تحتفي الأوساط الفنية، اليوم الجمعة، بذكرى ميلاد المطرب والموسيقي العراقي كاظم الساهر، أحد عمالقة الفن في العالم العربي، الذي لا يزال صوته الشعري وألحانه العذبة تشكل سجلًا حافلًا بالإبداع، جعلته يحظى بلقب "قيصر الأغنية العربية".
من النشأة في الموصل إلى قمة المجد
ولد كاظم جبار إبراهيم الساهر، المعروف فنيًا باسم "كاظم الساهر" في الثاني عشر من سبتمبر عام 1957 بمدينة الموصل شمال العراق، حيث بدأت علاقته بالموسيقى مبكرًا، حيث تعلم العزف على العود وهو في العاشرة من عمره. تخرج من معهد إعداد المعلمين في الموصل، وعمل مدرساً قبل أن يقرر الانتقال إلى بغداد ليدرس في أكاديمية الفنادق ويلتحق بعدها بمعهد الدراسات الموسيقية، ليطور موهبته بشكل أكاديمي، حتى انطلقت شهرته الحقيقية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ليتخطى حدود العراق ويصبح نجمًا عربيًا يحظى بحب الملايين.
مسيرة حافلة بالكلاسيكيات
تميزت مسيرة الساهر بالثراء والتنوع، حيث قدم مئات الأغاني التي مزجت بين الأصالة والمعاصرة، وهو ليس مجرد مغني، بل ملحن وشاعر في كثير من الأحيان، ومن أبرز أغانيه التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الجمعية العربية: "زيديني عشقا" وهي من كلمات نزار قباني، وتعتبر من أكثر الأغاني العربية شهرة على الإطلاق، وأغاني "ورد العشق، شجرة الزيتون، بعدك بحلى العمر، ميسور الحال، سلمتك بيد الله، سلامتك من الآه، يا مدلل، ها حبيبي، مدرسة الحب، أنا وليلى، الا أنت، أكرهها، كل عام وأنت حبيبتي، دلع، صباحك سكر، مدينة الحب، حبيبتي، عيد العشاق" وغيرها من الأغاني التي عالقت في أذهان الجمهور.
حفلات أسطورية في عواصم العالم
لم يقتصر نجاح الساهر على الاستديوهات، بل امتد ليشمل أكبر المسارح في العالم، حيث قدم حفلات غنائية تاريخية حضرها عشرات الآلاف، منها: حفلات القاهرة التي يعتبرها الكثيرون بيته الثاني، حيث غنى في دار الأوبرا المصرية وكبرى المسارح بشكل متكرر، وحفلات لندن في قاعة "رويال ألبرت هول" الشهيرة، وحفلات باريس في قاعة "أولمبيا" و"قصر المؤتمرات"، وحفلات دبي في حفلات رأس السنة واستادات المدينة، وحفلات عمان في المسرح الروماني، بمشهد تاريخي جمع التراث بالحديث، وحفلات بغداد عودته إلى مسقط رأسه بعد سنوات الغياب كانت دائمًا حدثًا استثنائيًا وطنيًا وعاطفيًا.
إرث فني وإنساني
لا يقتصر إرث كاظم الساهر على أغانيه، بل يمتد ليشغف جماهيره بإنسانيته ووطنيته، فهو سفير النوايا الحسنة لمنظمة اليونيسف، وله العديد من المبادرات الخيرية، كما حصد العشرات من الجوائز والتكريمات العربية والعالمية، ليبقى كاظم الساهر ظاهرة فنية فريدة، صاغ بموسيقاه ذاكرة جيل كامل، وما زال يملك القدرة على إدهاشنا بإبداع لا ينضب.