شهد قطاع الطاقة الليبي تطورًا مهمًا، مع إعلان توقيع شركة مليتة للنفط والغاز عقدًا استشاريًا مع شركة هيل إنترناشيونال الأميركية، لإدارة مشروع ضخم يهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وزيادة صادرات الغاز.
وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن المشروع تصل قيمته إلى 8 مليارات دولار، ويتضمن تطوير حقلي غاز بحريين قبالة السواحل الليبية، إلى جانب بنية تحتية متكاملة لمعالجة ونقل الغاز إلى مجمع مليتة غرب طرابلس.
ويهدف المشروع إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة، ودعم صادرات ليبيا إلى الأسواق الأوروبية، في خطوة تعزز مكانتها موردًا رئيسًا للغاز في منطقة المتوسط، وتدعم استقرار الإمدادات في مواجهة التحديات العالمية.
كما يتضمن المشروع إنشاء منشأة حديثة لالتقاط وتخزين الكربون بطاقة تصل إلى 750 مليون قدم مكعبة يوميًا، ما يجعله من أبرز المشروعات البيئية في قطاع الطاقة الليبي ولدى شركة مليتة، ويدعم أهداف خفض الانبعاثات.
ويأتي توقيع العقد في وقت تسعى فيه ليبيا لتعزيز شراكاتها الدولية، مستندة إلى التعاون بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني الإيطالية، اللتين تشتركان في ملكية وتشغيل شركة مليتة المسؤولة عن تنفيذ المشروع.
تفاصيل المشروع والبنية التحتية
يشمل مشروع شركة مليتة تركيب منصتين بحريتين للحفر والإنتاج، إلى جانب حفر 31 بئرًا، بهدف تحقيق إنتاج يومي يصل إلى 750 مليون قدم مكعبة من الغاز، مع بدء التشغيل التجاري المتوقع في عام 2026.
ومن المقرر نقل الغاز والمكثفات المستخرجة عبر خطوط أنابيب بحرية إلى منصة صبراتة، ومنها إلى مجمع مليتة لمعالجتها وتوزيعها، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاج وضمان استدامة الإمدادات للسوق المحلية والدولية.
ويعدّ المشروع أول تطوير رئيس لحقول الغاز الليبية منذ مطلع الألفية، ويعكس التوجّه نحو الاستثمار طويل الأمد في البنية التحتية للطاقة، بما يضمن تحقيق عوائد اقتصادية مستدامة وزيادة القدرة التصديرية.
وتتضمن خطة التنفيذ اعتماد تقنيات إنتاج تحت سطح البحر، بما يقلل من الأثر البيئي ويعزز مرونة التشغيل، وهي تقنيات متقدمة تتماشى مع المعايير الدولية لسلامة وأمن العمليات البحرية.
ويتميز الموقع الجغرافي لحقلي "إيه" و"هـ" بعمق مائي يصل إلى 105 أمتار للأول، و235 مترًا للثاني، ما يتطلب حلولًا هندسية متطورة لضمان كفاءة العمل في البيئات البحرية العميقة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي إطار هذا المشروع، حصلت شركة سايبم الإيطالية على عقد الهندسة والتوريد والإنشاءات لمنصة إنتاج حقل "هـ" في سبتمبر/أيلول 2024، ما يعكس تعدُّد الشركاء الدوليين في تطويره.
وأكدت شركة مليتة للنفط والغاز في ليبيا أن المشروع سيعزز من قدرات الدولة التنافسية في سوق الغاز العالمية، مع فتح آفاق جديدة للاستثمار في مشروعات الطاقة البحرية مستقبلًا.
الشراكات والخدمات المقدمة
من المقرر أن تقدّم شركة هيل إنترناشيونال مجموعة شاملة من خدمات إدارة المشروع، تشمل التخطيط، وتنسيق التصميم، ودعم المشتريات، وإدارة الجداول الزمنية، وضمان الجودة، وإدارة المخاطر، وإجراءات إغلاق المشروع، وهو ما يدعم نجاح تنفيذ عقد شركة مليتة.
كما ستتولى الشركة الأميركية تقديم خدمات تقدير التكاليف وإدارة التغيير ومنع المطالبات، لضمان التزام المشروع بالميزانية المحددة، وتجنُّب أيّ تأخيرات قد تؤثّر في الجدول الزمني أو جودة التنفيذ.
من جانبه، أكد رئيس شركة هيل إنترناشيول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وليد عبدالفتاح، أن المشروع يحمل أهمية وطنية ودولية، معربًا عن فخره بالتعاون مع شركة مليتة في مبادرة ستسهم بمستقبل قطاع الطاقة الليبي.
وأشار عبدالفتاح إلى أن هذا التعاون يعكس ثقة الشركاء الدوليين في بيئة الاستثمار الليبية، وقدرتها على تنفيذ مشروعات طاقة كبرى تلتزم بأعلى معايير الجودة والسلامة البيئية.
يشار إلى أن توقيع العقد في 23 يوليو/تموز الماضي 2025 شهد حضور المستشار الأميركي الأول لشؤون أفريقيا مسعد بولس، ما يعكس الاهتمام الأميركي بدعم مشروعات الطاقة الليبية الكبرى.
يُذكر أن المشروع يهدف إلى تلبية الطلب المحلي المتنامي، مع تعزيز صادرات الغاز إلى أوروبا، وهو ما يدعم مكانة ليبيا موردًا رئيسًا للطاقة، ويقوّي موقف شركة مليتة في السوق الدولية.
ومن المتوقع أن يكون المشروع نقطة تحول في مسار استثمارات الغاز الليبية، خاصة أنه يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والشراكات الإستراتيجية، مما يجعله نموذجًا لمشروعات الطاقة المستقبلية في البلاد.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
