 جنيهًا بعد فترة من التذبذب في أسعاره.
وأشار الدكتور عماد فؤاد إلى أن الاقتصاد المصري في الفترة الحالية يشهد تحسنًا ملحوظًا، وأن انخفاض التضخم سيسهم في زيادة القدرة الشرائية للمواطنين، وقال: "أي انخفاض في أسعار السلع الاستراتيجية سيساهم في تحسين مستوى دخل المواطنين، حيث إن انخفاض أسعار الفائدة ينعكس إيجابيًا على القروض والتقسيط ويجعل الحصول على التمويل أسهل وأقل تكلفة."
كما أضاف فؤاد أن انخفاض أسعار الفائدة سيؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وفتح فرص جديدة للاستثمار، بالإضافة إلى إمكانية استفادة المواطنين من خفض الفائدة في القروض السكنية، حيث من الممكن أن تعود مبادرات التمويل العقاري بأسعار فائدة منخفضة، مثل 3% أو 5%، مما يساهم في زيادة قدرة المواطنين على امتلاك مساكن.
وفيما يتعلق بالضغوط الأخرى التي يتعرض لها الاقتصاد المصري، أشار فؤاد إلى أن هناك تحديات سياسية تتعلق بتطورات الوضع في غزة، لكنه أكد أن الوضع الاقتصادي المصري يشهد تطورًا إيجابيًا في الوقت الحالي رغم تلك الضغوط.
أما الدكتور صلاح فهمي، الخبير الاقتصادي، يقول إنه رغم انخفاض التضخم بمعدل 0.6%، إلا أن هذا التراجع لا يعكس دائمًا تحسنًا ملموسًا في حياة المواطن، وأكد أنه من المهم تحري الدقة في حساب التضخم، دون استبعاد السلع الأكثر تقلبًا وكذلك السلع التي تحددها الدولة بشكل جبري، مثل بعض المواد المدعمة، لضمان نتائج أكثر واقعية في حسابات التضخم.
وأوضح أن العديد من السلع الأساسية، مثل الغذاء والمواصلات، ما زالت تشهد ارتفاعات مستمرة في الأسعار رغم التراجع الظاهر في المعدلات العامة للتضخم، وقال: "الناس لا تشعر بتراجع الأسعار لأن السلع الأساسية التي تؤثر على حياتهم اليومية، مثل أسعار المواصلات والمواد الغذائية والسكن والسيارات والمدارس، ما زالت في ارتفاع، وهذه هي السلع التي تحدد بشكل أساسي المعاناة الاقتصادية للمواطن".
وتابع فهمي: "رغم أن الدولار شهد انخفاضًا في البنوك، إلا أن الأسعار لم تتجاوب مع هذا الانخفاض كما هو متوقع، بل إن أسعار مختلف السلع لا تزال مرتفعة، وهو ما يزيد من الشعور بعدم التوازن في السوق."
وتطرق فهمي إلى اجتماع لجنة السياسات النقدية المقرر يوم الخميس المقبل، مؤكدًا أن تخفيض سعر الفائدة أصبح متوقعًا في ضوء تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية. وقال: “لقد مر ثلاثة أشهر منذ آخر تخفيض في سعر الفائدة، ومن الطبيعي الآن أن ينخفض سعر الفائدة مع استمرار انخفاض التضخم، لأن البنك المركزي يهدف إلى تحقيق استقرار التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي”.
وأضاف: "إذا استمرت أسعار الفائدة في الانخفاض، وانخفضت قيمة الدولار والتضخم في نفس الوقت، فهذا يعني أن السياسة النقدية تسير في الاتجاه الصحيح، وأن هناك تحسنًا اقتصاديًا حقيقيًا.
وفي ختام تصريحاته، أشار الدكتور صلاح فهمي إلى أن هناك مؤثرات سياسية قد تلعب دورًا في تشكيل الواقع الاقتصادي، لكنها لا يجب أن تؤثر في تحليل البيانات الاقتصادية بشكل غير دقيق، وأضاف: "الأرقام الاقتصادية هي التي تفرض نفسها في النهاية، وإذا كانت الأسعار ما زالت مرتفعة في حياة المواطن رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية، فهذا يعني أن هناك تحديات إضافية يجب معالجتها."