فى إطار التعاون المثمر بين وزارة الثقافة المصرية ووزارة الشباب والرياضة، وتحت رعايتهما
انطلقت مساء اليوم الاحد فعاليات النسخة السادسة من الملتقى الأثري المصري بمكتبة القاهرة الكبرى، حيث بدأ الحدث بافتتاح معرض “كنوز مصرية” للفنان هشام توحيد، وذلك بحضور نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الثقافي والأثري.
شارك في افتتاح المعرض الكاتب يحيى رياض يوسف – مدير مكتبة القاهرة الكبرى، والدكتور خالد سعد – الخبير الأثري ومدير إدارة آثار ما قبل التاريخ بوزارة السياحة والآثار، والدكتور جلال معوض – مدير عام الإدارة المركزية للتوثيق الأثري، إلى جانب الكاتب عبد الله نور الدين – مسئول النشاط الثقافي بالمكتبة.
وشهد الافتتاح حضورا لافت من الشباب والمثقفين والفنانين، وسط أجواء من التفاعل والحوار الثقافي المثمر.
بدأت الجلسة الافتتاحية بعزف السلام الجمهوري، أعقبه كلمة الكاتب يحيى رياض يوسف مدير مكتبة القاهره قائلا عن أهمية دمج الفنون والأثار في الوعي الجمعي منذ النشأة باعتبارهما أدوات مقاومة للفكر المتطرف، مشير إلى استراتيجية وزارة الثقافة في الحفاظ على الهوية المصرية من خلال دعم مثل هذه المبادرات.
ومن جانبه، وجه الأستاذ محمد أشرف – رئيس ومؤسس مبادرة كنوز الـ27 – الشكر والتقدير لمعالي وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، ، على دعمه المتواصل للمبادرة منذ انطلاقها، وجهه الشكروالدكتور أحمد هنو وزير الثقافة مؤكد أن لولا ظروفهما الخاصة لكان بين الحضور في هذا اليوم المميز، الذي عكس حماس الشباب وحرصهم على المشاركة في فعاليات الملتقى.
كما ألقى الكاتب عبد الله نور الدين كلمة استعرض خلالها تاريخ قصر الأميرة سميحة وتحوله إلى مكتبة القاهرة الكبرى عام 1995، مؤكد أن الملتقى الأثري بات من أبرز أولويات المكتبة التي تسعى إلى دمج الفنون والمعرفة في خدمة المجتمع.
ثم تحدث الفنان هشام توحيد عن معرضه قائلاً:
“نطل على وجه مصر المكنون بعدسة عاشقة للتفاصيل، لنكشف عن كنوزها المخفية في العمارة والملامح والضوء. إنها دعوة للتأمل في الجمال الصامت للأماكن والموروث والبشر كما لم تُرَ من قبل. هنا تتلاقى الصورة مع الذاكرة، لنوثق لحظة ونحفظ هوية.”
وشدد على أهمية وجود صورة فوتوغرافية للأثر قبل الترميم، لضمان الحفاظ على أصالته عند ترميمه.
وفي ختام الكلمات، أكدت الدكتورة ياسمين حسين – رئيس مجلس إدارة مؤسسة “إيجيبتوس” – أن هدف المؤسسة هو توعية الطالب، حتى وإن لم يكن متخصص في الأثار
مشددة على أهمية إشراك جميع الفئات في ورش عمل علمية وعملية مثل ماتقوم بها من ورشة الفخار وغيرها. ووجهت الشكر لوزارتي الشباب والثقافة، ولزميلها محمد أشرف مؤسس “كنوز 27″، على جهودهم ودعمهم المستمر.
