من مصر إلى مكة.. تاريخ تصنيع كسوة الكعبة المشرفة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد الكعبة المشرفة، الواقعة في بيت الله الحرام  بمكة المكرمة، من أقدس الأماكن في الإسلام، حيث يوجه المسلمون صلواتهم إليها، وتعتبر رمزًا للوحدة والعبادة في الدين الإسلامي، ومنذ العصور الإسلامية الأولى، كانت الكعبة تعكس عظمة الإسلام واهتمام المسلمين بالعناية بمقدساتهم، ويعد تغيير كسوة الكعبة أحد أبرز المشاهد السنوية التي تُظهر هذا الاهتمام البالغ.

تعرف على قصة أول مصنع لكسوة الكعبة بالسعودية
تاريخ تصنيع كسوة الكعبة

كسوة الكعبة المشرفة من العصر الجاهلي إلى العصر الإسلامي

كانت الكعبة قبل الإسلام، تُكسى بأقمشة بسيطة من قبل قريش وبعض القبائل العربية الأخرى، وكانت هذه الكسوة تُعتبر تكريمًا للمكان المقدس، وعندما جاء الإسلام، بدأ الاهتمام بالكسوة يأخذ طابعًا دينيًا يتماشى مع معايير جديدة من حيث القيمة الروحية والرمزية.

ففي العصور الإسلامية الأولى، أظهر الخلفاء المسلمون اهتمامًا كبيرًا بكسوة الكعبة المشرفة، بدءًا من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان أول من أمر بتوفير كسوة فاخرة للكعبة، وقد كانت الكسوة في البداية تُصنع من أقمشة فاخره مثل الحرير، وتُزين بخيوط الذهب والفضة.

كسوة الكعبة (10).. مصر تعود لإرسالها كسابق عهدها بعد جلاء الفرنسيين عنها -  بوابة الشروق - نسخة الموبايل
قافلة تحمل كسوة الكعبة من مصر إلى مكة 

القرون الوسطى.. مصر في صدارة صناعة كسوة الكعبة 

كانت مصر خلال العصور الوسطى، هي المركز الرئيسي لتصنيع كسوة الكعبة المشرفة، حيث كانت تتمتع مصر بقدرة صناعية عالية بفضل قماشها الفاخر والمشهور، وكان من المعتاد أن يتم إرسال الكسوة من القاهرة إلى مكة عبر قوافل التجارة، وفي تلك الفترة، بدأت حكومات مصر تتولى مسؤولية تصنيع الكسوة بشكل منتظم.

وكان الفاطميين في مصر، أول من خصصوا مصنعًا لصناعة كسوة الكعبة في مصر، واستمر هذا التقليد في العصر المملوكي، حيث اهتم المماليك بصناعة الكسوة، وتوفير الأقمشة الفاخرة التي يتم إرسالها إلى مكة لتغطية الكعبة، وكانت الكسوة تتميز بالألوان المميزة مثل الأسود والأخضر، وتُطرز بالآيات القرآنية بخيوط من الذهب والفضة، مما جعلها تتمتع بمظهر مهيب يعكس عظمة المكان وقدسيته، وكان يتم إحضار الكسوة عبر البحر الأحمر، وتحديدًا عبر ميناء جدة، ثم تُنقل إلى مكة المكرمة ليتم تغطية الكعبة بها فيموسم الحج من كل عام.

تاريخ صناعة كسوة الكعبة بمصر بعد ظهورها في أحداث مسلسل رسالة - الوطن
قافلة تحمل كسوة الكعبة من اسطنبول إلى مكة 

العهد العثماني.. توسيع رقعة العناية بالكسوة

واصلت تركيا، في العهد العثماني، الإشراف على صناعة كسوة الكعبة، وكان العثمانيون يرسلون الكسوة من إسطنبول إلى مكة، وبالتوازي مع توسع الإمبراطورية العثمانية، تولت الحكومة العثمانية تنظيم عملية استيراد وتصدير الكسوةـ وتميزت الكسوة العثمانية بنقوش دقيقة وزخارف مذهلة من الخيوط الذهبية، وكانت تصنع بشكل فني رائع يهدف إلى إظهار الجمال والقدسية، ومع مرور الزمن، كانت عملية تصنيع الكسوة تعتمد على الحرفيين المهرة في فنون التطريز والخياطة، حيث كان يتم في كل عام استبدال الكسوة القديمة بالجديدة، وهو ما جعل لهذا التقليد طابعًا سنويًا ثابتًا.

لأول مرة.. المرأة السعودية تشارك في مراسم تغيير كسوة الكعبة
كسوة الكعبة في المملكة العربية السعودية

تحول صناعة كسوة الكعبة إلى المملكة العربية السعودية

مع تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1932، بدأت المملكة في أخذ زمام الأمور في الإشراف على كسوة الكعبة، ومع مرور الوقت أصبحت المملكة العربية السعودية، هي المركز الرئيسي لتصنيع الكسوة، حيث تم تأسيس "مؤسسة الكعبة المشرفة للكسوة" في عام 1977م، وبدأت هذه المؤسسة في تصنيع الكسوة في مكة المكرمة بدلاً من الاعتماد على دول أخرى مثل مصر أو تركيا.

وتُعد مؤسسة الكعبة المشرفة هي الجهة الوحيدة التي تشرف على إنتاج الكسوة الحديثة اليوم، إذ يتم تصنيعها باستخدام الحرير الطبيعي، وتطبع عليها الآيات القرآنية باستخدام خيوط الذهب والفضة، ومن خلال هذه المؤسسة، يتم ضمان أن الكسوة تتمتع بالجودة العالية والمتانة، مع الاحتفاظ بالمظهر التقليدي الرفيع.

ويجرى تصنيع الكسوة من مواد عالية الجودة مثل الحرير الطبيعي الذي يتم صبغه بألوان غنية، كما تطبع الآيات القرآنية على الكسوة بواسطة خيوط من الذهب والفضة، وذلك باستخدام تقنيات حديثة ومتطورة لضمان الدقة والجمال، كما تحتوي الكسوة على جزء مخصص للستار الأمامي، والذي يحتوي على آيات قرآنية مكتوبة بخيوط الذهب، بالإضافة إلى الأجزاء الجانبية والطوق الذي يحيط بالكعبة من أعلى. 

ويتم تغيير كسوة الكعبة سنويًا في يوم 9 ذو الحجة، أي في اليوم الذي يسبق يوم عيد الأضحى، حيث يتم رفع الكسوة القديمة بعناية، وتثبيت الكسوة الجديدة على جدران الكعبة في احتفال ديني كبير، ويمثل هذا الحدث فرصة للمسلمين في جميع أنحاء العالم للتأمل في عظمة هذا المكان المقدس، وتجديد العهد بالإيمان والطاعة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بمناسبة عيد العمال.. محافظ الدقهلية لـ الرئيس السيسي: "دمتم لمصرنا قائدا عظيما وقدوة"
التالى حبس المتهم بإنهاء حياة سائق التوك توك بالمنوفية 4 أيام على ذمة التحقيقات