تتصاعد الاتهامات الموجهة لجيش الاحتلال الإسرائيلي مع استمرار حربه على غزة، التي دخلت يومها الـ664، حيث كشفت شهادة حصرية لمتعاقد عسكري أمريكي سابق عن أوامر مروعة باستهداف أطفال فلسطينيين عزل في مواقع توزيع المساعدات الإنسانية.
هذه الجرائم الخطيرة، التي نشرتها وسائل إعلام عالمية مثل "ميدل إيست آي" و"تايمز أوف إسرائيل"، تثير تساؤلات جدية حول سلوك جيش الاحتلال الإسرائيلي ودور الشركات الأمنية الأمريكية في تفاقم الأزمة الإنسانية، وفقًا لصحيفة ميدل إيست آي البريطانية.

شهادة تهز الضمير: القناصة جاهزون لإطلاق النار على الأطفال
في قلب هذه الجرائم يقف أنتوني أجيلار، جندي سابق في القوات الخاصة الأمريكية (القبعات الخضراء) ومتعاقد أمني سابق في غزة. خلال مقابلة مع السيناتور الأمريكي كريس فان هولن نُشرت أمس الأربعاء الموافق 30 يوليو 2025، روى أجيلار حادثة مرعبة: ضابط إسرائيلي برتبة مقدم أمر بإنزال أطفال فلسطينيين كانوا يقفون على أكتاف رجل بالغ لتجنب التدافع أثناء توزيع المساعدات في منطقة المواصي برفح. وعندما رفض أجيلار الامتثال، هدد الضابط بإطلاق النار على الأطفال، وأبلغ القناصة عبر الراديو بالاستعداد لقتلهم.
وصف أجيلار الأطفال بأنهم كانوا "عزلًا، جائعين، وبعضهم بدون أحذية أو ملابس كافية". وفي مقابلة سابقة مع "بي بي سي" بتاريخ 25 يوليو 2025، لم يتردد أجيلار في وصف تصرفات قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمتعاقدين الأمريكيين بأنها "قوة عشوائية وغير ضرورية" ضد مدنيين عزل، واصفًا إياها بـ"جرائم حرب".
شركات أمن أمريكية في مرمى الاتهام: "لا تقل لا للعميل"
وتُلقي شهادة أجيلار الضوء على الدور المثير للجدل للشركات الأمنية الأمريكية في الصراع. فقد عمل أجيلار لصالح شركة "يو جي سولوشنز" تحت إشراف شركة "سيف ريتش سولوشنز". وأكد أن الأخيرة تلقت تعليمات مباشرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وبعد رفضه تنفيذ الأوامر الإسرائيلية بإطلاق النار على الأطفال، وبخه مسؤول العمليات في "سيف ريتش سولوشنز"، مشددًا على أنه "لا يجب قول لا للعميل"، في إشارة واضحة إلى جيش الاحتلال.
هذا يكشف عن علاقة وثيقة وخطيرة بين الشركات الأمنية الأمريكية وجيش الاحتلال، مما يثير مخاوف جدية بشأن تواطؤ هذه الشركات في انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان. ووفقًا لتقرير "ميدل إيست آي"، فإن "سيف ريتش سولوشنز" تديرها شخصية سابقة بارزة في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، وترتبط بشركة استثمار خاصة في شيكاغو.
أزمة إنسانية متفاقمة وأرقام مروعة
وتتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كارثي مع استمرار الحصار الإسرائيلي، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء، المياه، والدواء. وتشير تقارير دولية إلى وفاة أطفال بسبب الجوع وسوء التغذية. بينما تتهم إسرائيل حركة حماس باحتكار المساعدات ومهاجمة المدنيين الباحثين عنها.
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، التي تديرها حماس، قُتل أكثر من 1000 شخص بالقرب من مواقع توزيع المساعدات منذ مايو 2025. ويصل إجمالي القتلى في القطاع إلى 60،000 منذ بدء الحرب. من جانبه، يزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يستخدم "طلقات تحذيرية" للسيطرة على الحشود، معترفًا بمقتل "عدة" فلسطينيين بنيرانه.
ضغوط دولية ودعوات للتحقيق
وتزايدت الضغوط الدولية على إسرائيل والمؤسسة الإنسانية في غزة مع تصاعد التقارير عن سقوط ضحايا في مواقع المساعدات.
وأشار تقرير "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن المؤسسة، التي بدأت عملياتها في أواخر مايو 2025 ووزعت أكثر من 92 مليون حصة غذائية، تواجه انتقادات يومية بسبب تقارير عن مقتل فلسطينيين أثناء البحث عن المساعدات.
وأثارت شهادات أجيلار جدلًا واسعًا في وسائل الإعلام الدولية، مع دعوات متزايدة لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة للتحقق من الادعاءات حول "جرائم الحرب" ومسؤولية جميع الجهات المتورطة.