أخبار عاجلة
موعد انتظام الكيني أوشينج في تدريبات الزمالك -

قضية التعليم والذكاء الاصطناعي

قضية التعليم والذكاء الاصطناعي
قضية التعليم والذكاء الاصطناعي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شغلت بالي منذ فترة قضية الذكاء الاصطناعي واستخدامه في مراحل التعليم. وجدت نفس هذه المشاغل يطرحها أساتذة تربويون في عدد من الدول المتقدمة. بل إن بعض الدول، مثل السويد، اتجهت مع بدء العام الدراسي إلى منحى "متطرف" بعض الشيء، ويتمثل في إلغاء الشاشات والإنترنت داخل الفصول وكافة وسائل التكنولوجيا، وأعادت الكراسات والأوراق والأقلام. لكن في المقابل، هناك دول أخرى مثل بريطانيا والصين واليابان تحاول تأمين العودة المدرسية مع الذكاء الاصطناعي. ولعل ما يشغلهم ليس استخدامهم من عدمه بل كيفية جعل المدرسة بيئة آمنة مع الذكاء الاصطناعي. في حين تنشغل الجامعات بكيفية جعل الذكاء الاصطناعي مدعماً بعناصر الدقة. وتقفز هنا بعض الأسئلة الضرورية، مثل: "إذا كان الطلاب بحاجة إلى بذل الجهد للتعلم، فلماذا نشجعهم على استخدام الذكاء الاصطناعي؟" وإذا كان لا بد من تعلم استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية دون استبعاد الذكاء الاصطناعي، فكيف يمكن تعليم النشء كيفية الحفاظ على النزاهة الأكاديمية والتمسك بها في عصر الذكاء الاصطناعي المولّد؟!.

تدريب المعلمين وأساتذة الجامعات

لا شك أنه من الضروري الآن أن يتدرب المعلمون في المدارس وأساتذة الجامعات -جنباً إلى جنب مع الطلاب- على استخدام الذكاء الاصطناعي مع النزاهة والشفافية ومهارات التحري عن المعلومات وتمييز الصحيحة منها والخاطئة. ويمكن تفهم مخاوف الأساتذة المربين؛ لكن يجب أن يندمجوا هم أيضاً مع القضية برمتها حتى يصبحوا جزءاً جوهرياً في العملية وتصويبها عند الضرورة وليسوا خارجها. وفي هذا الإطار، أسوق رأي صديقي أحد أساتذة القانون البارزين، عندما عبر عن مخاوفه مما يواجهه مع طلابه، قائلاً: "أخشى أن يصبح برنامج الماجستير والدكتوراه في القانون بجامعاتنا بمثابة "قص ولصق رقمي" لمعلومات وقضايا يصنعها ويصيغها الذكاء الاصطناعي، وإذا رفضنا ذلك كأساتذة مشرفين وغيورين على النزاهة الأكاديمية فإننا نثبت نظامًا تعليميًا عتيقًا من العصر القديم". 

وهذه مجرد نبذة عن نوعية المشكلات التي قد تواجهها المؤسسات التعليمية حالياً، ليس في مصر فقط بل في شتى أنحاء العالم. وهو ما يستدعي إعادة نظر في مناهج التعليم وطرق التدريس وكذلك التقييم بالطرق القديمة. ولا مناص من تطوير التعليم لتحقيق أداء أفضل، مع الأخذ في الاعتبار الذكاء الاصطناعي الذي اقتحم فضاءات التعليم دون استئذان أو تحضير مسبق. 

وبينما كنتُ أجد صعوبة في تحديد ما يُمكنني التركيز عليه في مقالي هذا وإضافته إلى هذا النقاش، دار بيني وبين طالب خريج هندسة حديث دفعني للتفكير مليًا، وشعرتُ أنه قد يكون من المفيد مشاركته. أخبرني الطالب كيف أصبح تطبيق Chat GPT جزءًا لا يتجزأ من حياته اليومية وهو كالمساعد الأول له. 

قال: "أبقيه دائمًا مفتوحًا وأستخدمه كلما راودتني أي شكوك حول أي شيء أعمل عليه".. وسألني: "هل هذا جيد؟" وهل يمكنني اختيار إجابة غير "نعم"، لأن أية إجابة أخرى سوف تعني أنني خارج التاريخ، خاصة وأنا دائما أقول لطلابي وزملائي الشباب: "الشيء الذي لا تجدونه في شبكة المعلومات اعتبروه غير موجود في الواقع كأن لم يكن!"، لكن "يجب التقاط نقاط القوة مع معالجة الثغرات التي قد تواجهونها". 

