أخبار عاجلة
ترامب: بوتين لن يسيطر على أوكرانيا فى وجودى -
محافظ قنا يتابع موقف التقنين والتصالح -

العلاج بالدراما.. كيف يمكن لجلسة علاج درامي أن تحرر الروح من أوجاعه؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في قاعة صغيرة تتسلل إليها أشعة الضوء من بين الستائر، يقف مجموعة من الأشخاص في دائرة، يتبادلون الأدوار، ويُجسدون مشاهد لم يعيشوها في الواقع، لكنهم يشعرون بها بكل تفاصيلها، ضحكة تتبعها دمعة، وصمتٌ يليه تصفيق دافئ، هذا ليس عرضًا مسرحيًا للجمهور، بل جلسة علاج بالدراما، حيث تصبح القصة والتمثيل أداة عميقة لفهم الذات وتحرير المشاعر المكبوتة.

العلاج بالدراما هو شكل من أشكال العلاج بالفنون التعبيرية، يعتمد على تقنيات مسرحية لمساعدة الأفراد على التعبير عن مشاعرهم، واستكشاف أدوارهم في الحياة، وتطوير مهاراتهم الاجتماعية. على عكس جلسات العلاج النفسي التقليدية التي تركز على الحوار، يتيح هذا النهج للعميل أن "يعيش" تجربته من خلال التمثيل، ما يخلق مساحة آمنة للبوح والتفريغ العاطفي.

جذور تمتد لأكثر من قرن

رغم أن فكرة العلاج بالدراما قد تبدو للبعض وكأنها موضة حديثة، إلا أن جذورها تعود لأوائل القرن العشرين، ففي عام 1917، طُرحت فكرة أن التمثيل يسمح للأفراد بإخراج تحدياتهم الداخلية ومواجهتها بأمان، وفي الفترة نفسها، أسس الطبيب النفسي والمخرج المسرحي جاكوب مورينو منهج الدراما النفسية، الذي ركز على الحاضر والمستقبل بدلًا من الغوص في الماضي.

مع مرور الوقت، تطور هذا النهج ليتبلور في ما نعرفه اليوم بـ "العلاج بالدراما"، وتأسست الجمعية الوطنية للعلاج بالدراما في أمريكا الشمالية عام 1979 لتنظيم المهنة ووضع معاييرها.

قراءة ل

العلاج بالدراما
العلاج بالدراما

بين الدراما والدراما النفسية

كثيرون يخلطون بين العلاج بالدراما والدراما النفسية، لكن الحقيقة أن الأخيرة ليست سوى فرع من الأولى، فالدراما النفسية تركز على لعب الأدوار الموجه مع عميل فردي، بينما يشمل العلاج بالدراما نطاقًا أوسع من التقنيات والأساليب التي يمكن تطبيقها مع الأفراد أو المجموعات.

كيف تجري الجلسة؟

عادةً ما تُقسم الجلسة إلى أربع مراحل:

التسجيل: حيث يتبادل المعالج والمشاركون مشاعرهم وملاحظاتهم.

الإحماء: تمارين بسيطة لإطلاق العنان للخيال وتحفيز الإبداع.

النشاط الرئيسي: حيث تتم ممارسة التمثيل أو لعب الأدوار لمعالجة القضايا المطروحة.

الختام: مناقشة ما حدث واستخلاص الدروس.

في هذه المساحة، يظهر ما يُعرف بـ الواقع الدرامي، وهو المنطقة الفاصلة بين الخيال والواقع، حيث يمكن للفرد إعادة كتابة قصته أو اختبار نهاية مختلفة لموقف مؤلم.

العلاج بالدراما النفسية
التطهير العاطفي

قوة الحكاية والتطهير العاطفي

أحد الركائز الأساسية للعلاج بالدراما هو مفهوم التطهير النفسي، الذي تحدث عنه أرسطو في سياق المسرح الإغريقي، فعندما يواجه الشخص مشاعره على خشبة "الواقع الدرامي"، تتحرر هذه المشاعر، ما يمنحه إحساسًا بالارتياح والحرية الداخلية.

كما يلعب السرد القصصي دورًا محوريًا، إذ يتيح للفرد أن يتحكم في الحكايات التي تشكل هويته، وأن يبدل السرديات السلبية بأخرى أكثر دعمًا ونماءً.

فعالية مثبتة علميًا

أظهرت الأبحاث أن العلاج بالدراما يمكن أن يحسن الصحة النفسية والاجتماعية والسلوكية، ويقلل القلق، ويعزز المهارات الاجتماعية، خاصة لدى الأطفال. كما أثبت نجاحه في بيئات مختلفة، من المدارس إلى السجون، وحتى مع الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد، حيث ساعدهم على تطوير المرونة والتواصل.

تقنيات متعددة

من أبرز تقنيات العلاج بالدراما: العرض الدرامي لإسقاط المشاعر على الأدوار، التجسيد للتعبير الجسدي عن التجارب، واللعب العاطفي لاستكشاف المشاعر وفهمها، كذلك تُستخدم مواد مسرحية مثل الأزياء والدعائم والعرائس لتعزيز التجربة الإبداعية.

مهنة تحتاج شغفًا ومعرفة

لكي يصبح الشخص معالجًا بالدراما، يحتاج إلى خلفية أكاديمية في مجالات مثل علم النفس أو العمل الاجتماعي، إلى جانب تدريب متخصص وشهادة معتمدة، فالمهنة تتطلب مزيجًا من الحس الفني والمهارة العلاجية، مع التزام صارم بالحدود الأخلاقية وحماية خصوصية المشاركين.

في نهاية المطاف، يُمكن القول إن العلاج بالدراما يمنح الناس فرصة نادرة للشفاء من خلال الفن، حيث تتحول خشبة المسرح إلى مساحة آمنة لإعادة سرد الحكاية، وتحويل الألم إلى طاقة إبداعية، والصمت إلى صوت مسموع، إنه دعوة لأن نروي قصصنا، لا لنُعيد الماضي، بل لنصنع حاضرًا أكثر انسجامًا مع ذواتنا.

كيف تصبح معالجًا بالدراما
الشفاء

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "رنا رئيس" تنضم لأبطال فيلم "سفاح التجمع" بطولة أحمد الفيشاوي (صورة)
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة