ذكرت صحيفة عروتز شيفع الإسرائيلية أن العلاقات الفرنسية الإسرائيلية شهدت توترًا متصاعدًا بعد أن رفض رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإسرائيل، مشترطًا تخلي باريس عن خططها بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
وأشارت عروتز شيفع إلى أن هذا التطور، الذي كشفته هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، ألقى الضوء على خلاف عميق تفاقم سريعًا إلى حرب كلامية علنية بين كبار المسؤولين في البلدين.
انتقال المواجهة بين باريس وتل أبيب إلى السوشيال ميديا
انتقل الخلاف الدبلوماسي سريعًا إلى منصة "X" (تويتر سابقًا)، حيث تبادل وزيرا الخارجية الفرنسي والإسرائيلي اتهامات حادة. وشنّ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر هجومًا لاذعًا ضد ماكرون، متهمًا إياه بـ"الانفصال عن الواقع" في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر.
كما انتقد ساعر ما وصفه بـ"تدخل" فرنسا في شأن داخلي، متهمًا إياها بالتهاون مع التحريض الفلسطيني ودفع رواتب من وصفهم بـ"الإرهابيين وعائلاتهم"، وواصفًا تصرفات ماكرون بأنها "خطيرة" وتقوّض الاستقرار.
لم يتأخر الرد الفرنسي، إذ دافع وزير الخارجية جان - نويل بارو عن مبادرة بلاده، مؤكدًا أن فرنسا حصلت على "التزامات غير مسبوقة" من السلطة الفلسطينية، مثل وقف دفع رواتب الأسرى ومراجعة المناهج الدراسية.
وأشار بارو إلى أن المبادرة الفرنسية تهدف لتقديم حل بديل لإنهاء الحرب، وتتضمن التزامات من الدول العربية وتركيا بدعم نزع سلاح حماس وإعادة إعمار غزة.
حقائق متضاربة وخطأ محرج
وتصاعدت التوترات أكثر فأكثر عندما شكك ساعر في ادعاءات بارو حول وقف دفع الرواتب، مؤكدًا أن السلطة الفلسطينية استبدلت النظام القديم بآخر جديد يواصل تحويل الأموال إلى نفس الحسابات المصرفية.
وواصل ساعر هجومه، مشددًا على أن التحريض ما زال منتشرًا، وأن الإجراءات الفرنسية "تطيل أمد الحرب وتزعزع استقرار المنطقة".
أما على الصعيد المحرج، فقد ارتكب الوزير الفرنسي خطأً لافتًا عندما أشار بالخطأ إلى حساب ساخر على "X" لوزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونج، مما أضاف لمسة من السخرية غير المقصودة على خلاف دبلوماسي بالغ الجدية.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد كشفت عن رسالة من ماكرون إلى نتنياهو، دافع فيها عن موقفه بخصوص إقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدًا أنها "خطوة جوهرية" من أجل تحقيق الأمن في إسرائيل وأوروبا، وليست محفزًا لمعاداة السامية.
انتقد ماكرون في الرسالة الحرب في غزة، واصفًا إياها بأنها "كارثة إنسانية مروعة لا يمكن تبريرها"، وحذر من أن استمرارها سيجعل إسرائيل "أكثر عزلة" ويعرّض المجتمعات اليهودية حول العالم للخطر.
كما طرح سؤالًا مباشرًا على نتنياهو: "ما هو المسار الذي يمكنك أن تقدمه؟" مشيرًا إلى أن خطة السلام الدولية التي طرحتها فرنسا توفر "مسارًا موثوقًا" للسلام.
يعكس هذا الخلاف عمق التباين في الرؤى بين باريس وتل أبيب؛ فبينما ترى فرنسا أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للاستقرار، تعتبر إسرائيل أن مثل هذه التحركات الأحادية لا تفعل شيئًا سوى زعزعة المنطقة.