يبدو أن صادرات الغاز المسال الأميركي تترقب انتعاشة من "أهم أسواقها"، وهو هدف يسعى إليه رئيس البلاد دونالد ترمب ضمن سياسته الرامية لهيمنة الطاقة الأميركية.
ومن المتوقع أن يُبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات جديدة قريبًا تستمر على مدار عقود لشراء الغاز الطبيعي المسال من أميركا، بعد الاتفاق مع إدارة ترمب على شراء منتجات طاقة بقيمة 750 مليار دولار في يوليو/تموز (2025).
والولايات المتحدة هي أكبر مصدّري الغاز المسال في العالم وإلى الاتحاد الأوروبي، وارتفعت صادراتها إلى الكتلة في النصف الأول من هذا العام بنسبة 42%، بحسب أحدث البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وخلال شهر أغسطس/آب المنقضي، ارتفعت صادرات الغاز المسال الأميركي لتسجل أعلى مستوى على الإطلاق عند 8.9 مليون طن بالتزامن مع انتعاشة داخل الصناعة.
صادرات الغاز المسال الأميركي إلى الاتحاد الأوروبي
توقَّع مسؤول بارز بشركة إكسون موبيل أن ترتفع صادرات الغاز المسال الأميركي إلى الاتحاد الأوروبي خلال المدة المقبلة.
وأوضح نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الغاز المسال بالشركة الأميركية بيتر كلارك أن أوروبا هي أهم أسواق الغاز المسال الأميركي، وستكون "الخطوة المقبلة أن تعرف كيف تدعم العقود على المدى الطويل".

وفي يوليو/تموز (2025)، تعهَّد الاتحاد الأوروبي بشراء نفط وغاز مسال وتقنيات نووية أميركية بقيمة 250 مليار دولار سنويًا على مدار 3 سنوات مقبلة، ضمن اتفاق تجاري مشترك لتخفيف وطأة الرسوم الجمركية على الكتلة التي تضم 27 دولة أوروبية.
وعلاوة على ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغوطًا أخرى على الاتحاد الأوروبي، عندما طالبَ وزير الطاقة الأميركي كريس وايت يوم الإثنين (8 سبتمبر/أيلول) بالتوقف الكامل عن شراء الغاز الروسي في مقابل تشديد العقوبات على روسيا.
وخلال النصف الأول من عام 2025، استورد الاتحاد الأوروبي 28.9 مليون طن من الغاز المسال الأميركي بفارق كبير عن الواردات من روسيا التي بلغت 8.7 مليون طن.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تصدُّر الولايات المتحدة وروسيا قائمة أكبر مصدري الغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي بالنصف الأول من 2025:
وبحسب أحدث بيانات شركة كبلر، صدّرت الولايات المتحدة 8.9 مليون طن في أغسطس/آب، بزيادة على يوليو/تموز السابق، عندما صدّرت 8.8 مليون طن، و7.8 مليون طن في يونيو/حزيران.
في المقابل، صدرت روسيا 1.9 مليون طن غاز مسال في أغسطس/آب، بانخفاض عن مليونَي طن في يوليو/تموز، و2.5 مليون في يونيو/حزيران.
صادرات الغاز المسال الأميركي
إذا صحّت التوقعات بشأن صادرات الغاز المسال الأميركي إلى الاتحاد الأوروبي، فسترتفع حصة الولايات المتحدة إلى ثلاثة أرباع واردات الكتلة الأوروبية تقريبًا.
وبالفعل، يشير نائب الرئيس التنفيذي لإكسون موبيل بيتر كلارك إلى الزيادة الكبيرة في حصة الولايات المتحدة من واردات أوروبا من الغاز المسال إلى 55%، وعمومًا، ارتفعت واردات الغاز المسال الأوروبية بنسبة 20% على أساس سنوي خلال العام الجاري.
يمثّل ذلك تغيرًا عن الموقف السابق لدول الاتحاد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، وانقطاع واردات الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب بالتحول عن الوقود الأحفوري عمومًا، تحقيقًا لأهداف المناخ.
ولتلبية الاحتياجات المحلية، فضّل الاتحاد شراء الغاز المسال من السوق الفورية حتى بأسعار مرتفعة، وبالتنافس مع دول آسيا.
ينعكس ذلك التغيير في الاتفاقيات الأخيرة المُبرمة بين الشركات عبر المحيط الأطلسي؛ إذ اتفقت شركة إيني الإيطالية على استيراد مليوني طن سنويًا الغاز المسال الأميركي لمدة 20 عامًا من شركة "فنشر فلوبال" (Venture Global).
كما أبرمت شركة سيفي الألمانية (Sefe) اتفاقًا لمدة 10 سنوات مع شرمة "كونوكو فيليبس"، وآخر يسري لمدة 20 عامًا مع فنشر غلوبال.
صناعة الغاز المسال الأميركية
اكتسبت صناعة الغاز المسال الأميركية زخمًا من دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي ألغى -فور عودته إلى السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي- قرار سابقه جو بايدن بحظر تصريحات محطات تصدير الغاز المسال الجديدة.
وخلال اجتماع سابق مع الحكومة، قال ترمب: "أحاول تعليم الناس عن طاقة الرياح بسرعة، وأعتقد أنني عملت عملًا جيدًا في هذا المضمار، لكنه ليس كافيًا؛ لأن بعض الدول ما تزال تحاول العمل على هذه المشروعات.. هذه الدول تدّمر نفسها بطاقة الرياح".
كما من المتوقع نمو الإمدادات العالمية من الغاز المسال بواقع 7% في العام المقبل (2026)، وهي أكبر نسبة مسجلة منذ عام 2019.
وعلى نحو خاص، تخطط شركتا إكسون موبيل وقطر للطاقة لبدء مشروع محطة غولدن باس (Golden Pass)، بطاقة تصديرية 15 مليون طن سنويًا في تكساس العام المقبل.
وهنا، يقول نائب الرئيس التنفيذي إكسون موبيل بيتر كلارك، إن المشروع "الكبير" سيضيف الكثير من الإمدادات للسوق، وسيكون من المنطقي أن تلتزم أوروبا بعقود طويلة الأمد، بفضل بُنية الاستيراد المتنامية هناك.
يُشار هنا إلى أن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" تتوقع ارتفاع قدرة إعادة تغويز الغاز المسال في أوروبا بنسبة 30% بحلول عام 2030 إلى 408.6 مليار متر مكعب سنويًا، من 313 مليار متر مكعب سنويًا في 2023.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: