في صباح اليوم الأحد، وأثناء حضورها مهرجان لوكارنو السينمائي في سويسرا، أمتعت الممثلة البريطانية الشهيرة إيما تومسون، البالغة من العمر ٦٦ عامًا، الحضور بحكاية طريفة عن دعوة تلقتها من دونالد ترامب للمواعدة وتناول العشاء، بل والإقامة بأحد فنادقه.
يعود تاريخ الواقعة إلى العام ١٩٩٨، خلال تصوير فيلم "الألوان الأساسية"، وهو عمل كوميدي سياسي مستلهم من حملة بيل كلينتون الرئاسية عام ١٩٩٢.
وخلال المقابلة، التي سلطت عليها الضوء صحيفة "الإندبندنت"، لمعت عينا تومسون بالفكاهة وهي تمازح مضيفها التلفزيوني قائلةً إن موافقتها على تلك الدعوة كان يمكن أن "تعيد توجيه دفة التاريخ الأمريكي"، مستخدمة التورية للإيحاء بأن لقاءً عابرًا كان قد يرسم مسارًا مختلفًا للأحداث السياسية في الولايات المتحدة على مدى ٢٧ عامًا.
واستعادت تومسون، التي كانت تبلغ ٣٩ عامًا وقت الدعوة، ذكريات تلك اللحظة وهي في مقصورتها أثناء التصوير.
وفجأة، رن جرس هاتف المقصورة، وأعلن الصوت من الطرف الآخر: "مرحبًا، أنا دونالد ترامب".
ظنت تومسون أنها مزحة، فأجابت بلطف: "كيف يمكنني مساعدتك؟"، متصورة أن الرجل ربما ضل طريقه بالموقع ويريد توجيهًا، لكن ترامب، البالغ ٥٢ عامًا حينها، فاجأها بعرض جريء: "أود أن تستمتعي بالإقامة في إحدى فنادقي الفاخرة، وربما نتناول العشاء معًا".
ووصفت تومسون إحساسها حول ذلك الاتصال بأنه كان يشبه "مطاردة خفية"، مشيرة إلى أن ترامب نجح بطريقة ما في الحصول على رقم مقصورتها الخاصة.
واكتشفت لاحقًا أن هذه اللحظة تزامنت مع اليوم الذي انتهت فيه إجراءات طلاقها من زوجها الأول، الممثل كينيث براناه، بعد زواج استمر ٦ سنوات من عام ١٩٨٩ إلى ١٩٩٥، مما أضفى على الموقف طابعًا دراميًا يليق بمشهد سينمائي.
حافظت تومسون على رباطة جأشها، فأجابت ترامب بضحكات خفيفة سمعها عبر الهاتف: "حسنًا، سأفكر في الأمر! شكرًا على الاتصال". لم تقبل الدعوة، ولكن القصة ظلت محفورة في ذاكرتها. في عام ٢٠١٧، أعادت سرد الحكاية خلال مقابلة مع المذيع السويدي فريدريك سكافلان، الذي ألقى دعابة: "كنتِ ستصبحين السيدة الأولى، أو ربما أوقفتِ مسيرته!"، في إشارة إلى صعود ترامب السياسي الذي تبلور عام ٢٠١٥.
وفي تلك المقابلة، التي جرت قبل ٨ سنوات من حديثها في لوكارنو، أكدت تومسون أنها لم تلتقِ ترامب وجهًا لوجه. وفي عام ٢٠٢٥، أعادت إحياء القصة بنفس الروح المرحة، قائلة: "كنت سأكون كالريح التي تعيد توجيه سفينة التاريخ!"، مستخدمة التورية لتصف تأثير قرارها البسيط بطريقة تجمع بين الفكاهة والتأمل.
في عام ١٩٩٨، كانت تومسون تمر بلحظة مفصلية في حياتها. بعد طلاقها من كينيث براناه، التقت بالممثل جريج وايز عام ١٩٩٥ أثناء تصوير فيلم "عقل وإحساس".
ارتبط الثنائي برباط الزواج عام ٢٠٠٣، واستمر زواجهما لمدة ٢٢ عامًا حتى الآن (حتى أغسطس ٢٠٢٥).
وأنجبت تومسون ابنة تُدعى غايا عام ١٩٩٩، وتبنت لاحقًا شابًا روانديًا يُدعى تيندي عام ٢٠٠٣.
تُعرف تومسون بروحها الفكاهية وصراحتها، وهي صفات برزت في وصفها لترامب بأنه "صياد لحظات" يبحث عن "قلوب متاحة" في أوقات انتقالية، مستخدمة تعبيرًا غير مباشر يحمل نكهة السخرية.
في فبراير ٢٠٢٥، تحدثت تومسون خلال عرض في لندن لفيلمها "حظًا سعيدًا، ليو جراند"، الذي صدر عام ٢٠٢٢، عن أهمية استكشاف الذات والعلاقات الإنسانية والرومناسية كعنصر أساسي للرفاهية.
لعبت في الفيلم دور امرأة في الخامسة والخمسين تبحث عن تجارب جديدة بعد سنوات من الفقدان، مقدمةً أداءً أثار نقاشات حول الحياة الشخصية.
مازحت قائلة إن هذه التجارب الرومانسية يجب أن تكون "وصفة سحرية" ضمن خدمات الرعاية الصحية الوطنية، مؤكدة أن العلاقات الإنسانية هي "نبض الحياة" الذي يعزز الصحة والبهجة.
إيما تومسون، الحائزة على جائزتي أوسكار – الأولى عن التمثيل في "نهاية هوارد" عام ١٩٩٢، والثانية عن كتابة سيناريو "عقل وإحساس" عام ١٩٩٥ – تُعد رمزًا سينمائيًا بمسيرة تمتد لأكثر من ٤٠ عامًا.
أدوارها في أفلام مثل "حقًا حب"، الذي عُرض لأول مرة في نيويورك يوم ١٥ نوفمبر ٢٠٠٣، و"ناني ماكفي" عام ٢٠٠٥، عززت مكانتها كممثلة متعددة المواهب. قصتها مع ترامب، التي روتها مرتين خلال ٨ سنوات (٢٠١٧ و٢٠٢٥)، تُظهر قدرتها على نسج الحكايات بذكاء، حيث حولت لحظة شخصية إلى نقاش يمزج الفكاهة بالتأمل في تقاطع لافت بين عالمي الفن والسياسة.
وقالت الصحيفة البريطانية إن قصة إيما تومسون مع دونالد ترامب ليست مجرد حكاية عابرة، بل لوحة تجمع بين السخرية والتأمل. باستخدام تعبيرات مثل "إعادة توجيه سفينة التاريخ"، حولت تومسون لحظة شخصية إلى نقاش حول تأثير القرارات الصغيرة.
ولفتت إلى أن ترامب، الذي شغل منصب الرئيس الأمريكي الـ٤٥ بين عامي ٢٠١٧ و٢٠٢١، يظل شخصية مثيرة للجدل، وتعليقات تومسون تضيف طبقة ساخرة لهذا السياق.
تبقى هذه الحكاية دليلًا على براعة تومسون في نسج القصص، حيث وجهت ضحكات الجمهور نحو تأملات أعمق حول الفن، السياسة، و"ما كان يمكن أن يحدث".