تتصاعد الدعوات في الأوساط السياسية السورية لحل جماعة الإخوان في البلاد، في ظل التحولات التي تشهدها الساحة السورية بعد إعادة تشكيل المشهد السياسي والإداري.
أحدث هذه الدعوات جاءت على لسان أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، الذي طالب الجماعة بحل نفسها والانسحاب من الساحة، معتبرًا أن "مرحلة ما بعد الصراع لم تعد تحتمل الأطر الأيديولوجية المغلقة".
ـ خلفية تاريخية
تعود جذور جماعة الإخوان في سوريا إلى أربعينيات القرن الماضي، لكن نشاطها برز بقوة في السبعينيات والثمانينيات، حين دخلت في صراع دموي مع نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.
ومنذ ذلك الحين، ظلت الجماعة في حالة قطيعة مع النظام، قبل أن تعود إلى واجهة المعارضة بعد اندلاع الثورة عام 2011، لكنها واجهت اتهامات بالتخبط التنظيمي والسياسي.
ـ دعوة للحل والانخراط في المرحلة الجديدة
في تصريحات مثيرة للجدل، شدد زيدان على أن الجماعة فقدت دورها السياسي والفكري في سوريا الجديدة، قائلًا إن "البقاء في المشهد يتطلب إعادة صياغة أو اندماجًا ضمن المشروع الوطني الجامع"، محذرًا من أن البديل عن الحل الطوعي سيكون "الإقصاء التام من الحياة العامة".
وأضاف أن معظم الكيانات والفصائل التي عارضت النظام سابقًا قبلت بالاندماج في مؤسسات الدولة الجديدة أو حلت نفسها طوعًا، في خطوة تهدف إلى "توحيد الصفوف وبناء دولة خالية من الاستقطاب الأيديولوجي".
ـ ردود الجماعة
حتى الآن، لم تُبدِ جماعة الإخوان أي تجاوب مع هذه الدعوات.
وصرح محمد حكمت وليد، المراقب العام للجماعة، في تصريحات صحفية، بأن الجماعة "سيدة قرارها"، رافضًا ما وصفه بـ"الضغوط السياسية والإعلامية" التي تمارس عليها.
وأكد أن "النظام السوري لم يفتح يومًا باب الشراكة أو المصالحة الحقيقية"، في إشارة إلى تمسك الجماعة بموقفها الرافض لأي خطوة باتجاه الحل أو إعادة الهيكلة.
ـ أبعاد سياسية وفكرية
يرى محللون أن دعوة زيدان ليست مجرد موقف إعلامي، بل تعكس توجهًا رسميًا لإغلاق ملف الإسلام السياسي في البلاد، ضمن استراتيجية لإعادة رسم المشهد الداخلي وإبعاد أي تيارات قد تهدد استقرار المرحلة الانتقالية.
ويشير خبراء إلى أن التجربة السورية الجديدة تسعى إلى تجاوز الانقسامات الأيديولوجية التي غذت الصراع طوال العقود الماضية، وهو ما يجعل بقاء جماعة بحجم الإخوان خارج سياق التحولات الحالية أمرًا صعبًا.
ـ سيناريوهات محتملة
المراقبون يرون أن الجماعة أمام خيارين لا ثالث لهما:
1. الحل الطوعي والانخراط في العملية السياسية الجديدة وفق شروط الدولة.
2. الإقصاء التدريجي من المشهد، مع ما قد يترتب على ذلك من فقدان التأثير السياسي والشعبي.
وفي ظل غياب مؤشرات على استعداد الجماعة لتقديم تنازلات جوهرية، يبدو أن المواجهة السياسية بينها وبين النظام السوري قد تتجه نحو مزيد من التصعيد في الفترة المقبلة.