تواصل استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا كسر الأرقام القياسية، إذ سجلت خلال النصف الأول من عام 2025 قفزة بنحو 10%، مقارنة بالعام السابق، رغم التحديات التي تواجه بعض القطاعات، مثل الطاقة الشمسية على نطاق المرافق والرياح البرية.
وكشف تقرير حديث -حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن إجمالي الاستثمارات خلال أول 6 أشهر من العام الجاري بلغ 386 مليار دولار.
في الوقت نفسه، يعيد المستثمرون والمطورون في قطاع الطاقة المتجددة النظر بتخصيص رأس المال، وتوجيهه نحو مشروعات تُحقق عوائد قوية.
وخلال شهر يونيو/حزيران الماضي، توقعت وكالة الطاقة الدولية قفزة في إجمالي استثمارات قطاع الطاقة عالميًا خلال العام الجاري، تُقدَّر بـ3.3 تريليون دولار، بزيادة 2% بالقيمة الحقيقية مقارنة بعام 2024، رغم التوترات الجيوسياسية وضبابية المشهد الاقتصادي.
وتشير تقديراتها إلى ضخ 2.2 تريليون دولار في مصادر الطاقة النظيفة -الطاقة المتجددة والنووية والشبكات والتخزين-، أي ما يعادل ضعف الإنفاق على النفط والغاز والفحم البالغ 1.1 تريليون دولار.
خريطة استثمارات الطاقة المتجددة
تُظهِر خريطة استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا خلال النصف الأول من 2025 مشهدًا متقلبًا، إذ يحافظ البر الرئيس الصيني على الصدارة بحصّة 44% من الاستثمارات الجديدة.
أمّا الولايات المتحدة، فقد شهدت أكبر انخفاض في الاستثمارات الجديدة، إذ هبطت خلال النصف الأول بنحو 20.5 مليار دولار، أي بنسبة 36% عن النصف الثاني من 2024، وفقًا للتقرير الصادر عن شركة الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.
ويرجع ذلك إلى اندفاع مطوري المشروعات في أواخر 2024 لتسريع عمليات التطوير وتأمين الحوافز الضريبية، ثم تباطأ النشاط في النصف الأول (2025) مع تدهور أوضاع السياسات ونشوء حالة من عدم اليقين حول الرسوم الجمركية.
على النقيض، شهدت منطقة الاتحاد الأوروبي قفزة تقارب 30 مليار دولار أو 63% مقارنة بالنصف الثاني من 2024، ويشير ذلك إلى إعادة توجيه رأس المال من أميركا إلى القارة العجوز، ولا سيما الرياح البحرية في بحر الشمال، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا الأسواق الناشئة، فتميل للاحتفاظ بالمستويات التي وصلت إليها في 2024 بدلًا من مواصلة تعزيز حصتها، باستثناء جنوب شرق آسيا التي سجلت ارتفاعًا 7% مقارنة بالنصف الثاني من 2024، ولجأ عدد من أسواق أميركا اللاتينية الأصغر إلى حيازة أكبر حصة إقليمية لها حتى الآن.
وفي هذا الصدد، قالت رئيسة قسم الطاقة النظيفة بشركة الأبحاث، ميريديث أنيكس، إن الأسواق التي تتوافر لديها آليات إيرادات داعمة حافظت على زخم الاستثمار، بينما التي تشهد تقلبات في السياسات تقف على حافّة دورة ازدهار، يعقبها انكماش.
تباين استثمارات الطاقة المتجددة
رغم النمو القياسي في استثمارات الطاقة المتجددة، أظهر التقرير أن تمويل أصول الطاقة الشمسية على نطاق المرافق وطاقة الرياح البرية تراجع 13% مقارنة بالنصف الأول من 2024، ليسجل أدنى حصة من إجمالي الاستثمارات منذ 2006.
وكانت الضربة الأقوى من نصيب الطاقة الشمسية على نطاق المرافق التي شهدت انخفاضًا في الاستثمار بنحو 19% عن النصف الأول من 2024، لا سيما في أسواق مثل الصين وإسبانيا واليونان والبرازيل، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويرجع ذلك إلى تفاقم القيود التشغيلية والتعرض لأسعار الكهرباء السلبية، ما جعل مخاطر الإيرادات في صدارة حسابات المستثمرين.
في المقابل، ظلت الأسواق التي توفر مزادات حكومية داعمة أو طلبًا قويًا على الطاقة أكثر جذبًا للشركات.
وأوضح التقرير أن مشروعات الطاقة الشمسية الصغيرة عوّضت هذا الانخفاض؛ بفضل سرعة النشر والقدرة على التشغيل قبل إجراء تغيرات تنظيمية تؤثر في الإيرادات.
على سبيل المثال، تضاعفت استثمارات المشروعات الصغيرة في الصين على أساس سنوي، بينما هبطت المشروعات على نطاق المرافق بنحو 28% تمهيدًا لتعديلات تنظيمية قد تسفر عن تقلبات في أسعار الكهرباء.
وحسب الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- قد يصل إجمالي استثمارات قطاعَي الطاقة الشمسية والرياح بحلول 2030 إلى 657 مليار دولار:
أمّا قطاع الرياح البحرية، فقد جذب استثمارات بنحو 39 مليار دولار خلال النصف الأول من 2025، متجاوزًا إجمالي استثمارات 2024 البالغ 31 مليارًا، وأسهم ارتفاع تكاليف المشروعات خارج الصين في هذا الارتفاع.
وحذّرت ميريديث أنيكس من أنّ تراجُع تمويل مشروعات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق والرياح البرية خلال النصف الأول قد يؤثّر سلبًا في المشروعات قيد التنفيذ، ومن المرجّح أن يستمر هذا التأثير خلال المدة المقبلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- استثمارات الطاقة المتجددة في النصف الأول 2025، من بلومبرغ نيو إنرجي فايننس
- رسم يوضح استثمارات قطاعي الطاقة الشمسية والرياح وتوقعاتها، من وحدة أبحاث الطاقة
- استثمارات قطاع الطاقة، من وكالة الطاقة الدولية
