اعتمد مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، بالإجماع قرارًا يقضي بتمديد ولاية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" حتى 31 ديسمبر 2026، وذلك للمرة الأخيرة، وفق ما أوردته وسائل إعلام لبنانية.
ويأتي القرار بعد تأجيل جلسة التصويت التي كانت مقررة الاثنين الماضي، لإتاحة المجال أمام مشاورات موسعة بين الدول الأعضاء. وقد جرى التوصل إلى صيغة توافقية بين فرنسا، صاحبة مشروع القرار، والولايات المتحدة التي أبدت تحفظات على التمديد. وفي نهاية المطاف، قبلت واشنطن بمشروع القرار المعدل الذي قدمته باريس، والذي نص على التمديد للمرة الأخيرة لليونيفيل، تمهيدًا لإنهاء مهمتها التي استمرت لعقود في جنوب لبنان.
وبحسب نص القرار المعدل، فإن القوات الأممية ستبدأ اعتبارًا من مطلع عام 2027 انسحابًا تدريجيًا ومنظمًا من لبنان، بشكل يضمن سلامة عناصرها وعدم ترك أي فراغ أمني في مناطق عملها. كما تضمن القرار إدانة واضحة للهجمات والاعتداءات التي طالت مقار اليونيفيل وقواتها خلال الفترة الماضية، محذرًا من أن استمرار هذه الانتهاكات يقوض دور البعثة الأممية في حفظ الاستقرار.
كما أشاد القرار بجهود قوات اليونيفيل في كشف مخابئ الأسلحة جنوب نهر الليطاني وزيادة وجودها الميداني من خلال تسيير دوريات مكثفة وتنفيذ عمليات تفتيش في مواقع مختلفة، الأمر الذي ساهم – بحسب نص القرار – في دعم الجيش اللبناني وتعزيز الأمن في المناطق الحدودية.
ويُعد هذا القرار تحولًا جوهريًا في مسار عمل اليونيفيل التي أُنشئت عام 1978 بقرار من مجلس الأمن عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتم تعزيزها بشكل كبير بعد حرب يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله. ومنذ ذلك الحين، تلعب اليونيفيل دورًا محوريًا في مراقبة وقف الأعمال العدائية ودعم القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب.
ويرى مراقبون أن حصر التمديد للمرة الأخيرة حتى 2026 يعكس رغبة المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة، في إنهاء الاعتماد الطويل على القوات الأممية في الجنوب، والدفع باتجاه تعزيز قدرات الجيش اللبناني ليتحمل المسؤولية الأمنية الكاملة. في المقابل، يعتبر آخرون أن القرار قد يفتح الباب أمام تحديات جديدة في ظل استمرار التوترات الحدودية مع إسرائيل ووجود جماعات مسلحة في المنطقة.
ومن المنتظر أن يبدأ مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة، خلال العامين المقبلين، التنسيق مع الحكومة اللبنانية لوضع خطة شاملة لمرحلة ما بعد انسحاب اليونيفيل، بما يضمن عدم زعزعة الاستقرار في الجنوب اللبناني.