لم تعد أزمة الاختناق المروري في مدينة الفيوم مجرد مشهد عابر، بل تحولت إلى كارثة يومية تعكس غياب الدور الرقابي للمحليات. فالأرصفة والطرق العامة، التي يُفترض أنها ملك للمواطنين، باتت محتلة من أصحاب المحلات التجارية والباعة الجائلين، الذين استباحوا الشوارع وزرعوا فيها خوازيق حديدية وخراسانية، وكأنها ملكيات خاصة. وفي المقابل، يقف المسئولون صامتين، تاركين المدينة تختنق يومًا بعد يوم.
محلات تستولي.. وباعة يفرضون السطوة
لم يكتف أصحاب المحال التجارية بعرض بضائعهم أمام المتاجر، بل امتدت التعديات لتشمل مساحات تصل إلى أربعة أمتار أمام العقارات. وفي الوقت نفسه، تتفاقم الفوضى مع الباعة الجائلين الذين يفترشون الطرقات بلا رادع، فارضين سطوتهم وبلطجتهم اليومية. هذه الأسواق العشوائية تحولت إلى "ممرات موت"، ليس فقط لأنها تغلق الطرق، بل لأنها أصبحت عائقًا كبيرًا أمام حركة المشاة والسيارات، فيما تتكدس الشوارع بالمشترين الباحثين عن السلع الرخيصة وسط الفوضى، مما يعيق حركة المارة.
الأرصفة تحولت إلى مخازن ومواقف
ففي شارع جمال عبد الناصر أمام البنوك الكبرى، لم تعد الأرصفة للمشاة، المحلات استولت عليها كمخازن للبضائع، بينما السيارات توقفت فوق الرصيف بلا محاسبة.
المواطن أحمد السيد يلخص الوضع قائلًا: "إحنا ماشيين في نص الشارع بالعافية، والباعة عاملين أسواق كل يوم" اللي يعترض بيتشتم أو يتزق" فين مسئولي مجلس المدينة من ده كله؟".
الأسواق العشوائية.. مشهد يومي خانق
تتكرر الأسواق العشوائية يوميًا في مناطق مختلفة: من تقاطع السنترال وكوبري مصطفى باشا، إلى شارع المحمدية والبارودية وحلقة السمك. الشوارع تتحول إلى ساحات مزدحمة بالمشترين والباعة، بينما يختفي المرور تمامًا.
منى السيد، من سكان حي الجون، قالت: "الأرصفة اختفت، والشوارع اتحولت لسوق، محدش قادر لا يمشي ولا يركن، وكل واحد بيفرش في نص الطريق كأنه ورثه."
غياب محليات الفيوم
أجمع المواطنون على أن الأزمة سببها غياب دور الأحياء وشرطة المرافق. وقال محمد كمال، سائق تاكسي: الأسواق دي مش بتظهر فجأة.. دي موجودة كل يوم، والمسؤولين شايفين وساكتين. ولو في حملة بتيجي مرة، بعدها بساعة بيرجعوا الباعة تاني. مفيش متابعة ولا ردع.
شرق وغرب الفيوم.. نسخة مكررة
لا يختلف المشهد بين حي وآخر. في حي جنوب، التعديات تسيطر على الشيخه شفا والحواتم والمبيضة، بينما في حي شرق ازدادت أزمة شارع دار رماد الجديد، وفي حي غرب، الأسواق العشوائية غطت المنطقة الصناعية وامتداد موقف مصر الجديدة وحتى المشتل خلف الحديقة الدولية.
يطالب أهالي الفيوم بتدخل حاسم وسريع من مجلس مدينة الفيوم ورؤساء الأحياء لإزالة الإشغالات وإنهاء سيطرة وسطوة الباعة وأصحاب المحلات على الطرق العامة.
ويقول أحمد عبدالسلام، موظف: "الموضوع مش بس زحمة.. دي حياة ناس بتتخاطر كل يوم. لازم يبقى في إرادة حقيقية مش مجرد حملات شكلية."
فيما أكد الدكتور مرزوق زيدان أن هناك أزمة حقيقية بسبب سطوة أصحاب المحال التجارية على الأرصفة، وكذلك الأسواق العشوائية التي تفرض وجودها يوميًا، مشيرًا إلى أن التعديات المستمرة من أصحاب المحلات حولت شوارع الفيوم إلى طرقات خانقة ومليئة بالمخاطر. وفي ظل غياب دور المحليات، يبقى السؤال: متى تتحرك الأجهزة المختصة لإعادة الشارع إلى المواطنين، وإنهاء فوضى التعديات التي تخنق المدينة؟.