أكد الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء أ ح دكتور وائل ربيع، اليوم، أن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في محيط مدينة غزة عكس حجم الإخفاق الذي يواجهه جيش الاحتلال، بعد عجزه عن تحقيق الأهداف المعلنة لعمليته، والمتمثلة في "تدمير حركة حماس" و"استعادة المختطفين".
وأوضح اللواء وائل، في حوار مع إذاعة الوادي الجديد، مع المذيع محمد بدر الدين في برنامج حديث الواحة، أن الاحتلال سعى إلى فرض سيطرته على مدينة غزة، باعتبارها العاصمة وأحد أهم المراكز الاستراتيجية في القطاع، ليقدّم ذلك كـ"إنجاز عسكري" يعوض به إخفاقاته الميدانية.
وأضاف أن ما جرى على الأرض لم يكن سوى مخطط ممنهج للتدمير والإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين، دون أي نية حقيقية للدخول في مفاوضات، معتبرًا ما يُطرح من جانب إسرائيل مجرد "مراوغات إعلامية" تهدف إلى تضليل الرأي العام.
استهداف ممنهج للمدنيين
وأشار الخبير إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ باستهداف المنشآت الطبية، بل وسّع دائرة ضرباته لتشمل المدارس والمساجد والصحفيين ومخيمات المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف الإنسانية، واستشهد في هذا السياق بمجزرة "مدرسة بحر البقر" عام 1970، التي أسفرت عن استشهاد ثلاثين طفلًا، إضافة إلى قصف مصنع "نجع حمادي"، معتبرًا أن هذه الوقائع التاريخية تعكس طبيعة جيش "يفتقد إلى الأخلاق والشرف العسكري".
ضعف بنيوي في قوات الاحتلال
وحول استدعاء قوات الاحتياط، أوضح اللواء وائل أن الجيش الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي على هذا النظام، حيث لا تتجاوز القوات العاملة 25% من مجمل الجيش، بينما يشكل الباقي قوات احتياط تُستدعى وقت الأزمات. واعتبر أن هذا الاعتماد يمثل نقطة ضعف خطيرة، خاصة أن استدعاء مدنيين بشكل مفاجئ للانخراط في عمليات عسكرية مباشرة يضعف من كفاءتهم القتالية ويؤثر سلبًا على الروح المعنوية.
وأشار الخبير إلى وجود "عزوف متزايد" داخل المجتمع الإسرائيلي عن الاستجابة لنداءات التجنيد، خصوصًا بين المتدينين "الحريديم"، ما يفاقم من أزمة الاحتلال في إدارة عملياته الطويلة الأمد ويضعف استدامته اللوجستية.
سيناريوهات الحصار والتجويع
وعن السيناريوهات المحتملة، أكد اللواء وائل أن إسرائيل تسعى إلى تطبيق خطة تقوم على الحصار والتجويع والتدمير الممنهج للبنية التحتية في المناطق المحيطة بمدينة غزة، مثل الشجاعية والزيتون والجباليا، قبل التوغل داخل المدينة التي تضم نحو 1.2 مليون نسمة. وأوضح أن الهدف من هذه السياسة هو دفع السكان نحو النزوح إلى دير البلح، ثم تكرار السيناريو ذاته في خان يونس.
وأضاف أن الهدف النهائي لجيش الاحتلال يتمثل في "تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على كامل قطاع غزة"، مشددًا على أن هذه السياسة ليست سوى حلقة جديدة من سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
مصر ترفض "أوهام إسرائيل الكبرى"
وفي سياق متصل، علّق الدكتور وائل على تصريحات وزير الخارجية المصري بشأن رفض "أوهام إسرائيل الكبرى"، مؤكدًا أن مصر لن تسمح بتهديد حدودها أو التعدي على سيادتها، وأن تحركات القوات المسلحة في سيناء تأتي في إطار "الجاهزية الطبيعية" لأي احتمالات إقليمية. وأضاف أن هذه التحركات تمثل رسالة ردع قوية لأي طرف قد يفكر بالاقتراب من الحدود المصرية.
دعم الصمود الفلسطيني
واختتم الخبير الاستراتيجي تصريحاته بالتأكيد على أن ما يحدث في غزة هو جزء من "مخطط تهجير قسري واستيطان إسرائيلي"، مشددًا على أن نهاية هذا المشهد مرتبطة بمدى صمود الشعب الفلسطيني ودعم المجتمع الدولي له. وأضاف: "الختام لن يكون إلا بإفشال أهداف الاحتلال، ودعم صمود الفلسطينيين بالمساعدات والوقوف إلى جانبهم في مواجهة هذا العدوان".
شهد التاريخ الفلسطيني محطات متكررة من التهجير القسري الذي مارسته إسرائيل منذ نكبة عام 1948، حين جرى تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم قسرًا، وباتوا لاجئين في دول الجوار.
وتكررت سياسة الاحتلال في نكسة 1967 وما تلاها من توسع استيطاني في الضفة الغربية والقدس. وتأتي التطورات الحالية في غزة امتدادًا لهذه السياسات، ما يعزز المخاوف من إعادة إنتاج سيناريو النكبة بصورة جديدة، وهو ما تحذر منه منظمات حقوقية دولية، مطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية واحترام القانون الدولي الإنساني.