تُعد النباتات حجر الأساس في معظم الأنظمة البيئية، فهي تقع في أدنى السلاسل الغذائية وتُنتج الأكسجين اللازم للتنفس، وهذا العالم الصامت يتميز بتنوع هائل، يمتد من الطحالب المجهرية التي لا تُرى بالعين المجردة إلى الأشجار العملاقة مثل السيكويا الحمراء، التي تُعتبر من أضخم الكائنات على سطح الأرض.
التنوع والانتشار
وفقا لـ livescience استطاعت النباتات أن تفرض حضورها في كل بقاع الكوكب تقريبًا؛ من الصحارى الجافة، مرورًا بالسواحل المالحة والغابات المطرية، وصولًا إلى القطب الجنوبي وأعماق البحار. وتشير التقديرات العلمية إلى أن عدد الأنواع النباتية المعروفة يبلغ نحو 390 ألف نوع.
ويرجع اللون الأخضر للنباتات إلى صبغة الكلوروفيل، التي تمتص الأشعة الحمراء والزرقاء وتعكس اللون الأخضر. إلا أن هذا ليس هو اللون الوحيد، إذ تملك بعض النباتات صبغات أخرى مثل الأنثوسيانين (الذي يمنح ألوانًا حمراء وبنفسجية) والكاروتينويدات والزانثوفيلات (التي تُظهر الأصفر والبرتقالي). ومع حلول فصل الخريف، يتلاشى الكلوروفيل، فتنكشف الألوان الأخرى الكامنة في الأوراق.
كيف تتغذى النباتات؟
الغذاء بالنسبة للنباتات يعتمد بالأساس على عملية التمثيل الضوئي. داخل البلاستيدات الخضراء، يستخدم الكلوروفيل ضوء الشمس لتفكيك جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين وإلكترونات. يُطلق الأكسجين في الهواء، بينما يتحد الهيدروجين والإلكترونات مع ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الجلوكوز. هذا السكر يمثل مصدر الطاقة للنبات، ويمكن تخزينه في صورة نشاء أو استخدامه في بناء جدران الخلايا من السليلوز.
لكن ليست كل النباتات قادرة على التمثيل الضوئي، إذ تفتقر بعض الأنواع إلى الكلوروفيل كليًا، خاصة تلك التي تنمو في بيئات مظلمة أو فقيرة بالمواد الغذائية. هذه الأنواع تلجأ إلى امتصاص المواد العضوية المتحللة من محيطها، أو تعتمد على سرقة الغذاء من نباتات أخرى.
التكاثر: بين التلقيح والاستنساخ
يمتلك النبات طرقًا متعددة للتكاثر؛ بعضها جنسي يعتمد على انتقال حبوب اللقاح من الأعضاء الذكرية إلى الأنثوية بمساعدة الرياح أو الماء أو الملقِّحات مثل النحل والفراشات. ينتج عن هذه العملية بذور تحمل الصفات الوراثية من كلا الأبوين.
في المقابل، تلجأ نباتات أخرى إلى التكاثر اللاجنسي، حيث تنتج نسخة مطابقة تمامًا من نفسها، وهي عملية تُعرف بالاستنساخ الطبيعي.
هل يمكن اعتبار النباتات كائنات “واعية”؟
على الرغم من افتقار النباتات لجهاز عصبي أو دماغ، فإنها قادرة على الاستجابة بطرق مدهشة للمؤثرات الخارجية. فهي لا “تشعر بالألم” بالمعنى الحيواني للكلمة، لكنها تطلق إشارات كهربائية عند تعرضها للإجهاد أو الضرر. هذه الإشارات تنتقل عبر أنسجتها وقد تؤدي إلى إفراز مواد تجعلها غير صالحة للأكل، أو إرسال مركبات كيميائية لتحذير النباتات المجاورة من الأخطار.
أمثلة على ذلك: مصيدة فينوس التي تُطبق أوراقها بسرعة على الحشرات إذا لامستها مرتين خلال نصف دقيقة، ونبتة الميموزا الحساسة التي تطوي أوراقها عند لمسها. المثير أن تجارب علمية أثبتت أن الميموزا قادرة على “تذكر” المنبهات غير الضارة وتتوقف عن التفاعل معها لأسابيع.
أمراض النباتات: السرطان النباتي
النباتات قد تُصاب بما يشبه السرطان عند الإنسان، لكن بآلية مختلفة. فجدران الخلايا الصلبة تمنع انتشار الخلايا الشاذة، كما يمكن للنبات عزل الأنسجة التالفة والتجدد دون أن يتأثر باقي الجسد.
أشهر مثال هو ما يُعرف بـ الدرنة التاجية، وهو ورم ينشأ بسبب بكتيريا Agrobacterium tumefaciens. تدخل هذه البكتيريا عبر الجروح إلى أنسجة النبات، ثم تُحقن مادتها الوراثية داخل الخلايا، ما يؤدي إلى انقسامها بشكل غير طبيعي وتكوين أورام واضحة.
بهذا يتضح أن عالم النباتات ليس مجرد “خضرة” صامتة، بل شبكة حية مليئة بالأسرار والقدرات التي تثير دهشة العلماء وتدفع إلى إعادة التفكير في حدود الحياة والوعي على كوكبنا.