ثغرات تتطلب المعالجة

مؤخرًا، نشرت جامعة هارفارد دليلاً مرجعياً لخصت فيه الثغرات التي تتطلب المعالجة، وجاءت تحت عنوان: "حالات استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي".. ليس هذا فقط، بل هناك دروس عديدة لخريجي الجامعات حول كيفية الاستعانة بـChat GPT خلال الاستعداد لمقابلات العمل، وفهم مواضيع معقدة في بعض الوظائف، وحتى المشاركة في التعارف على زملاء العمل في الأيام الأولى. من أهم ما ذكره لي الطالب حول نقاط القوة في الذكاء الاصطناعي أنه لا يحكم عليه أبدًا-ولا يتنمر على إجاباته-ولا يعتقد أنه يطرح أسئلة غبية!.. إنه صبور للغاية ولا يتعب، ومتاح للشباب في أي وقت؛ ثم هناك ميزة معنوية مهمة وهي كيف يمنحهم استخدامهم للذكاء الاصطناعي ثقة جديدة للقيام بمهام أكثر تحديًا وصعوبة؛ من ذلك استخدام الأدوات المتقدمة التي تساعدهم في برمجة وبناء مواقع الويب من الصفر؛ هذا لمسته لدى طلبة إعلام على وجه التحديد. إنه أمر رائع كيفية الاستفادة من أفكارهم وبناء منتجات لم يتخيلوا يومًا أنهم سيكونون قادرين على صنعها. 

دفعتني هذه الأفكار للتأمل بدوري.. كم عدد المرات التي قلت فيها لطلابي وزملائي الصحفيين الشباب: "لا يوجد شيء اسمه سؤال غبي". وهذه قاعدة تعلمتها من أستاذ الفلسفة في الثانوية العامة أنه لا يوجد سؤال غبي وأن الأهم من الإجابات هي الأسئلة والجرأة على طرحها. كان الهدف بالطبع من تعلم مهارة طرح السؤال من أستاذ الفلسفة في القرن الماضي، تهيئة بيئة آمنة للتفكير النقدي، بدءاً من الشك مروراً بالجدل والمخاطرة -لم لا- حتى يتم التوصل إلى إجابات مقنعة. 

العامل البشرى.. والأمان

ولطالما آمنتُ بأن العامل البشري هو ما يجعل الأطفال والشباب يشعرون بالأمان في الفصول الدراسية، وهذا لم يتغير. لكن حديثي مع الشاب خريج الهندسة جعلني أتساءل كيف يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي والبيئات الداعمة أن تعمل معًا. من الممكن أن تساعد أداة مثل Chat GPT في إخراج الأطفال والشباب من عزلتهم، ومن الممكن أن تحقق مساواة أكبر للطلاب الذين يحتاجون إلى مزيد من وقت المعالجة أو يخشون التداعيات الاجتماعية لـ"الظهور بمظهر غبي". وقد يكون Chat GPT بمثابة مُعلّم دائم وغير مُصدر للأحكام، يُساعد الطلاب على بناء ثقتهم بأنفسهم وتسريع تعلمهم، خاصةًً في الأوقات التي لا يكون فيها المعلمون متاحين. أقول كل هذا مع تحذير واضح: السبيل الوحيد للمعلمين للانخراط في هذا النوع من الشراكة مع الذكاء الاصطناعي هو إدراك بعض حدوده وتحيزاته ومخاطره مع الإلمام بطرق معالجة الثغرات. 

لطالما تحدثنا عن الثقافة الرقمية وكل المسؤولين اليقظين في مصر طالبوا بها مبكراً، بل وتم تخصيص فروع في أقسام علمية بالجامعات لدراستها باستفاضة. لكن أظن أننا خذلنا طلابنا في هذا المجال بطرق عديدة، منها عدم تمكينهم من الأدوات اللازمة لسد ثغرات الثقافة الرقمية. تشير الدراسات إلى أن ما يقرب من نصف المراهقين لا يستطيعون التمييز بين المعلومات الحقيقية والمزيفة. 

إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة من تطوره سيتطلب منا تعليم الطلاب كيف يكونون قراءً ناقدين. وبدون ذلك، لا يمكننا الاعتماد عليهم كـ"مواطنين رقميين" قادرين على الاعتماد على أنفسهم في هذا العالم الجديد. وقد خرجتُ من حديثي مع المهندس الشاب أكثر يقينًا من أي وقتٍ مضى بضرورة اغتنام هذه اللحظة لتعليم الطلاب ومنذ الطفولة المبكرة، كيفية التفاعل بفاعلية مع هذه الأدوات الجديدة. 

لم يعد السؤال الآن ما إذا كان ينبغي دمج الذكاء الاصطناعي في بيئاتنا التعليمية، بل كيف يمكننا ذلك بجدارة. إن امتلاك الطلاب الأدوات التكنولوجية الحديثة أصبح بمثابة الأسلحة القوية في هذا العالم المتطور ليكونوا في مقدمة الصفوف في كافة المجالات.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزير الشباب يوجه بسرعة تذليل العقبات وتقديم الدعم اللازم لضمان انتظام النشاط الرياضي
التالى بعد إعلان نتيجة جولة الإعادة.. حصص الأحزاب النهائية بمجلس الشيوخ 2025.. وفي انتظار حسم تعيينات الرئيس الـ100