قد تمهّد طاقة الرياح البحرية العائمة لخفض انبعاثات قطاع الكهرباء في إندونيسيا، الذي يعتمد على محطات التوليد العاملة بالفحم.
وبحسب مقال حديث طالعته منصة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ما تزال إندونيسيا تعتمد على الوقود الأحفوري، حتى في الوقت الذي تتحدث فيه جاكرتا عن الحاجة إلى المزيد من الطاقة المتجددة لخفض انبعاثات قطاع الكهرباء.
وتمثّل طاقة الرياح البحرية العائمة الحل الذي طالما بحث عنه صانعو السياسات وشركات الطاقة، وسيتطلب الأمر إرادة سياسية وعزيمة لإحداث هذا التحول.
وعلى الرغم من انخفاض الانبعاثات من الطاقة المتجددة، بما في ذلك مزارع الرياح العائمة، ما يزال الفحم يُغذّي نصف شبكة الكهرباء في جنوب شرق آسيا.
انبعاثات قطاع الكهرباء في جنوب شرق آسيا
يُنتج الفحم نحو 80% من انبعاثات قطاع الكهرباء في جنوب شرق آسيا، ولا تعتمد أيّ دولة في المنطقة على الفحم أكثر من إندونيسيا، أكبر اقتصاد في المنطقة.
ويرى خبير أسواق الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تيم دايس، أن الجغرافيا نفسها التي تجعل هذه الدولة الأرخبيلية تعتمد بشدة على الفحم، قد تكون مفتاح التخلص التدريجي منه.
وأوضح دايس أنه يمكن لمزارع الرياح البحرية العائمة، الراسية في المياه العميقة قبالة جاوة ونوسا تينغارا وسولاويزي، أن تمنح إندونيسيا مسارًا جديدًا لتوليد الكهرباء بشكل موثوق دون قيود الأراضي التي تُعقّد مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية.
تجدر الإشارة إلى أن مزرعة الرياح العائمة هي في الأساس توربين رياح بحري مثبت على منصة عائمة، بدلًا من قاع البحر نفسه.

توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة
قال خبير أسواق الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تيم دايس: "بالنسبة لدولة تتعهد بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، فإن السؤال المطروح ليس ما إذا كان ينبغي تنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن الفحم، وإنما ما إذا كان بالإمكان استعمال الأدوات المناسبة بالسرعة الكافية".

وحسبما صرّح وزير الطاقة الإندونيسي، عارفين تصريف، للوفود المشاركة في قمة المناخ كوب 26، "يتطلب الانتقال إلى الحياد الكربوني بنية تحتية للطاقة وتكنولوجيا وتمويلًا".
وأضاف الوزير، "مع تحسين البنية التحتية، مثل ربط الشبكات، ستتاح لإندونيسيا الفرصة لتحسين استعمال الطاقة الجديدة والمتجددة".
وأكد تيم دايس "أن طاقة الرياح العائمة ليست حلًا حصريًا، بل قد تكون السبيل الوحيد للاستفادة من إمكانات الرياح الهائلة في إندونيسيا على نطاق واسع".
وفرة طاقة الرياح
بما أن إندونيسيا تتكون من نحو 17,500 جزيرة، فإنها لا تعاني من نقصٍ في إمكانات طاقة الرياح.
وقد أشارت التقييمات المدعومة من الحكومة، مؤخرًا، إلى أن إمكانات طاقة الرياح في البلاد تبلغ نحو 155 غيغاواط، مقارنةً بقاعدةٍ مُثبتة تبلغ 0.16 غيغاواط فقط.
وقال خبير أسواق الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تيم دايس: "إن حجم الفجوة بين طاقة الرياح البحرية المُحتملة والتطوير الحالي مُذهل".
وأضاف "يُفسر قياس الأعماق -وهو قياس عمق المياه في أماكن مُختلفة من المسطح المائي- السبب".
وأردف: "بعد أكثر من 50 مترًا، تنخفض قيعان البحار حول جاوة ومعظم أرخبيل إندونيسيا بشكل حادّ للغاية بالنسبة للتوربينات ذات القاع الثابت".
وتقع أقوى موارد الرياح بعيدًا عن الشاطئ، في مياه أعمق بكثير مما تستطيع الأساسات التقليدية تحمُّله.
وصُمِّمَت هذه الأنواع من التوربينات العائمة (العمودية، أو شبه الغاطسة، أو الساق المشدودة) لتتناسب مع هذه الظروف على وجه التحديد، ولهذا السبب حددت دراسة أجراها مركز الطاقة التابع لرابطة دول جنوب شرق 10 مناطق ساحلية بصفتها مناسبة لتطوير طاقة الرياح البحرية العائمة.
توربينات الرياح العائمة في إندونيسيا
على عكس محطات الطاقة الشمسية التي تستهلك كميات كبيرة من الأراضي أو مشروعات الرياح البرية المتنازَع عليها، تمنع توربينات الرياح العائمة مشكلات الاستحواذ على الأراضي المزمنة في إندونيسيا.
ويمكن نشر هذه التوربينات في المياه الساحلية العميقة بالقرب من مراكز الطلب مثل جاوة وبالي، مع ربطها مباشرةً بشبكات الكهرباء الحضرية.
وتتمتع بحار إندونيسيا بالحجم والجغرافيا والتوقيت المناسبين اللذين يُمكن أن يُحوّلا طاقة الرياح العائمة من مجرد تجربة إلى أحد مصادر الكهرباء الرئيسة.
عوامل النجاح أو الفشل
لإندونيسيا سجلّ حافل في تعثُّر مشروعات الطاقة بسبب البيروقراطية، فإصدار التراخيص بطيء، وعمليات الشراء ما تزال غير مؤكدة، وإجراءات الربط بالشبكة غالبًا ما تكون غامضة.
ولسنوات، انسحب المستثمرون الأجانب، آخذين أموالهم معهم، وفق تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقد خفضت إندونيسيا الحدّ الأدنى لمتطلبات المحتوى المحلي المُجمّع (سواءً السلع أو الخدمات) لمحطات طاقة الرياح إلى نحو 15%.
ويُتيح هذا التحول مرونةً في استعمال المكونات المستوردة حيث ما تزال سلاسل التوريد المحلية بحاجة إلى التطوير، وهذا أمر بالغ الأهمية للمشروعات التجريبية أو الممولة من الخارج.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..