تتسارع الأبحاث الحديثة للتوصل إلى تقنيات حماية متطورة لنظم شبكات الكهرباء، ولا سيما في ظل ما تواجهه من تحديات لاستيعاب القدرات المتجددة غير المستقرة.
وفي هذا الإطار، ابتكرت باحثة مصرية آلية -اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)- تفتح آفاقًا جديدة في عالم وقاية شبكات الكهرباء.
وتعتمد فكرة رسالة الماجستير، التي أعدّتها المعيدة في المعهد العالي للهندسة بأكاديمية الشروق المهندسة إسراء محمد شلبي، على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT) بشكل ذكي وفعّال مع مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء.
ونُفذت الرسالة تحت إشراف الأستاذ في قسم هندسة القوى والآلات الكهربية بكلية الهندسة جامعة عين شمس الدكتور المعتز يوسف عبدالعزيز، والأستاذة في قسم الهندسة الكهربية بكلية الهندسة جامعة كفر الشيخ الدكتورة إيمان سعد، والمدرس في قسم هندسة القوى والآلات الكهربية بالمعهد العالي للهندسة بأكاديمية الشروق الدكتور باسم عبدالحميد.
تحديات شبكات الكهرباء
استهدفت الدراسة أصعب المشكلات التي تواجه مشغّلي الشبكات وهي اكتشاف الأعطال بدقة، وتصنيفها، وتحديد مواقعها في بيئة مليئة بالتحديات التقنية؛ من أبرزها تغير الأحمال، والتغذية بمصادر الطاقة المتجددة غير المستقرة مثل طاقتي الشمس والرياح.
وأفاد المشرف الرئيس على الرسالة الدكتور المعتز يوسف -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- بأن الرسالة قد تمخّضت عنها نتائج تمكنت خلالها الباحثة من رصد التفاصيل الدقيقة في إشارات موجات التيار الكهربائي العابرة والسارية في خطوط التوزيع قبل وخلال وبعد حدوث العطل على أي خط من خطوط شبكات الكهرباء.
كما حلّلت الباحثة تلك الإشارات باستعمال تقنية محول المويجات المتقطع (Discrete Wavelet Transform)، ثم دمجها مع خوارزميات آلة المتجه الداعم (Support Vector Machine)، وهي إحدى صور الذكاء الاصطناعي التي تتميز بأدائها المتوازن بين الدقة وسرعة الاستجابة.
ربط فوري بالشبكة
أوضحت المشرفة المشاركة على الرسالة الدكتورة إيمان سعد -في تصريحاتها الخاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الدراسة كان لا بد أن تختبر النموذج عند ربطه مباشرة بمنصة مفتوحة لإنترنت الأشياء (IoT)؛ لذا فإن الباحثة ربطت النموذج المقترح مباشرة بمنصة مفتوحة تُتيح نقل البيانات وتحليلها في الزمن الحقيقي.
وبهذه الطريقة، أصبح بالإمكان مراقبة الإشارات لحظة بلحظة، وتشغيل خوارزميات التصنيف والتحديد للأعطال دون أي تأخير؛ حيث وصل زمن اكتشاف الأعطال إلى نحو 21.4 مللي/ثانية؛ ما أسهم في تقليل زمن الاستجابة وتعزيز موثوقية الشبكة في الحفاظ على استمرار التغذية للأحمال.
وشارك المشرف المشارك على الرسالة الدكتور باسم عبدالحميد، مع الباحثة في اختبار النموذج المقترح نظريًا تحت ظروف تشغيل متنوعة بالمصادر التقليدية وظروف أعطال مختلفة.
كما وُضع النموذج تحت ظروف تشغيل تشتمل على مصادر طاقة متجددة وغير مستقرة مثل طاقتي الشمس والرياح، حيث مثل كل منها ما يقرب من 30 % من إجمالي أحمال الشبكة.
ورغم كل هذه التعقيدات؛ فقد أظهر النموذج المقترح أداءً مميزًا، وتمكّن من التعرف على الأعطال بدقة تصل إلى 100%، كما استطاع تصنيف تلك الأعطال، وتحديد مواقع الأعطال بدقة تتراوح بين 97.33% و99.88%؛ ما سهّل أمر الصيانة على فريق العمل.
كما استطاع النموذج المقترح التمييز بدقة بين الأعطال الحقيقية والأحداث العابرة مثل الأحمال الزائدة أو أي تغيرات أخرى تطرأ على شبكات الكهرباء.
نظام متكامل
قال الدكتور المعتز يوسف: "إنه في ضوء هذه النتائج، يمكن القول إن نتائج هذا البحث قد أسهمت في تغيير كبير بطريقة التفكير في مجال حماية الشبكات".
0
وتفتح هذه الدراسة الباب أمام تطوير شبكات كهربائية ذكية قادرة على اكتشاف الأعطال والتعامل معها قبل أن تؤثر في المستهلكين، خاصة مع ازدياد الاعتماد على الطاقات المتجددة، وانتقال العالم إلى مرحلة الطاقة النظيفة والمستدامة.
وأكد يوسف أنه في ظل الجهود التي تبذلها الدولة لإنشاء سوق كهرباء تنافسية ودمج مصادر الطاقة المتجددة بشكل موسّع، يمكن أن يمثل هذا البحث نواة لتطبيقات عملية واسعة النطاق ليبرز دور دمج الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء بمثابة حل مبتكر وضروري لإعادة تشكيل حماية منظومة شبكات نقل الكهرباء وتوزيعها.
كما يسهم البحث في اكتشاف الأعطال التي قد تتعرض لها شبكات الكهرباء مع تمييز نوعية تلك الأعطال والاستدلال على موقعها لتيسير عملية الصيانة وتقليل وقت انقطاع التغذية عن المستهلكين لضمان استمرار الخدمة بجودة عالية، مع تقليل القدرة المفقودة وكذلك تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
كما أوصت لجنة الإشراف على الرسالة لضمان نجاح هذا التحول، بالعمل على الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتحديث الشبكات التقليدية ووضع إطار تشريعي ينظم استعمال الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..