رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن الهجوم الإسرائيلي المزدوج على مستشفى ناصر في غزة - والذي أسفر عن مقتل خمسة صحفيين يمثل انتهاكا للقانون الدولي بشكل عام.
وقالت الصحيفة - في تحليل أوردته اليوم- إن الهجوم استهدف مبنى مدنيا -وتحديدا مستشفى- في غارة مزدوجة متهورة أسفرت عن مقتل مدنيين، من بينهم عمال إنقاذ وصحفيون وهي جميع الفئات التي ينبغي حمايتها بموجب القانون الدولي.
وأضافت الصحيفة أنه في حين أن الجيش الإسرائيلي -الذي قتل حوالي 200 صحفي بالفعل في حرب غزة- حاول فورا التلميح إلى أن قتل المدنيين كان خطأ، إلا أن الواقع يبدو أنه سياسة وليس خطأ.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللافت للنظر في هذه الحادثة هو كل عنصر على حدة - استهداف مستشفى يعمل أو صحفيين وعمال إنقاذ أو مدنيين مصابين يتلقون العلاج بالفعل ورأت أنه من المتوقع أن يثير اتهامات بارتكاب جريمة حرب في حد ذاته.
وأضافت الصحيفة أن هذه الأمور، مجتمعة تشير إلى أمر أشد قتامة، وهو حادثة "مروعة" على حد تعبير وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي.
ونقلت الصحيفة عن رئيس منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريس قوله -إنه إلى جانب مقتل 20 شخصا في الغارات أصيب 50 آخرون، بمن فيهم مرضى كانوا في حالة حرجة بالفعل.
وأضاف في برنامج "إكس": "بينما يتضور سكان غزة جوعا، فإن وصولهم المحدود بالفعل إلى الرعاية الصحية يزداد تعقيدا بسبب الهجمات المتكررة". وقال: "لا يسعنا إلا أن نؤكد ذلك بصوت عال: أوقفوا الهجمات على الرعاية الصحية. أوقفوا إطلاق النار الآن".
من جانبها، قالت المتحدثة باسم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني، في بيان: " إن مقتل الصحفيين في غزة يجب أن يصدم العالم - لا أن يدفعه إلى الصمت والذهول، بل إلى التحرك، مطالبا بالمساءلة والعدالة. فالصحفيون ليسوا هدفا. والمستشفيات ليست هدفا".
وأفاد تحقيق مشترك أجرته مجلة +972 الإسرائيلية و"لوكال كول" في يوليو الماضي بأن الجيش الإسرائيلي ينفذ الآن هجمات إضافية بشكل روتيني في منطقة القصف الأولي، مما يؤدي أحيانا إلى قتل المسعفين وغيرهم من المشاركين في جهود الإنقاذ عمدا.
وقال أحد مصادر +972: "المستجيبون الأوائل وفرق الإنقاذ - يقتلونهم ثم يضربون مرة أخرى، فوق رؤوسهم".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه فتح تحقيقا في الهجوم، وإن قواته "لا توجه ضربات مباشرة للصحفيين بأي شكل من الأشكال"، إلا أن التصريحات العلنية للمسؤولين الإسرائيليين تكشف أن هذا كذب إذ يتناقض هذا الادعاء بشكل مباشر مع بيان إسرائيل نفسها بعد مقتل أنس الشريف، الصحفي المعروف في قناة الجزيرة وأربعة من زملائه -مرة أخرى في باحة مستشفى- في وقت سابق من هذا الشهر، حيث زعمت -دون تقديم أدلة موثوقة- أن الشريف استهدف كعضو في خلية تابعة لحماس.
وفي السياق ذاته، ذكرت لجنة حماية الصحفيين -في بيان لها- بعد مقتل الشريف على يد إسرائيل: "قدم الجيش الإسرائيلي ادعاءات لا أساس لها من الصحة بأن العديد من الصحفيين الذين قتلهم عمدا في غزة كانوا إرهابيين، بمن فيهم أربعة من العاملين بقناة الجزيرة. وتصنف لجنة حماية الصحفيين مثل هذه الحالات على أنها قتل ".
وقالت الصحيفة إنه في الواقع -وقبل وفاة الشريف - حذرت لجنة حماية الصحفيين علنا من أن حياته في خطر بعد أن وجه متحدث عسكري إسرائيلي تهديدات موثوقة، وقالت سارة القضاة، المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحفيين: "نشعر بقلق بالغ إزاء التهديدات المتكررة التي وجهها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، لمراسل الجزيرة في غزة، أنس الشريف وندعو المجتمع الدولي لحمايته".
وتابعت: "هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش الإسرائيلي الشريف، لكن الخطر على حياته أصبح الآن شديدا. لقد قتلت إسرائيل ما لا يقل عن ستة صحفيين من الجزيرة في غزة خلال هذه الحرب. وتمثل هذه الاتهامات الباطلة الأخيرة محاولة لإجازة الموافقة على قتل الشريف".
ونوهت الصحيفة بأن إسرائيل قتلت صحفيين بالقرب من المستشفيات. فمنذ بداية الحرب لطالما مكث الصحفيون بالقرب من المستشفيات على أمل أن يوفروا لهم قدرا ضئيلا من الحماية، ولأنهم غالبا ما يتوفر لديهم قدر من الكهرباء لشحن هواتفهم ومعداتهم.
واختتمت الصحيفة البريطانية تحليلها قائلة إن بعض كبار الشخصيات في الأمم المتحدة يرون أن الاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه من هذه الهجمات هو أن إسرائيل تقتل الشهود الوحيدين المتاحين في العالم على المجاعة التي فرضتها على غزة من خلال سياساتها.
