من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"
ها أنتِ تجلسين على سرير الولادة..
ها هو الطبيب يطلب منكِ أن تدفعي بشدة، حتى يخرج مولودك من الظلمات إلى النور..
تدفعين..
يطلب منكِ الطبيب المزيد من الدفع..
رحتِ تدفعين..
وتدفعين..
وتدفعين..
يبتسم الطبيب عندما رأى رأس الجنين..
يعود ويأمرك في عصبية منه، أن تدفعي أشد..
رحتِ تدفعين..
وتدفعين..
وتدفعين..
تمتد يد الطبيب ليسحب باقي جسد الجنين..
يخرج..
تبتسمين..
يخرج دون صراخ كباقي الأطفال..
الخوف الشديد يعتصرك عصرًا..
على الفور..
راح الطبيب يضرب ظهر المولود ضربات خفيفة متتالية، حتى صرخ باكيًا..
تعود إليكِ ابتسامتك..
تمتد يديكِ كيد مُدت لغريق لتلتقطي ابنك..
ابنك الذي ما إن يشعر بيديكِ، وضمه إلى صدرك الحنون، حتى يتوقف بكاؤه سريعًا..
يتعجب الطبيب..
يتعجب الحاضرون..
أصابعكِ المرتعشة..
راحت تتحسس جسد ابنك الملطخ بالدماء..
ودموعك فرحتك..
الرافضة بشدة مرارة الهزيمة تنزل سريعًا لتغسل جسده..
يبتسم..
تبتسمين..
- يا مدام "رانيا" نضفي العيل..
يقولها الطبيب لكِ..
ترفضين سماع قوله..
- يا مدام "رانيا" نضفي العيل..
في غضب شديد..
وبصوت مسموع لمن خارج غرفة العمليات..
يعيد عليكِ الطبيب كلامه مرة ثانية..
تلتفتين إليه..
- وبعدين معاكي.. مع كل عيل يتولد، تعملي نفس عمايلك دي، أنا صبري نفد..
قدماكِ المكبلتين بالهزيمة والانكسار تتحركان..
تتحركان في بطء شديد، لتقومي بعملك الوظيفي..
تنظفي ابنك/ ابنها..
تقومين بإلباسه أجمل الثياب لأول مرة..
يبتسم..
تبتسمين..
تنتهين من عملك على أكمل وجه..
- شكرًا .. هاتى الولد..
مبتسمة ..
تقولها أمه ..
تقولها أمه ..
وهى تفرد ذراعيها لتستقبل مولودها الأول، الذي جاء بعد
سنوات عدة..
قدماكِ التصقتا بالأرض..
- بقول لكِ شكرًا وهات الولد..
مرغمة تتحركين..
مرغمة تعطيه لأمه..
سريعًا..
سريعًا..
يعود بكاء الطفل الرافض بشدة لمرارة هزيمتك.
