قالت الإعلامية مروة مطر، إن قضية التبرع بالأعضاء تثير نقاشًا واسعًا في المجتمعات العربية، لما لها من أبعاد دينية وقانونية وإنسانية معقدة، فما يبدو للوهلة الأولى كفعل إنساني نبيل، قد يتحول في ظروف معينة إلى قضية شائكة تتعلق بتجارة الأعضاء، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول الدوافع، والضوابط، والمصير.
التبرع بالأعضاء يمنح الأمل في حياة جديدة لشخص مريض
وأضافت "مطر"، خلال برنامج "أنا والناس"، المذاع على قناة "النهار"، أنه على الصعيد الإنساني، يُمثل التبرع بالأعضاء عملًا بطوليًا، ويمنح الأمل في حياة جديدة لشخص مريض، فقصص التضحية التي نراها في الأفلام والواقع، كأم تتبرع بجزء من كبدها لإنقاذ حياة طفلها، أو شخص يُقرر التبرع بأعضائه بعد الوفاة، تُجسد أسمى معاني العطاء، وهذه التضحيات النبيلة تسلط الضوء على قيمة الحياة وتأثير العطاء.
وتابعت: أما من الناحية الدينية، فقد انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، فبعض الفقهاء يرى أن التبرع بالأعضاء جائز، بل ومستحب، إذا كان بقصد إنقاذ حياة إنسان، ويستندون في ذلك إلى مبدأ "من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا"، بالمقابل، يرى آخرون أن التبرع بالأعضاء محرم، لأن الإنسان لا يملك جسده، وبالتالي لا يحق له التصرف فيه بغير إذن الخالق، وهذه الاختلافات الفقهية تؤدي إلى حيرة الكثيرين، وتؤثر على مدى تقبل فكرة التبرع بالأعضاء في المجتمعات المحافظة، وهنا تكمن الإشكالية الأكبر، وهي الخط الفاصل بين التبرع الطوعي النبيل، وتجارة الأعضاء المحرمة، ففي حين أن التبرع يكون بدافع المساعدة والعطاء دون مقابل مادي، تتحول العملية إلى تجارة عندما تُباع الأعضاء مقابل المال، سواء كان ذلك بسبب الحاجة المادية أو الجشع.
أشخاص فقراء يبيعون أعضائهم مقابل مبالغ زهيدة لا تكاد تسد حاجتهم
واستطردت: في بعض الحالات، يضطر أشخاص فقراء أو معدمون لبيع أعضائهم مقابل مبالغ زهيدة لا تكاد تسد حاجتهم، وهو ما يُثير أسئلة حول الأخلاقيات والعدالة الاجتماعية، وهذه الظاهرة الخطيرة تستغل حاجة الإنسان وضعفه، وتخلق سوقًا سوداء غير قانونية تستفيد منها عصابات إجرامية، وتُعرض حياة المتبرع والمتلقي للخطر، وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبرز الحاجة إلى وضع ضوابط قانونية وأخلاقية صارمة، لضمان أن عملية التبرع بالأعضاء تتم في إطار قانوني وإنساني.
الضوابط القانونية والدينية
وطالبت بضرورة التمييز بين التبرع النبيل، الذي يتم عن قناعة ورضا، وتجارة الأعضاء المحرمة، موضحة أن حل هذه القضية المعقدة يتطلب وعيًا مجتمعيًا حول أهمية التبرع الطوعي، وتوعية الناس بالضوابط القانونية والدينية، كما يتطلب تشديد الرقابة لمنع تجارة الأعضاء، وتوفير بدائل وحلول للمحتاجين، حتى لا يضطروا إلى بيع أجسادهم، فالتبرع بالأعضاء يجب أن يظل عملًا إنسانيًا، يمنح الأمل والحياة، وليس بضاعة تُباع وتُشترى في سوق سوداء.