أكد الكاتب والمفكر السورى عدنان عزام؛ وهو احد رموز النضال السورى فى المهجر؛ على ضرورة الاصطفاف لإعادة بناء سوريا موحدة والعمل لنُعيد بناء وطننا من الصفر؛ وقال فى حواره مع «البوابة» إن سوريا اليوم مدمرة ومقسمة ومسكونة بالبغضاء والكراهية، لكن التاريخ علمنا إن إعادة البناء ممكنة. ويعد عدنان عزام، المنحدر من عائلة نضالية عريقة، كاتبًا مختصًا بالاستشراق وله أحد عشر مؤلفًا، درس الحقوق فى دمشق والإعلام فى باريس، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب فى سوريا.

عمل قاضيًا فى محكمة العمال بباريس لمدة سبع سنوات، وحاصل على وسام الاستحقاق من درجة فارس فى عهد الرئيس جاك شيراك. أنتج وأخرج أربعة أفلام وثائقية عن الحرب على سوريا وعن المهاجرين فى فرنسا وعن رحلاته حول العالم على صهوة جواد، وألقى عشرات المحاضرات فى أوروبا والعالم العربى وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية؛ والى نص الحوار.
■ كيف ترى الأوضاع فى سوريا الآن؟
- تتعرض سوريا لحرب كونية منذ ٢٠١١ بحجة محاربة «النظام الديكتاتوري» كما يفعلون فى كل دولة عربية، خاصة أى دولة تؤثر على الكيان الصهيوني، إذ يقومون بمحاربتها. لكننا نقوم كوطنيين وأبناء عائلات وطنية قادت النضال ضد الاستعمار العثمانى والاستعمار الفرنسى بمواجهة الغرب الصهيونى الذى يعمل على إبقاء سيطرته علينا. وخير مثال على ذلك إسقاط الدولة السورية بتاريخ الثامن من ديسمبر ٢٠٢٤ بطريقة مسرحية أبطالها أمريكا وتركيا وإسرائيل، كما فعلوا فى العديد من الدول العربية.
أطلقنا صيحات الاستغاثة بالعرب، وخاصة بالأمير محمد بن سلمان.
■ لماذا أسقطوا النظام فى سوريا؟
- الغربيون أسقطوا الدولة السورية ولم يأتوا بمعارضة مدنية بل بجبهة النصرة الإرهابية والإخوان المسلمين وكل أصحاب الفكر الظلامى الذى يعادى الإسلام ولا يخدمه، بل يدمره ويشوه صورته. الإسلام السياسى صناعة غربية، لقد سلموا السلطة للجولانى الذى لا يعرف من الحياة إلا القتل والدمار. كانوا يسمونه إرهابيًا ورصدوا عشرة ملايين دولار جائزة لمن يقتله، لكنهم فى الواقع هم من ربّوه وأتوا به بعد أن أبدى استعداده لتقديم كل ما يريدونه من الغاز والنفط والمعادن الثمينة وليعطى الجولان لإسرائيل، كما قال دونالد ترامب منذ سبع سنوات، ويفتح سفارة إسرائيلية فى دمشق ويوقّع على انضمام سوريا إلى دول التطبيع عبر اتفاقات إبراهيمية.
إنهم يريدون رئيسًا سوريًا مسلمًا سنيًا ليقوم بكل ذلك، وبالفعل قام بحلّ الجيش والشرطة والإدارات. لقد تم تسريح مليون ومئتى ألف موظف سورى من خدمتهم فى ٢٤ ساعة. وتعلمون أن الشعب السورى يعتمد على الوظيفة؛ ملايين الأفراد أصبحوا فى أزمة معيشية بين ليلة وضحاها، فى الشارع بلا مأوى ولا طعام. ومنذ أن استولى على السلطة بدأ بحرق المقامات الدينية كما فعل فى حلب، ثم ارتكب مجازر الساحل بحق أبناء الطائفة العلوية، ثم دمّر الكنائس، وأرسل جيشًا جرارًا إلى محافظة السويداء مزودًا بالدبابات والطائرات بتاريخ الرابع عشر من تموز ٢٠٢٤، فارتكب مجزرة إبادة جماعية ضد أبناء الطائفة الدرزية.
