يشهد عالم الترفيه تزاوجًا متزايدًا بين صناعة السينما والتلفزيون وألعاب الفيديو، ومع النجاح الذي حققته الأعمال المقتبسة في الفترة الأخيرة، لم يكن غريبًا أن تحظى لعبة المغامرات الشهيرة Life is Strange بنصيبها من هذا التحول. فقد أعلنت شركة أمازون أن منصتها "برايم فيديو" طلبت رسميًا إنتاج مسلسل مقتبس من اللعبة التي صدرت لأول مرة عام 2015، وحققت آنذاك إشادة واسعة من النقاد واللاعبين على حد سواء بفضل سردها العاطفي العميق ومزجها بين الدراما الواقعية والعناصر الخارقة للطبيعة.
المسلسل الجديد، وفق ما جاء في إعلان أمازون، سيحافظ على الروح الأصلية للعمل مع تقديم معالجة تلفزيونية أكثر شمولية. تدور القصة حول "ماكس"، طالبة التصوير الفوتوغرافي التي تكتشف فجأة قدرتها على إعادة الزمن إلى الوراء، في لحظة حاسمة تنقذ خلالها صديقتها المقربة "كلوي". ومن خلال هذه الموهبة الخارقة، يجد الثنائي نفسيهما في قلب لغز غامض يتعلق باختفاء طالبة من مدرستهما، ليكتشفا تدريجيًا جانبًا مظلمًا يسيطر على مدينتهما الصغيرة، ويدفعهما إلى مواجهة قرارات مصيرية قد تغيّر حياتهما إلى الأبد.
يقود المشروع الكاتب والممثل البريطاني تشارلي كوفيل، المعروف بأعمال ناجحة مثل نهاية العالم اللعين وKAOS. وسيعمل كوفيل كمبدع ومنتج تنفيذي إلى جانب فريق إنتاج يضم أسماء بارزة مثل ديمتري م. جونسون، ومايك غولدبرغ، وتيموثي آي. ستيفنسون من شركة "ستوري كيتشن". كما تشارك في الإنتاج شركتا "سكوير إينكس" المطورة للعبة و"لاكي تشاب"، على أن يُنتج العمل استوديو "أمازون إم جي إم".
كوفيل عبّر عن حماسه الكبير لهذا المشروع قائلاً في بيان صحفي: "إنه لشرف عظيم أن أتولى تكييف قصة Life is Strange لصالح استوديوهات أمازون إم جي إم. لطالما كنت من أشد المعجبين باللعبة، ويسعدني أن أعمل مع الفرق الرائعة في سكوير إينكس وستوري كيتشن ولاكي تشاب. أتطلع بشغف لمشاركة رحلة ماكس وكلوي مع جمهور اللعبة ومحبي الدراما على حد سواء".
هذا الإعلان يأتي في إطار استراتيجية واضحة لأمازون برايم لتعزيز حضورها في ساحة الأعمال المقتبسة من ألعاب الفيديو. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، كشفت الشركة أن الممثلة البريطانية صوفي تيرنر، نجمة صراع العروش، ستجسد شخصية "لارا كروفت" في سلسلة مقتبسة من Tomb Raider. كما تستعد المنصة لعرض الموسم الثاني من مسلسل Fallout الشهير قبل نهاية هذا العام، والذي يَعِد جمهوره بظهور كائنات "مخالب الموت" الشهيرة من اللعبة.
أما على صعيد الألعاب نفسها، فلا تزال شركة سكوير إينكس تواصل تطوير عناوين جديدة مرتبطة بسلسلة Life is Strange. ففي عام 2024، عادت شخصية "ماكس" عبر إصدار Double Exposure الذي يُعتبر أول تكملة مباشرة لأحداث الجزء الأصلي. كما أطلقت استوديوهات Don't Nod، مبتكرة اللعبة الأولى، مشروعًا جديدًا بعنوان Lost Records: Bloom & Rage، وُصف بأنه "تكملة روحية" للسلسلة ولاقى اهتمامًا كبيرًا من مجتمع اللاعبين.
يتضح من هذا الزخم أن العلاقة بين الألعاب والأعمال الدرامية لم تعد مجرد تجارب جانبية، بل تحولت إلى ركيزة رئيسية في صناعة الترفيه الحديثة. فنجاح أعمال مثل The Last of Us وFallout شجّع شركات كبرى مثل أمازون على استثمار موارد ضخمة في اقتباس قصص ألعاب ذات قاعدة جماهيرية قوية، ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من الإنتاجات التي قد تغيّر ملامح سوق البث التدفقي خلال السنوات المقبلة.
ومع هذا الإعلان، تطرح تساؤلات مهمة: هل سينجح المسلسل في تقديم تجربة وفية لجوهر اللعبة وفي الوقت نفسه جذابة لجمهور لا يعرفها؟ أم أن صعوبة الموازنة بين توقعات اللاعبين ومتطلبات الدراما التلفزيونية ستشكل تحديًا كبيرًا؟ الأكيد أن العيون الآن تتجه إلى "برايم فيديو" لمتابعة كيفية ترجمة هذه التجربة التفاعلية إلى دراما مشوقة على الشاشة.