علق الدكتور أيمن عطالله، المحامي بالنقض والمرشح السابق لعضوية مجلس نقابة المحامين، على أزمة الرسوم القضائية والإضراب الذي تم تطبيقه اليوم من قبل المحامين في محاكم الاستئناف، مؤكدًا أن الأزمة تتجاوز الأعباء المالية وتمس صلب العدالة والاستثمار.
منظومة العمل القضائي
وقال عطالله في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إن التكنولوجيا التي أدخلتها وزارة العدل على منظومة العمل القضائي، والتي استُخدمت ذريعة لفرض رسوم إضافية، لم تحقق الغايات المرجوة منها، مضيفًا أن 80% من الأهداف المعلنة لهذه الرقمنة لم تتحقق.
تطبيق المنظومة الإلكترونية
وأضاف: «كان من المفترض أن توفر الرقمنة الوقت والجهد والمال، لكن الواقع يعكس العكس تمامًا، إذ أصبحت عملية استخراج شهادة بسيطة أكثر تعقيدًا، وتستلزم وقتًا أطول ورسومًا أعلى وجهدًا أكبر مما كانت عليه قبل تطبيق المنظومة الإلكترونية».
الرسوم القضائية
وأكد عطالله أن التقنية وسيلة لا غاية، فإذا لم تحقق أهدافها فإنها تتحول إلى عبء على منظومة العدالة وتعطّل سيرها. كما شدد على أن الزيادة الأخيرة في الرسوم القضائية لا تطال المواطن فقط، بل تنعكس أيضًا على المحامين، حيث تؤدي إلى تقليص قدرة المواطنين على دفع أتعاب المحاماة، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وحذر عطالله من تداعيات خطيرة لهذه السياسات، مشيرًا إلى أن ارتفاع كلفة التقاضي قد يدفع البعض إلى اللجوء لطرق غير قانونية لتحصيل الحقوق، من خلال مكاتب "تخليص الحقوق" أو حتى عبر البلطجة، ما يخلق بديلًا مقلقًا لمنظومة القضاء ويهدد الاستقرار.
وعلى صعيد مناخ الاستثمار، قال عطالله إن القضاء يمثل عنصرًا محوريًا في قرارات المستثمرين، مضيفًا: «إذا أصبحت العدالة مكلفة وبطيئة، فإن الثقة في مناخ الاستثمار ستتراجع، ما يؤثر سلبًا على جذب رؤوس الأموال».
أما عن موقف نقابة المحامين، فقد وصفه عطالله بالضعيف، قائلًا: «التلويح بالإضراب لم يعد له تأثير حقيقي على أجهزة الدولة المعنية، وهو ما يستدعي إعادة بناء القوة داخل النقابة عبر تفعيل حرية الرأي والنقد البنّاء، واستعادة ثقة القاعدة النقابية».
وأشار عطالله أن استمرار الصراع بين الأجنحة داخل النقابة منذ عام 2000 أضعف من هيبتها أمام الدولة ومؤسساتها، مشيرًا إلى أن بعض المحاكم التزمت بقرار الإضراب، في حين تجاهلته أخرى وشطبت دعاوى، كما أن بعض المحامين لم يلتزموا بقرار النقابة نتيجة خلافاتهم مع النقيب العام، وهو ما يزيد من تفكك الصف النقابي في وقت دقيق.
واختم عطالله، أن ما يحدث يطرح تساؤلات ملحة حول الأدوات المستقبلية التي سيلجأ إليها مجلس النقابة في مسألة الرسوم القضائية وللدفاع عن حقوق المحامين وتحقيق استقلال مهنتهم.