أخبار عاجلة
موعد مباراة الأهلي القادمة في الدوري -
أسعار الدولار مساء اليوم الخميس 14 أغسطس 2025 -

"التعليم المتخصص" لا تنمية بلا مهارة

"التعليم المتخصص" لا تنمية بلا مهارة
"التعليم المتخصص" لا تنمية بلا مهارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبح من الواضح أن سوق العمل لم تعد كما كانت، وأن الطفرة التكنولوجية غيرت قواعد اللعبة، وفرضت على نظم التعليم أن تراجع نفسها وتتخلى عن الجمود الذي كبلها لعقود إذ لم يعد ممكنًا أن نظل أسرى لأنماط تعليمية تقليدية تعتمد على الحفظ والتلقين وتنتج أجيالًا تفتقر إلى المهارة والخبرة العملية.

لقد أثبت الواقع، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الاقتصاد الحالي لا يحتاج إلى المزيد من الشهادات بقدر حاجته إلى الكفاءات ومن هنا، يفرض التعليم المتخصص نفسه كحتمية لا بديل عنها، ليس فقط لتطوير المنظومة التعليمية، بل لضمان مستقبل اقتصادي مستقر يقوم على الإنتاج والمعرفة العملية لا التنظير المجرد.

لطالما عانى التعليم الفني في مصر من التهميش وسوء الفهم، فظل حبيس نظرة مجتمعية تعتبره ملاذًا أخيرًا لمن لم يسعفهم الحظ في التعليم العام، لا باعتباره مسارًا موازيًا ذا قيمة عملية واقتصادية مهمة لكن اليوم، وتحت وطأة التحولات العميقة في سوق العمل، بات هذا النوع من التعليم في قلب النقاش التنموي، بعدما ثبت أنه الأقرب إلى الواقع، والأقدر على تجهيز الطالب لمتطلبات الوظائف الحقيقية، لا الافتراضية ومع اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات الشركات، بدأت الدولة المصرية تعي أهمية تطوير نموذج بديل يستجيب لتحديات العصر ويعالج الاختلال الهيكلي في سوق الوظائف في هذا السياق، جاءت المدارس التطبيقية التكنولوجية كمحاولة جادة لإعادة صياغة العلاقة بين التعليم وسوق العمل، وتحويل المدرسة إلى مساحة إنتاج للمهارة، لا مجرد قاعة محاضرات.

وإذا نظرنا الي نموذج مدارس WE للتكنولوجيا التطبيقية نجده يقدم مثالًا حيًا على هذا التوجه فهذه المدارس، التي تأسست بشراكة بين وزارة التربية والتعليم والشركة المصرية للاتصالات، لا تكتفي بتدريس المناهج الحديثة، بل تدمج التعليم النظري بالتدريب العملي داخل بيئات عمل حقيقية والطالب هنا لا ينتظر التخرج ليبدأ البحث عن وظيفة، بل يتم إعداده منذ اليوم الأول ليكون فنيًا محترفًا قادرًا على العمل في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا، وهي من أسرع القطاعات نموًا وأكثرها طلبًا للعمالة المؤهلة.

ما يميز هذا النوع من التعليم أنه لا يَعِد الطالب بوظيفة، بل يضعه مباشرة على طريقها فالتدريب العملي المستمر، والتفاعل المبكر مع سوق العمل، يمنحان الخريج ميزة تنافسية حقيقية، ويجعله أكثر قدرة على تلبية متطلبات الشركات دون الحاجة إلى فترات تأهيل إضافية ومن جهة أخرى، توفر هذه المدارس فرصة حقيقية لأبناء الطبقة الوسطى للحصول على تعليم نوعي بمردود مهني واضح، بعيدًا عن استنزاف الموارد في مسارات أكاديمية مكدّسة بلا جدوى اقتصادية.

تجربة مدارس WE أثبتت أن التغيير ممكن حين تتوافر الإرادة السياسية والشراكة الفعالة بين الدولة والقطاع الخاص لكنها ليست نهاية الطريق، بل بدايته فالمطلوب الآن هو التوسع الذكي في هذا النموذج، وتعميم التجربة في مختلف المحافظات، وربطها بخريطة الاحتياجات الصناعية الفعلية، حتى لا تظل تجربة منعزلة بل تتحول إلى سياسة تعليمية وطنية شاملة.

نحن بحاجة إلى تعليم يُخرّج مهارات، لا مجرد خريجين، إلى نظام يُوجّه الطلاب منذ الصغر إلى التخصصات التي يحتاجها المجتمع، لا إلى ما يتلاءم مع مجموع الدرجات وإذا كنا جادين في بناء اقتصاد قادر على المنافسة، فالبداية لا تكون من الجامعات، بل من المدارس التي تزرع في عقول أبنائنا أن العمل ليس عيبًا، وأن الكفاءة أغلى من الشهادة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعاطي الحشيش في الميكروباص المتداول بالجيزة
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة