الإسفاف الرقمي تحت الحصار.. "الداخلية" تواجه صناع المحتوى الفاسد بالملاحقة والعقاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار التحرك الحاسم لحماية الفضاء الإلكتروني من مظاهر الابتذال والانفلات السلوكي، تواصل وزارة الداخلية المصرية حملاتها المكثفة لضبط صُنّاع المحتوى المسيء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما تطبيق "تيك توك"، بعد أن تحوّل إلى منصة لترويج الفيديوهات الخادشة للحياء، والتربح غير المشروع على حساب القيم المجتمعية.

وتأتي هذه الحملات بناءً على مئات البلاغات التي تلقّتها الجهات المختصة من مواطنين وأسر مصرية، عبّروا عن قلقهم من تأثير "تريندات الإسفاف" على الشباب والنشء، مطالبين بتدخل فوري يعيد للمنصات الرقمية دورها الإيجابي.

شاكر في قبضة الأمن.. محتوى فاضح وسلاح ومخدرات

أحد أبرز الوقائع كانت القبض على صانع المحتوى المعروف بـ"شاكر" داخل شقة بمنطقة القاهرة الجديدة، حيث تم ضبطه برفقة مدير أعماله، بعد بثه سلسلة من المقاطع المصورة التي تتضمن إيحاءات جنسية صريحة وعبارات خارجة.

التحقيقات كشفت أن المتهمين كانا يسعيان لتحقيق الانتشار وتحقيق أرباح من خلال التفاعل الرقمي، فيما عُثر داخل الشقة على سلاح ناري غير مرخص، وكمية من مخدري الحشيش والآيس، ومبالغ مالية كبيرة، وأجهزة إلكترونية مستخدمة في التصوير.

وأمرت النيابة بحبسهما 15 يومًا على ذمة التحقيقات، مع توجيه تهم تشمل نشر محتوى منافٍ للآداب، حيازة سلاح بدون ترخيص، وتعاطي مواد مخدرة.

مداهم.. فيديوهات فاضحة وأموال مشبوهة

في واقعة مماثلة، تم القبض على صانع محتوى يُعرف بلقب "مداهم"، بعد انتشار مقاطع له تتضمن مشاهد خادشة، إلى جانب استعراضه لحياة الترف والسيارات الفارهة والمشغولات الذهبية.

التحريات أثبتت تعاطيه للمواد المخدرة، حيث عُثر بحوزته على كميات من الحشيش والأفيون، فضلًا عن عملات أجنبية ومصرية، ومجوهرات ثمينة، فيما أمرت النيابة  بإجراء تحليل مخدرات وتحري مصادر الأموال التي جنتها تلك الحسابات.

سوزي الأردنية.. محتوى فاضح 

بموجب مذكرة ضبط أمني، أُلقي القبض على صانعة المحتوى المعروفة بـ"سوزي الأردنية" في منطقة المطرية بالقاهرة، بعد أن تبيّن أنها تنشر فيديوهات خادشة للحياء العام.

المتهمة اعترفت بأنها كانت تسعى وراء الترند، وأنها استخدمت منصات التواصل الاجتماعي بهدف الربح السريع، وهو ما اعتبرته جهات التحقيق استغلالاً غير مشروع للمنصات.

قمر الوكالة.. شهرة قائمة على الإساءة

في ضربة أمنية سريعة، ألقت وزارة الداخلية القبض على صانعة المحتوى المعروفة باسم "قمر الوكالة"، التي كانت تبث محتوى مسيئًا عبر حسابها على "تيك توك". وكشفت التحقيقات أنها تعمّدت إثارة الجدل لبناء قاعدة جماهيرية تدرّ عليها أرباحًا من الإعلانات.

وتم ضبطها في منطقة وسط البلد، فيما يجري الآن حصر المواد المصورة وتحديد الجهات التي كانت تتعامل معها ماليًا.

أم مكة وأم سجدة.. من المنزل إلى الحبس

ربتا منزل تحولتا إلى حديث مواقع التواصل، بعد أن نشرتا محتوى خادشًا يتضمن إيحاءات جنسية وألفاظًا خارجة. وبناءً على بلاغات متتالية، ألقت الشرطة القبض على "أم مكة" و"أم سجدة" في محافظتي القاهرة والقليوبية.

وخلال التحقيقات، اعترفتا بأن الهدف من تلك الفيديوهات هو الانتشار وتحقيق مكاسب مالية، بعد أن فشلتا في عدد من المشاريع الصغيرة.

بلوجر المرور.. الادعاء بالتسلل إلى القوانين

ألقت أجهزة الأمن القبض على بلوجر شهيرة ظهرت في مقطع مصور تزعم فيه قدرتها على إنهاء الإجراءات المرورية للمواطنين من داخل إدارات المرور دون اتباع الإجراءات الرسمية.

وبعد التحريات، تبيّن أن الفيديو كان محاولة لجذب المتابعين عبر "الادعاء بالواسطة"، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.

مروة بنت مبارك.. شهرة زائفة وتحقيقات موسعة

تخضع صانعة المحتوى المسماة بـ"مروة بنت مبارك" للتحقيق في عدة بلاغات تتعلق بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبث محتوى غير لائق عبر حساباتها، وتأثيرها السلبي على المراهقات.

وتم التحفظ على الأجهزة الإلكترونية الخاصة بها وتحليل محتوياتها.

رأي الخبراء: الإسفاف الرقمي خطر على الأمن الاجتماعي

قال اللواء د. خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الحملات التي تنفذها وزارة الداخلية تأتي في توقيت بالغ الأهمية، نظرًا لتحول بعض المنصات إلى أدوات لبث انحلال أخلاقي منظم.

وأكد في تصريحات صحفية  أن الأجهزة الأمنية تعمل وفق استراتيجية متكاملة لا تقتصر على الضبط، بل تشمل المتابعة التقنية والتحليل الرقمي للمحتوى.

من جانبه، أوضح المستشار طارق إبراهيم، المحامي بالنقض، أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 وفر غطاءً قانونيًا قويًا للتعامل مع هذه الجرائم، مشيرًا إلى أن تهمة "الاعتداء على القيم الأسرية" قد تصل عقوبتها إلى السجن 5 سنوات.

فيما شددت د. هالة شوقي، أستاذة علم الاجتماع، على أن هذه الظواهر تعكس أزمة قيم لدى بعض الشباب، وأن المسؤولية لا تقع على الدولة فقط، بل تمتد إلى الأسرة والمدرسة والإعلام، مؤكدة ضرورة تقديم بدائل إيجابية تواكب تطلعات الجيل الجديد.

الداخلية: لا تهاون مع الفوضى الرقمية

أكدت وزارة الداخلية أنها مستمرة في ملاحقة كل من يروج لمحتوى مبتذل أو يخالف القيم المجتمعية، موضحة أن الفضاء الإلكتروني لا يعني الإفلات من العقاب، وأن الدولة لن تسمح بتحويل المنصات الرقمية إلى بيئة خصبة للابتذال والتربح غير المشروع.

وتأتي هذه الحملات ضمن رؤية متكاملة لتحقيق الأمن الاجتماعي والرقمي، وتعزيز الشعور العام بالثقة والعدالة، في ظل ما تواجهه الدولة من تحديات أخلاقية وسلوكية في العصر الرقمي.