أثارت شحنة وقود مشبوهة أزمة في لبنان، وسط اتّهامات بالتلاعب في المستندات والأوراق، وهو ما يشير إلى احتمالات وجود شبهة فساد، حسب بيانات خاصة حصلت عليها منصة الطاقة، الصادرة من واشنطن.
وطالبت وزارة الطاقة والمياه، النيابة العامة باتخاذ ما تراه مناسبًا تجاه ما وصفته بـ"الادّعاءات" حول وجود مستندات مزورة في شحنة وقود لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان.
جاء تحرُّك الوزارة بناءً على أخبار متداولة بشأن الناقلة "هوك 3" (HAWK III) المحمّلة بالفيول أويل (زيت الوقود) لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان والادّعاء بأن مستنداتها الرسمية مزوّرة، وجرى التلاعب بالمنشأ.
ووجّهت وزارة الطاقة خطايًا إلى النيابة العامة التمييزية أمس الإثنين 25 أغسطس/آب 2025، طلبت منها عَدَّ ما جرى تداوله إخبارًا واتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة، وإفادتها بالنتائج، لاتخاذ ما يلزم.
الناقلة HAWK III
أمر النائب العام التمييزي بحجز الناقلة Hawk III بعدما تبيَّن للجمارك أن شهادة التحميل والمنشأ كاذبة.
وكانت الجمارك اللبنانية قد ضبطت مساء الخميس الماضي الناقلة HAWK III بتهمة تزوير مستندات رسمية لإخفاء مصدر الوقود الروسي، وأوقفت القبطان وأحد موظفي شركة الوكيل البحري بتهمة التلاعب بالمنشأ.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة، لجأت الشركة المستوردة إلى تمرير الباخرة عبر مرفأ مرسين التركي، وتقديم أوراق مزوّرة تدّعي أن زيت الوقود مستورد من السوق الدولية، في محاولة للالتفاف على السقف السعري المفروض على النفط الروسي.
وسمحت الآلية للموردين ببيع الوقود الروسي بأسعار أعلى بكثير من قيمته الفعلية، محقّقين أرباحًا طائلة على حساب الخزينة العامة.
وكانت وزارة الطاقة قد أعطت توجيهات في 23 يونيو/حزيران 2025 -بناءً على استشارة جهات قضائية- لجميع الشركات التي كان لديها عقود لاستقدام بواخر بضرورة تقديم مستند صادر عن شركة الرقابة بمرفأ تحميل يثبت إنه تمّ التحميل بحضورها في هذا الميناء، إلى جانب نتائج مطابقة الشُحنات للمواصفات من قبل شركات عالمية في ميناء التحميل.

مسار الناقلة هوك 3
تُظهر بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، مسار الناقلة هوك 3، المتورطة في نقل شحنة وقود مشبوهة إلى لبنان.
وتشير البيانات إلى أن الناقلة الموجودة حاليًا بأحد المواني اللبنانية محمّلة بزيت الوقود الروسي، إلّا أن شهادة المنشأ تقول، إنها من تركيا، ومسار السفينة يوضّح أنها جاءت من روسيا.
الخريطة التالية حصلت عليها منصة الطاقة من كبلر، توضح مسار الناقلة هوك 3:
وقامت الناقلة، التي يبلغ عمرها 22 عامًا وتُبحر تحت علم بنما، بتحميل نحو 38.2 ألف طن من زيت الوقود من أحد المواني الروسية، بتاريخ 5 أغسطس/آب الجاري، إذ ارتفع غاطسها من 7.2 أمتار إلى 11 مترًا، ما يؤكد عملية التحميل.
وبعد توقُّفها بتاريخ 18 أغسطس/آب في مرفأ مرسين التركي لمدة 36 ساعة، تابعت مسارها نحو لبنان من دون أن يتغير مستوى الغاطس، ما يعني أن أيّ تفريغ أو إعادة تحميل لم يحصل.
ووصلت الناقلة إلى لبنان محمّلة بـ38.2 ألف طن من زيت الوقود B، ما يؤكد أن المصدر روسي، وأن التوقف في "مرسين" لم يكن سوى لتزوير المستندات.
وذكر خبير مطّلع على الأوضاع السياسية في لبنان -طلب عدم نشر اسمه- أنّ حظر الحمولة يعود غالبًا إلى خلافات سياسية بين فئات مختلفة، إذ إن منشأ النفط لا يهمّ أحدًا في لبنان، مؤكدًا أن البلاد بحاجة ماسّة إلى زيت الوقود، والخزانات فارغة.
من جانبه، أمر النائب العام التمييزي في لبنان بختم الناقلة هوك 3 بالشمع الأحمر، لكونها أحد الأحراز المهمة في قضية التزوير التي يجري التحقيق فيها.
وقال مصدر مطّلع في تصريحات إلى منصة الطاقة، إن الشحنة -حتى الآن- لم يتبيّن أنها مغشوشة، لكن هناك تلاعُب في أوراق بلد المنشأ، وعلى هذا الأساس أوقِفَت.
وأضاف المصدر أن من يستطع التلاعب في أوراق بلد التحميل والمنشأ يستطع التلاعب في أوراق المواصفات، ولمزيد من التأكد والحفظ ختم الشمع الأحمر على الباخرة مع كل ما يترتب من ذلك من تبعات وأعباء مالية.
كانت وزارة الطاقة اللبنانية قد تغاضت عن الأمر في وقت سابق في ملف الناقلة TM HAI HA 568، بعد أن قدّمت مستندات كاذبة، وكان التحميل الحقيقي قد جرى عبر عمليات نقل من سفينة إلى أخرى قبالة قبرص، لتجنُّب العتمة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..