مروة المتولي
حين يُذكر اسم الدكتورة علا العجيزي، يتبادر إلى الذهن فورًا نموذج استثنائي للمرأة المصرية التي كرست حياتها للعلم والاكتشاف، لتصبح واحدة من أبرز عالمات المصريات المتخصصات في اللغات المصرية القديمة، وبخاصة الخط الديموطيقي.
ولدت العجيزي في القاهرة، ونشأت على شغف مبكر بتاريخ أجدادها. اختارت دراسة الآثار بجامعة القاهرة، وهناك بدأت رحلتها مع اللغات المصرية القديمة التي أسرت عقلها وقلبها. حصلت على الماجستير في علم الآثار عام 1978، ثم الدكتوراه عام 1985، لتبدأ مسيرة أكاديمية ومهنية امتدت لأكثر من ربع قرن من العطاء.
في عام 2002 تولت رئاسة قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة، ثم أصبحت عميدة لكلية الآثار عام 2003. وبعدها بثلاثة أعوام رُقيت إلى أستاذ اللغات المصرية القديمة، حتى نالت لقب أستاذ فخري عام 2008، بعد سنوات طويلة من التدريس والبحث والإشراف الأكاديمي.
لم تقتصر إنجازاتها على قاعات المحاضرات، بل تخطت جدران الجامعة إلى ساحات الحفائر والاكتشافات. فمنذ عام 2005 قادت بعثات أثرية في منطقة سقارة، حققت خلالها اكتشافات بارزة لعدد من مقابر قادة الجيش وكبار المسؤولين في عهد رمسيس الثاني، كان أبرزها: مقبرة القائد بتاحمس عام 2007، ومقبرة باسر عام 2014، ومقبرة يوراخي عام 2017، وصولًا إلى مقبرة بتاح-م-ويا عام 2021. أما في عام 2022 فقد فاجأت العالم بالكشف عن تابوت حجري عميق عبر نزول بئر يصل طوله إلى ثمانية أمتار في مشهد يعكس شجاعتها وإصرارها على بلوغ الحقيقة.
إلى جانب ذلك، أسهمت د. العجيزي في إثراء المكتبة العلمية بمؤلفات رائدة في الخط الديموطيقي ودراسة البرديات، وأصبحت عضوًا بارزًا في اللجنة العلمية الدائمة للآثار، والرابطة الدولية لعلماء المصريات. نالت تقدير جامعتها في 2021، وتُوجت عام 2022 بجائزة الآثاريين العرب التقديرية، اعترافًا بجهودها التي رسخت اسمها في سجل علماء المصريات.
اليوم، تُجسد الدكتورة علا العجيزي صورة المرأة المصرية التي صنعت من شغفها بالعلم رسالة، ومن التحديات حافزًا، ومن اكتشافاتها علامات مضيئة على طريق الحفاظ على تراثنا الإنساني. إنها بحق إحدى “سيدات من ذهب” اللواتي يثبتن أن المرأة المصرية قادرة على أن تترك بصمة خالدة في تاريخ الوطن والعالم.