إنه يهاجم مكونات الشعب السورى ليدفعها للاستنجاد بإسرائيل كى تحمى أرواحهم ثم يتهمهم بأنهم يستنجدون بإسرائيل بينما هو المتحالف معها منذ سنوات طويلة حينما كان يحارب نظام بشار الأسد ضمن جبهة النصرة. كان كل جنوده يُعالجون فى مستشفيات إسرائيل ونتنياهو زارهم، وهذا ليس خافيًا على أحد. فهو صنيعة إسرائيل من الألف إلى الياء. لقد دخل إلى السويداء كمحتل وفعل بها ما لم يفعله هولاكو فى بغداد؛ إذ أحرق أكثر من ٤٥ قرية بعد أن نهب بيوتها، ونهبوا بيتى الذى يحوى مكتبة كبيرة ووثائق ترحالى وأفلامي. قتل الشيوخ والأطفال والنساء، ما فعله فى السويداء خلال ثلاثة أيام لم يفعله جنكيز خان ولا التتار ولا المغول؛ لم يقتل مقاتلين بل اعتدى على المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال.
لقد أطلقنا صيحات الاستغاثة بالعرب، وخاصة بالأمير محمد بن سلمان، لكن الصمت العربى مريب، علمًا أن محنتنا ستطال الأمة العربية كلها، لأن الغرب وإسرائيل طامعون بكل الأمة العربية.

إسرائيل والجولانى
■ كيف تفسر ضرب إسرائيل للجولانى؟
- إسرائيل لم تضرب الجولانى بل ضربت الضباط الأتراك الذين يسيرون الدولة السورية وهم من أتوا به إلى القصر الجمهورى وسلّموه مفاتيح القصر. الجولانى شاهد فقط على تقاسم سوريا بين تركيا وإسرائيل: تركيا تأخذ شمال سوريا وحمص وإدلب، وإسرائيل تأخذ الوسط والجنوب. لكن أردوغان كذب على إسرائيل مثل كل لصوص العالم؛ يتفقون على سرقة شيء ثم يختلفون فى منتصف الطريق على تقسيم الغنائم، وسوريا غنيمة لهم. ولو أرادت إسرائيل قتله لفعلت ذلك فى دقائق، كما فعلت مع العديد من القيادات فى المنطقة. أنا مهتم بالسياسة منذ ٥٠ عامًا وأعرف تمامًا ما يجري.
■ هل لديك حزب؟ ما هو مشروعك لإنقاذ سوريا؟
- أقوم بالتنسيق مع بعض السوريين الوطنيين من خلال مجموعة «التحالف السورى الديمقراطي» لإنقاذ سوريا من المحنة التى تعيشها. نحن نواجه هيمنة غربية شرسة وغير مسبوقة فى التاريخ.
■ ما الحل؟
- الشعب السورى وكل الشعوب العربية فى عبور مخيف لصحراء شاسعة. علينا أن نتعلم العمل السياسي، ونتعلم محبة أوطاننا وتقديمها على مصالحنا الضيقة. ربما يأتى الأمل من الأمير محمد بن سلمان لأنه يملك كل مقومات القوة. السعودية قارة وليست دولة فقط، لقد زرتها على صهوة جوادى واكتشفت سحرها وقوتها وأصالة شعبها أو يأتى الأمل من مصر والجزائر. علينا الاعتماد على أنفسنا لا على أية قوة أجنبية، ومواجهة كل حملات التضليل التى تستهدف شعوبنا مثل التضليل الذى سوق للربيع العربي، لأنه لم يكن ربيعًا عربيًا بل جحيمًا قذفنا فيه الغرب الصهيوني، والتضليل الذى برّأ الجولانى من استخدام السلاح الكيماوى فى سوريا واتهم النظام السابق بذلك.
■ هل أنت متفائل؟
- محكومون بالأمل والعمل لنُعيد بناء وطننا من الصفر. سوريا اليوم مدمرة ومقسمة ومسكونة بالبغضاء والكراهية، لكن التاريخ علمنا أن إعادة البناء ممكنة.
