تتصدر المركبات الكهربائية اليوم حلول النقل المستدام، ليس لكونها بديلًا صديقًا للبيئة عن محركات الاحتراق الداخلي فحسب، بل أيضًا لدورها في دفع عجلة البحث العلمي نحو ابتكار محركات أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
وفي هذا السياق، تناولت رسالة ماجستير نوقشت في كلية الهندسة جامعة الأزهر بنين -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- تحسين أداء محركات الممانعة بصفتها خيارًا واعدًا لتلبية متطلبات الأداء العالي للمركبات.
وقدّم الرسالة المقيد بالدراسات العليا بالكلية والمعيد في قسم القوى الكهربية بأكاديمية الشروق الباحث محمد أحمد عبدالتواب بعنوان "تحسين الأداء لمحركات الممانعة ذات القفل والفتح في المركبات الكهربائية" (Switched Reluctance Motor Performance Enhancement for Electrical Vehicle).
وأشرف على الرسالة أستاذ الآلات الكهربية في كلية الهندسة بجامعة الأزهر بنين بالقاهرة الدكتور حمدي عبدالحليم محمد، وشاركه في لجنة الإشراف المدرس بأكاديمية الشروق الدكتور محمد بهي الدين بركات.
وضمّت لجنة الحكم والمناقشة بالإضافة للجنة الإشراف كلًا من: أستاذ الآلات الكهربية المساعد في كلية الهندسة بشبرا جامعة بنها الدكتور عمر السيد يوسف ممتحنًا خارجيًا، وأستاذ الآلات الكهربية المساعد بكلية الهندسة بنين جامعة الأزهر الأستاذ الدكتور عمرو رفقي عبدالوهاب ممتحنًا داخليًا.
وأثنت اللجنة على الباحث لما قام به من دراسات واضحة لاستعمال هذا النوع من المحركات، مستعرضًا مميزاته وعيوبه عند استعماله بصفته محركًا كهربيًا أساسيًا في المركبات الكهربائية.
الحدّ من الانبعاثات الكربونية
أوضح أستاذ الآلات الكهربية في كلية الهندسة بجامعة الأزهر بنين بالقاهرة الدكتور حمدي عبدالحليم أن محركات الاحتراق الداخلي تُعدّ سببًا رئيسًا للتلوث البيئي نتيجة لما تتسبب فيه من انبعاثات ضارّة تكافح معظم دول العالم -حاليًا- لخفض معدلاتها قدر الإمكان.
وتنتج محركات الاحتراق الداخلي نسبة تتراوح ما بين 42 -55% من الغازات العضوية غير الميثانية مثل الأوزون، و80- 90%من أول أكسيد الكربون، و50-62%من أكاسيد النيتروجين الموجودة في المناطق الحضرية، وفقًا لبيانات وكالة حماية البيئة.

وقال الدكتور حمدي عبدالحليم: "هناك انتقاد آخر موجّه إلى محركات الاحتراق الداخلي يتمثل في الاستعمال غير الفعال للوقود الأحفوري، ونتيجة لذلك، فإن المشكلة مع محركات الاحتراق الداخلي متعددة الأوجه: بيئية واقتصادية".
وأضاف عبدالحليم -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن المركبات الكهربائية تُعدّ الوسيلة البديلة للحدّ من التلوث الناتج عن مركبات محركات الاحتراق الداخلي.
تجدر الإشارة إلى أن المركبات الكهربائية تعتمد على محركات دفع كهربائية متنوعة وحديثة التصميم، فضلًا عن الوجود الأساسي للبطاريات بصفتها وحدة لتخزين الكهرباء ومصدرًا وحيدًا لتوفير الدفع الكهربي المناسب من خلال إمداد المحركات الكهربية التي صُمِّمت خصوصًا أو أُعيدَ تصميمها بتعديلات فنية وهندسية مناسبة لمواءمة الاستعمال في هذه المركبات.
تطور محركات المركبات الكهربائية
تعتمد المركبات الكهربائية والهجينة عادةً على المحركات الحثية، لأنها أقل تكلفة وأكثر اعتمادًا ولا تحتاج إلى صيانة متكررة مقارنة بالمحركات التقليدية، لكن هذه المحركات لم تكن تقدّم الأداء المطلوب عند التحكم فيها بالطرق التقليدية.
ومع ظهور تقنيات حديثة مثل التحكم المتجه (FOC) أصبح بالإمكان تحسين كفاءة المحركات الحثية، إلّا أنها ما زالت تعاني من ضعف الكفاءة عند السرعات المنخفضة ومحدودية نطاق عملها.
ومؤخرًا، بدأ الباحثون يهتمون بمحركات أخرى تُعرف بـ"محركات الممانعة"، وتُمثّل خيارًا واعدًا للمركبات الكهربائية والهجينة، وتتميز هذه المحركات ببساطة التصميم وقلة التكلفة، إلى جانب قدرتها على العمل بسرعات عالية وعزم دوران جيد.
لكن في المقابل، يظل التحكم فيها تحديًا بسبب بعض المشكلات مثل التشبع المغناطيسي وتموّج عزم الدوران، ما يجعلها تحتاج إلى تصميمات دقيقة وحلول مبتكرة.
إسهام البحث العلمي
في هذا الإطار، تناولت رسالة الباحث المصري تحليل أداء محركات الممانعة، مع تجربة تصميمات مختلفة للأسنان الداخلية للمحرك باستعمال برامج محاكاة متقدمة مثل MATLAB وتقنية العناصر المحدودة.

وسعى البحث إلى التوصل إلى أفضل تصميم يوازن بين البساطة والكفاءة ويُقلل من مشكلة تموج العزم التي تعوق استعمال هذه المحركات في المركبات الكهربائية، وبالفعل، اقترح الباحث تعديلات هندسية مبتكرة على شكل أسنان العضو الدوار، وأظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في الأداء مقارنة بالتصميمات التقليدية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..