سوريا، الدولة المحورية للأمن القومي المصري والتي كانت يومًا ما الشق الشمالي للجمهورية العربية المتحدة، والتي خاضت معنا معركة السادس من أكتوبر ١٩٧٣، أصبحت اليوم دولة ممزقة بين الطائفية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وأصبحت القيادة السورية واقعة بين المطرقة والسندان. فرغم دعم البلدان العربية في الخليج وتركيا، إلا أن الأمور ما تكاد تهدأ حتي تشتعل من جديد. فشمال شرق سوريا يسيطر عليه الأكراد وكانت تحميه أمريكا، وحالياً، تحاول تركيا جاهدةً دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في النظام السوري الجديد. والساحل الغربي السوري يسيطر على جزء منه العلويون، طائفة نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وكان هذا الجزء مدعوماً من إيران وحزب الله. وجنوب البلاد يقطنه غالبية من الطائفة الدرزية، وتزعم إسرائيل حمايتهم.
وضع هش
خلال الأسبوع الماضي، اشتعل الوضع الهش في جنوب سوريا وخاصة في محافظة السويداء التي شهدت مواجهات دامية بين عشائر وفصائل محلية أسفرت عن مقتل أكثر من ٣٠٠ شخص. عقب ذلك تدخلت القوات السورية بهدف الإشراف على وقف لإطلاق النار تم الاتفاق عليه مع وجهاء وأعيان المدينة.
إسرائيل من جانبها لم تفوت الفرصة وقامت بشن غارات قوية على دمشق، واستهدفت مجمع وزارة الدفاع والقصر الرئاسي، كما نفذت ضربات في السويداء ومناطق أخرى. العدوان الإسرائيلي جاء بحجة أن الجيش السوري قد خالف التفاهم والتنسيق الذي كان يقضي بعدم إدخال الأسلحة الثقيلة. أي أن إسرائيل قد أصبحت الآمر الناهي في الجنوب السوري، كما فعلت سابقاً في الجنوب اللبناني.
أمريكا من جانبها أعلنت أنها لم توافق على العدوان الإسرائيلي، وأنها تعمل على إنجاح الشرع في توحيد الطوائف السورية، منذ المقابلة التي تمت بين الشرع وترامب بوساطه سعودية.
العدوان الإسرائيلي أثار حفيظة البلدان العربية وتركيا، حيث تحركت مصر وتركيا ودول الخليج العربي والأردن، والعراق، ولبنان (١١ دولة)، وأصدرت بياناً مشتركاً أكدت فيه دعم استقرار سوريا ووحدتها وسيادتها علي كامل أراضيها، ورفضت كل التدخلات الخارجية فى شئونها.
تدخلات إسرائيل
وفى خطاب وجهه الشرع إلى السوريين، اتهم الرئيس السورى الانتقالى إسرائيل بالسعي إلى تحويل سوريا إلى ساحة فوضى. وذكر في لغة مختلفة عما اعتاد عليه، أن الكيان الإسرائيلى يعمل دائماً على استهداف استقرار سوريا وخلق الفتن بين طوائفها وتحويلها إلى ساحة فوضى لا تنتهي.
ماحدث في السويداء، يمكن أن يتكرر في كل أنحاء سوريا، وعدوان إسرائيل ليس الأول ولن يكون الأخير، فإسرائيل تخطط لكي يكون جنوب سوريا منطقة نفوذ لها. وتركيا ودول الخليج العربي تحاول أن تدعم سلطة أحمد الشرع لأسباب أيديولوجية وسياسية معروفة للجميع. ودول الجوار السوري (الأردن والعراق ولبنان) تدرك أن نيران سوريا سوف تمتد لتصل إليها. أما موقف مصر من أحداث سوريا فهو موقف ثابت وداعم للشعب السوري الشقيق. موقف مصر دائماً هو حماية سوريا والحفاظ علي وحدة وسلامة أراضيها، بصرف النظر عن الإدارة التي تحكم. مصر والتي عانت كثيراً من الإرهاب تعمل دائماً على استقرار الدول العربية. تحركات مصر دائماً كانت لنصرة الدولة السورية، وحماية الأمن القومي العربي، والوقوف بجانب الأشقاء في جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج. هذا قدر مصر على مر التاريخ، تقدم العون والدعم والمساندة دون انتظار لرد الجميل، ودون حساب المكسب والخسارة، إنها مصر صمام الأمن والأمان لكل العرب.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل مكروه وسوء.
*رئيس جامعة حورس