قائد هيئة تحرير الشام شاهد فقط على تقسيم سوريا بين تركيا وإسرائيل
استعادة نفوذ
باريس تعود للانخراط فى لبنان وسوريا امتدادا لدورها التاريخى والاحتفاظ ببعض أدوات هيمنتها فى المنطقة
ماكرون يدعم الانتقال السلمى وإعادة الإعمار وتعزيز حضور فرنسا الاقتصادى وترسيخ دورها كلاعب رئيسى فى الترتيبات الإقليمية لما بعد الحرب
تعرضت العلاقات الفرنسية السورية إلى هزات كثيرة وعنيفة، متأثرة بتاريخ الانتداب الفرنسى (١٩٢٠–١٩٤٦) ثم تقلبات السياسة فى الشرق الأوسط. خلال العقد الأخير اشتدت هذه التعقيدات بفعل الحرب السورية وتداعياتها. وقفت فرنسا منذ ٢٠١١ موقفا حازما ضد نظام بشار الأسد، مطالبةً برحيله وداعمةً للمعارضة السورية. وقطعت باريس علاقاتها الدبلوماسية بسوريا فى ٢٠١٢ وفرض الرئيس فرنسوا هولاند عقوبات مشددة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي، بينما تصاعد التنسيق الفرنسى مع حلفاء المعارضة والحلفاء الدوليين فى محاولة لإنهاء الصراع سلميًا. فى الوقت نفسه، وجدت فرنسا نفسها معنية بأمنها الداخلى أمام تهديد الإرهاب المرتبط بالأزمة السورية، ما دفعها إلى تعاون أمنى حذر خلف الكواليس مع مختلف الأطراف. وعلى الصعيدين الاقتصادى والثقافي، تأثرت المصالح الفرنسية بشدة؛ فجمّدت التبادلات التجارية وتوقفت المؤسسات الثقافية الفرنسية فى سوريا، مع استمرار نشاط الجالية السورية فى فرنسا ومنظمات حقوقية فرنسية-سورية فى الدفع نحو المساءلة والعدالة. فى سياق الحرب الأهلية السورية، عام ٢٠١٧، حافظ الرئيس ماكرون على نهج قريب من نهج سلفه الرئيس هولاند: إذ أكد دعمه للمعارضة السورية، لكنه غيّر خطابه مع ذلك، مُصرّحًا علنًا بأنه لا يريد أن يكون "إزاحة بشار الأسد شرطًا مسبقًا للمناقشات. معتبرا داعش عدونا، وبشار عدو الشعب السوري.
فى عام ٢٠١٩، عقب الانسحاب الأمريكى والتحالف الكردى مع دمشق، تعرّض وجود فرنسا العسكرى والدبلوماسى فى سوريا للخطر، لم يعد لفرنسا أى حلفاء فى سوريا.
وفى عام ٢٠٢٣، مع اتجاه دول عربية للتطبيع مع دمشق، بقيت فرنسا على موقفها الرافض للتطبيع بدون حل سياسي، بل جدّد كبار مسئوليها وصفهم لنظام الأسد بأنه "عدو لشعبه" وضرورة محاكمته.
فى مايو ٢٠٢٤ أطلقت فرنسا محاكمة غير مسبوقة ضد مسئولين سوريين كبار على خلفية الوفاة المأساوية لأب وابنه من شدة التعذيب عام ٢٠١٣. وكانت هذه المحاكمة التاريخية أول محاكمة قانونية فى فرنسا يواجه فيها مسئولو نظام بشار الأسد فى سوريا.
فى مايو ٢٠٢٥، استقبل ماكرون الرئيس السورى أحمد الشرع فى قصر الإليزيه، فى سياق تزايدت فيه الانتهاكات ضد الأقليات والعنف الطائفي.
العلاقات الاقتصادية
تُعدّ سوريا شريكًا تجاريًا متواضعًا لفرنسا: فهى تحتل المرتبة ٧١ فى تصنيفات الصادرات والمرتبة ٥٧ فى تصنيفات الواردات. وقد نتج الانخفاض الحاد فى الصادرات الفرنسية عن فتور العلاقات السياسية الثنائية عام ٢٠٠٥. ويجرى حاليًا النظر فى استئناف التعاون المالي.
