كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "برتلسمان" الألمانية أن منصتي "إنستغرام" و"تيك توك" أصبحتا المصدرين الأبرز للمحتوى السياسي بين فئة الشباب في ألمانيا، متجاوزتين بذلك القنوات التقليدية مثل الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام المطبوعة والمرئية.
واستندت الدراسة إلى تحليل 31 ألف مقطع فيديو قصير منشور على المنصتين، إلى جانب استطلاع للرأي شمل 1748 شابًا تتراوح أعمارهم بين 16 و27 عامًا، بهدف فهم كيفية استهلاك الجيل الجديد للمحتوى السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
الخوارزميات تفرض المحتوى
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن نصف الشباب تقريبًا يطّلعون على المحتوى السياسي من خلال موجزات تُحددها الخوارزميات، في حين يتابع 38% حسابات لأحزاب وسياسيين، ويتابع نحو 60% مؤثرين يقدمون محتوى سياسيًا.
وبيّن التحليل أن 70% من الفيديوهات تتعلق بالترويج الذاتي للفاعلين، بينما احتوى 35% منها على هجمات لفظية ضد الخصوم السياسيين. وقد ظهر الترويج الذاتي بشكل أوضح على "إنستغرام"، بينما كانت الهجمات أكثر حضورًا على "تيك توك".
أكثر الأحزاب عدوانية... والأكثر تحفظًا
تصدر حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي قائمة المحتوى الهجومي بنسبة 73% من فيديوهاته، يليه "تحالف سارا فاجنكنشت" بنسبة 60%، ثم حزب اليسار بـ48%. في المقابل، جاءت أحزاب مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب "فولت" في مقدمة الجهات التي ركزت على الترويج الذاتي بنسبة بلغت نحو 90%.
وأشارت الدراسة إلى أن المحتوى العدواني يحظى بنسبة مشاهدة أعلى بنحو 40% مقارنةً بمقاطع الترويج الذاتي، إلا أن كثيرًا من الشباب أبدوا انزعاجهم من حدة الخطاب المستخدم في هذه المقاطع.
الهجرة في الصدارة.. والرقص خارج الحسابات
خلال الفترة من يونيو إلى ديسمبر 2024، تصدرت قضايا الهجرة اهتمامات الشباب على المنصتين، في حين تراجع التفاعل مع مواضيع البيئة والتعليم والسياسات الاجتماعية.
ورغم أن 50% من المشاركين أبدوا رغبتهم في مزيد من الأرقام والإحصاءات، فإن الفيديوهات التي تضمنت رسومًا بيانية كانت أقل انتشارًا. وقد استخدم هذا النمط بشكل أكبر من قِبل حزب الخضر، وحزب اليسار، وحزب فولت.
في المقابل، قلّ استخدام هذه الوسائل البصرية لدى الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر.
أما مقاطع الفيديو التي تضمنّت رقصًا، والتي لم تتجاوز 2% من إجمالي المحتوى السياسي، فأثبتت الدراسة أنها تساهم في تقليل الانتشار.
السيلفي والأسلوب البسيط يجذبان الشباب
لفتت الدراسة إلى أن المؤثرين السياسيين اعتمدوا على أسلوب تصوير "السيلفي" في نحو نصف فيديوهاتهم، بينما استخدمه السياسيون بنسبة لا تتعدى 13%، وهو ما يعكس الفجوة في أساليب التواصل بين الطرفين.
وأكّدت النتائج أن الشباب يُفضلون المحتوى البسيط والمباشر، عالي الجودة، الخالي من العيوب التقنية، مع لغة مفهومة ورسائل واضحة وصادقة. كما أن الفيديوهات ذات الصوت النقي والتصوير الاحترافي تحقّق رواجًا أعلى.
عن الدراسة
حملت الدراسة عنوان "كيفية بيع الديمقراطية عبر الإنترنت"، ونفذتها مؤسسة "برتلسمان" بالتعاون مع "المركز التقدمي" وبدعم من مؤسسة "ميركاتور". وقد قام فريق بحثي من "جامعة يوهانس غوتنبرغ" في ماينتس بتحليل 1976 حسابًا سياسيًا على المنصات الاجتماعية، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.