أكدت دراسة ماجستير حديثة على ضرورة تأطير عمل المؤثرين ضمن المنظومة الإعلامية الرسمية، وتأتي هذه التوصية الأولى من بين عدة توصيات قدمتها الدراسة التي هدفت إلى تحليل دور المؤثرين في معالجة المضامين البيئية وتأثيرهم على الجمهور، لا سيما فئة الشباب، هذا التنظيم المقترح يستهدف استحداث جهة في الهيئات الإعلامية للإشراف على مقدمي المحتوى الرقمي بمواقع التواصل الاجتماعي، لضمان التزامهم بأخلاقيات المهنة وتوظيف تأثيرهم بشكل إيجابي ومسؤول.
وأوضح الباحث محمود أبو حبيب، في دراسته، التي جاءت بعنوان: "تناول المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي لقضايا البيئة وعلاقته بمعارف واتجاهات الشباب نحوها"، والتي نال عليها درجه الماجستير من كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية، مع التوصية بالطبع والتداول بين الجامعات والمراكز البحثية، أن هذه الجهة المقترحة يمكنها أن تتولى مهام متعددة، منها وضع المعايير والأخلاقيات الملزمة، وإنشاء سجل رسمي للمؤثرين، وتقديم الدعم اللازم لهم لتسهيل تعاونهم مع المؤسسات الرسمية في تبني قضايا وطنية ومجتمعية، مبينا أن هذا الإطار التنظيمي سيساهم في تقديم محتوى هادف وموثوق يعزز الوعي والمعرفة.
كما بينت الدراسة، في شقيها التحليلي والميداني، العديد من النتائج التي دعمت الحاجة إلى هذه التوصية، فقد كشفت النتائج التحليلية أن المؤثرين يعتمدون على استراتيجية الدمج بين الاستمالات العاطفية والعقلية، وأن مقاطع الفيديو هي الأكثر استخدامًا في المحتوى البيئي للمؤثرين، وأنهم يستخدمون مزيجًا من اللغة العلمية والبسيطة لتبسيط المفاهيم البيئية المعقدة، مع تنوع أهدافهم بين التوعية والتحذير وتوجيه الرأي العام، وهذه الممارسات الرقمية من قبل المؤثرين تؤكد على الدور المحوري للمؤثرين، ولكنها في الوقت ذاته تستلزم تنظيمًا لضمان المصداقية والدقة.
كما كشفت النتائج الميدانية للدراسة، عن معدل متابعة مرتفع لمحتوى المؤثرين بين الشباب، حيث يتابع أغلبهم المحتوى من ثلاثة إلى خمسة أيام أسبوعيًا، ويقضون ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات يوميًا في المتابعة، مع تفضيل فيسبوك ويوتيوب، هذا المعدل المرتفع يشير إلى اهتمام الشباب المتزايد بالقضايا التي يطرحها المؤثرون، كما أكدت النتائج أيضًا على أن الدوافع النفعية هي الأبرز لمتابعة الشباب للمحتوى البيئي للمؤثرين، وأن المعلومات التي يقدمها المؤثرون له تأثير إيجابي على معارف الشباب ووعيهم، كما تساهم في تغيير سلوكياتهم، لا سيما في الممارسات البيئية البسيطة.
وذكر الباحث في ختام دراسته على أن التوصية بتنظيم عمل المؤثرين ليست قيدًا على حريتهم، بل هي خطوة استباقية لتعزيز دورهم الإيجابي في المجتمع، وضمان استمرار تأثيرهم الفعال في تشكيل الوعي العام والمعرفة، هذا التنظيم سيسهم في رفع مستوى جودة المحتوى الرقمي، ويحميه من أي ممارسات قد تضر بالمصلحة العامة، مما يعود بالنفع على المؤثرين أنفسهم وعلى الجمهور الذي يعتمد عليهم كمصدر للمعلومات.