استضافة باريس المؤتمر الدولى الثالث حول سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، مشيرة إلى أن فرنسا، التى أصبحت مهمشة فى الأزمة فى الشرق الأوسط، تعود الآن إلى الانخراط فى لبنان وسوريا، حيث يمتد دورها التاريخي، وتحتفظ ببعض أدوات النفوذ فى المنطقة.
تسعى فرنسا إلى "المساعدة فى المناورة" من خلال "قلب الطاولة" لاستعادة نفوذها فى سوريا. هدف المؤتمر إلى الاستجابة لـ"احتياجات عاجلة" فى سوريا، وهى دعم الانتقال السلمى الذى يحترم سيادة سوريا وأمنها، وحشد شركاء سوريا لدعم إعادة الإعمار والاستقرار، ومعالجة قضايا العدالة وتعزيز مكافحة الإفلات من العقاب.
تم تنظيم نسخة المؤتمر الأولى، المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية، فى العقبة بالأردن، وعقد بعدها فى العاصمة الفرنسية باريس، فى إطار الجهود الرامية إلى تنسيق الجهود الدولية لمساعدة سوريا.
حيث كان لدى فرنسا ثلاثة دوافع رئيسة للعودة إلى المشهد السوري. أولا، دعم تطلعات الشعب السورى منذ بداية الأزمة فى عام ٢٠١١، حيث تبنت باريس موقفًا مساندًا للمعارضة ضد النظام السابق.
ثانيا، مكافحة الإرهاب، إذ ترى الصحيفة أن أى اضطراب فى العملية الانتقالية قد يؤدى إلى عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمى والدولي.
ثالثا، التعامل مع ملف الجهاديين الفرنسيين، حيث لا يزال العديد منهم موجودين فى سوريا، بعضهم أحرار فى الشمال الغربي، والبعض الآخر فى سجون الأكراد فى الشمال الشرقي. وأكدت الصحيفة أن باريس تشعر بالقلق من الدور الذى قد يلعبه هؤلاء المتطرفون فى حال حدوث فوضى خلال عملية إعادة هيكلة البلاد.
تسعى فرنسا للعب دور الوسيط بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حيث نقلت عن دبلوماسى فرنسى قوله إن باريس تريد التأكد من أن استعادة السلطات السورية الجديدة سيطرتها على كامل الأراضى تتم بتفاهم جيد مع الحلفاء الأكراد، الذين كانوا فى طليعة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.تتمثل طموحات باريس فى ضمان "اندماج كامل" للأكراد فى العملية السياسية، بحيث لا يتم تهميشهم أو استبعادهم من مستقبل البلاد.
إن فرنسا تريد سوريا "حرة وذات سيادة"، بعيدة عن نفوذ روسيا وإيران، ولا تشكل بعد الآن وسيلة لنقل الأسلحة إلى الميليشيات الشيعية التى تزعزع استقرار المنطقة.
شدد الرئيس الفرنسى، فى مكالمته الهاتفية مع الرئيس أحمد الشرع فى المرحلة الانتقالية، على دعم فرنسا الكامل لمرحلة الانتقال فى سوريا، كما أكد على جهوده لرفع العقوبات عن سوريا و"فتح الطريق أمام النمو والتعافي.
تسعى فرنسا للعودة إلى سوريا من أجل تحقيق أهداف استراتيجية متعددة تشمل استعادة نفوذها الجيوسياسي، وتعزيز حضورها الاقتصادي، وترسيخ دورها كلاعب رئيسى فى الترتيبات الإقليمية لما بعد الحرب. إذ ترى باريس فى سوريا نقطة استراتيجية حيوية على البحر الأبيض المتوسط، تتيح لها مواجهة التحدّيات الناتجة عن تراجع نفوذها فى أفريقيا وتصاعد النفوذ الروسى هناك. كما تعتمد فرنسا على توحيد الصف الكردى كمدخل لتأمين حضورها فى الشمال السوري، ما يمنحها ورقة ضغط فعالة فى مواجهة تركيا وتعزيز علاقتها بالقوى الكردية كحليف استراتيجي. فى المقابل، تتجلى مخاوف أنقرة من التحركات الفرنسية فى دعم باريس للكرد وتحالفها مع “قسد”، ما يعمق الصراع الفرنسي-التركى حول مستقبل سوريا.