عقب الكلمات الافتتاحية، انطلقت الجلسة الحوارية الأولى ضمن فعاليات النسخة السادسة من الملتقى الأثري المصري، والتي جاءت بعنوان “دور الشباب في حفظ التراث”، حيث أدار الحوار المهندسة نبيلة هاشم – سفيرة مبادرة “كنوز 27” – التي استهلت كلمتها بتأكيد عُمق العلاقة بين التراث والهوية، قائلة:
“في زمن تتسارع فيه التغيرات، وتتصاعد فيه التحديات، يظل التراث – المادي منه والمعنوي – هو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، ويصنع معالم المستقبل. ومصر، بتاريخها الممتد عبر آلاف السنين، وبما تزخر به من حضارات متعاقبة، تحمل كنوزًا لا تقدّر بثمن، تُحفظ ليس فقط بالحجارة والوثائق، بل بالوعي. وهنا يبرز دور الشباب.. فهم ليسوا فقط مستقبل الأمة، بل هم حُرّاس الذاكرة وورثة الحضارة.”
وتتابعت الجلسة بحضور ومشاركة عدد من الضيوف المتخصصين، من بينهم الدكتور خالد سعد – الخبير الأثري، والدكتور جلال معوض – مدير عام التوثيق الأثري، والأستاذ محمد أشرف – مؤسس ورئيس مبادرة “كنوز 27″، حيث دار الحوار حول قضايا متعددة تمس جوهر الحفاظ على التراث والهوية.
تطرق النقاش إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الشباب في حماية التراث الثقافي سواء من خلال المبادرات المجتمعية أو الوعي الفردي، إلى جانب التأكيد على أن الحفاظ على الهوية لا يقتصر على المؤسسات الرسمية، بل يبدأ من إدراك الأفراد لقيمة ما يملكون من تاريخ.
كما ناقش الحضور كيف تسهم التكنولوجيا الحديثة في توثيق وحماية التراث، من خلال أدوات مثل الواقع الافتراضي، والتصوير ثلاثي الأبعاد، ومنصات التوثيق الرقمي، مؤكدين أن الاستخدام الذكي للتقنيات الحديثة قد يُحدث نقلة نوعية في حماية كنوز الماضي للأجيال القادمة.
واستعرض الحوار كذلك أوجه التعاون الدولي في ملف التراث، خاصة في ظل ما تتعرض له بعض المواقع الأثرية من مخاطر، سواء بفعل عوامل الزمن أو الصراعات، مشددين على أهمية بناء جسور تواصل مع المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني.
ولم تغفل الجلسة الحديث عن التحديات التي تواجه جهود الحفاظ على التراث، ومنها قلة الوعي المجتمعي فضلا عن الحاجة إلى تعزيز دور الإعلام في التوعية الثقافية، وربط المواطن بتراثه بشكل حيوى وبسيط
واختتمت الجلسة بتوصيات ركزت على أهمية إدماج الشباب في العمل الأثري والمجتمعي، وتوفير منصات حقيقية لهم للتعبير والمشاركة، لأنهم، كما وصفهم المتحدثون، “الطاقة التي تبقي الذاكرة حية.
بعد ذلك، تتابعت فقرات ملتقى كنوز 27 الشبابي، تحت شعار “احكي حكايتك”، حيث قدم عدد من شباب المبادرة، من بينهم منة الله رضوان، ونورهان أدهم، ودعاء ياسر، وامال عادل، شهاداتهم الشخصية وتجاربهم في العمل الميداني الثقافي والتراثي، في عروض مؤثرة ربطت الحكاية بالتاريخ والانتماء بالهوية.
ثم قدمت فقرة خاصة بعنوان “مكتبة الشباب – كنوز 27” قدمها أحمد سامي، تناولت كيفية تفعيل دور المكتبات العامة في دعم الوعي الأثري لدى الشباب.
واختتمت فعاليات اليوم الأول من الملتقى بتوزيع جوائز المسابقة الثقافية، التي قدمتها كل من رضوى عبد الرحمن ودنيا شعبان، قبل أن تلتقط الصور التذكارية لتوثيق هذا الحدث الثقافي الذي جمع بين الفكر والتراث وبين الأمل والتاريخ.