قد يكون لتراجع دور فرنسا فى أفريقيا وظهور النفوذ الروسى هناك تأثيرٌ كبير على توجهات السياسة الفرنسية فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة سوريا. فبعدما شهدت أفريقيا تقاربًا متزايدًا بين روسيا وبعض الدول الأفريقية، حيث عززت موسكو وجودها العسكرى والاقتصادى هناك، تجد فرنسا نفسها أمام تحدّياتٍ كبيرةً لاستعادة نفوذها فى مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط. وسوريا التى تعتبر نقطة استراتيجية على البحر الأبيض المتوسط، تمثل فرصة ذهبية لفرنسا لتستعيد دورها فى المنطقة، وتضمن حضورًا دائمًا على الساحة الدولية.
إنّ العودة الفرنسية إلى سوريا بعد الحرب قد تكون بمثابة محاولة لاستعادة مكانتها فى المنطقة، على حساب تراجع الدور الروسى هناك. يمكن لفرنسا أن تسعى لتوسيع نفوذها عبر تقديم نفسها كقوة موازية فى مواجهة النفوذ الروسي، خاصة مع تسارع الدعوات الأوروبية، لانسحاب القواعد الروسية من سوريا. هنا، يمكن لفرنسا استثمار القضايا السياسية والأمنية، مثل محاربة الإرهاب وحماية الأقليات، كورقة ضغط لتحقيق هذا الهدف، ما يسمح لها بتعزيز وجودها العسكرى والدبلوماسى فى سوريا.
أمّا من منطلق المصالح الاقتصادية، فتطمح فرنسا للعب دور رئيسى فى عدة مشاريع اقتصادية استراتيجية فى البلاد، خصوصًا فى قطاع الطاقة. ومن أبرز هذه المشاريع تطوير خطوط نقل الغاز والنفط عبر سوريا إلى أوروبا، مثل إعادة إحياء خط أنابيب الغاز العربى الذى يمر عبر سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط. كذلك، يمكن لفرنسا أن تساهم فى تجديد وتوسيع خطوط أنابيب النفط التى تربط العراق بسوريا، ما يساعد فى تأمين إمدادات الطاقة الأوروبية ويعزز الاقتصاد السوري. كما أنّ فرنسا تستطيع الاستثمار فى مشاريع الطاقة المتجددة فى سوريا مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو ما يتماشى مع خططها لدعم تحول أوروبا إلى الطاقة النظيفة، مع إمكانية ربط هذه المشاريع بشبكات الطاقة الأوروبية.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم فرنسا فى تحديث البنية التحتية السورية، بدءًا من تطوير الموانئ السورية، مثل طرطوس واللاذقية، وصولًا إلى مشاريع الرّبط الكهربائى بين سوريا والدول المجاورة. هذا التعاون الاقتصادى سيمكّن فرنسا من تعزيز وجودها فى قطاع الطاقة العالمي، بالإضافة إلى دعم إعادة الإعمار من خلال مشاريع البناء والصناعة التى تشمل تطوير المصانع والمرافق الإنتاجية. ستعزز فرنسا من خلال هذه المشاريع، موقعها الاستراتيجى فى المنطقة.
فى الختام، تظهر حصيلة العقد الأخير أن العلاقات السورية-الفرنسية بقيت رهينة الصراع السوري. اتخذت فرنسا موقفًا أخلاقيًا صارمًا تجاه النظام السورى سياسيًا وقانونيًا، وحاولت استخدام نفوذها الأوروبى لتحقيق انتقال ديمقراطى يحفظ كرامة السوريين.
وبينما لم تحقق هذه السياسة هدفها الأكبر (رحيل النظام أو تغيير سلوكه)، إلا أنها نجحت فى عزل النظام دوليًا وإبقائه تحت ضغط مستمر سياسيًا واقتصاديًا. وفتحت صفحة جديدة باستقبال الشرع فى قصر الإليزيه. فى الوقت نفسه، فتحت فرنسا أبواب التواصل الأمنى لضمان حماية أمنها القومى ومحاربة الإرهاب.
