يُشكِّل فهم أنواع خزانات الغاز الجوفية مدخلًا أساسيًا لتقييم جدوى المشروعات المخطط لها حول العالم، خلال وقت يكتسب فيه التخزين الجوفي للغاز زخمًا متزايدًا بوصفه ركيزة محورية في منظومة أمن الطاقة العالمي.
وتختلف الخزانات من ناحية البنية الجيولوجية والسعة والتكلفة والمرونة التشغيلية؛ ما ينعكس بشكل مباشر على أدائها في أوقات الذروة أو الأزمات.
وتشير دراسة صادرة عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، أعدّها خبير الغاز المهندس وائل حامد عبدالمعطي، وحصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن المنشآت الحالية حول العالم تعتمد بشكل رئيس على 3 أنواع من التكوينات الجوفية.
ويجري اختيار خزانات الغاز الجوفية وفق معايير فنية واقتصادية صارمة؛ منها طبيعة الصخور، ومستوى الضغط الطبيعي، والقرب من مراكز الطلب، وتكاليف الإنشاء والتشغيل.
الحقول المستنفدة
تمثل الحقول المستنفدة للغاز أو النفط (Depleted Oil & Gas Fields) الخيار الأكثر شيوعًا في العالم، بسبب جاهزيتها الجيولوجية، وتوافر البنية التحتية مسبقًا، وانخفاض تكاليف التهيئة.
ويجري تحويل هذه الحقول إلى منشآت تخزين جوفي بمجرد استنفادها من الوقود، إذ تحتفظ بطبيعتها الجيولوجية وقدرتها على الاحتفاظ بالغاز لأوقات طويلة.
وتتميّز بكونها مناسبة للتخزين الموسمي، وتعمل بكفاءة في الدول ذات فصول الشتاء القاسية، مثل ألمانيا والولايات المتحدة وكندا.
ومع ذلك، فإن قدرتها على الاستجابة السريعة قد تكون محدودة مقارنة بأنواع أخرى؛ ما يجعلها أقل مرونة في حالات الطلب الفوري الطارئ.

كهوف الملح
تُعد كهوف الملح (Salt Caverns) من أكثر أنواع التخزين الجوفي تطورًا، رغم تكلفتها الأعلى، إذ تُحفَر الكهوف اصطناعيًا داخل تكوينات ملحية عميقة، وتُستعمل على نطاق واسع في الولايات المتحدة وألمانيا.
وتوفر كهوف الملح مرونة تشغيلية عالية للغاية، إذ يمكنها السحب والحقن بوتيرة يومية تقريبًا، ما يجعلها مثالية لتلبية تغيرات الطلب المفاجئة، وتُستعمل عادة في أسواق تتسم بتقلبات سعرية يومية، كما هو الحال في مراكز تجارة الغاز الأوروبية.
ورغم المزايا، فإن تكاليف إنشائها مرتفعة، كما أن مواقعها الجيولوجية محدودة، إذ لا تتوافر التكوينات الملحية إلا في مناطق معينة.

طبقات المياه الجوفية
النوع الثالث خزانات الغاز الجوفية هو طبقات المياه الجوفية العميقة (Aquifers)، والتي تُستعمل في حالات غياب البدائل الأخرى، إذ تقوم على تخزين الغاز في تكوينات مائية داخل طبقات الأرض، شريطة توافر جيولوجيا مناسبة تضمن عدم تسرب الغاز.
وتُعدّ هذه الخزانات الأعلى تكلفة، إذ تتطلب تحليلات جيولوجية متعمقة، وتدخلات هندسية متقدمة، وتكاليف صيانة وتشغيل مرتفعة.
ومع ذلك، فهي توفر سعات تخزينية ضخمة، وتُستعمل في الولايات المتحدة وعدد محدود من الدول الأوروبية، وغالبًا لتأمين كميات إستراتيجية من الغاز.
مقارنة بين خزانات الغاز الجوفية
يتضمن الجدول التالي، مقارنة بين أنواع خزانات الغاز الجوفية، من ناحية التكلفة، والمرونة التشغيلية، وسعة التخزين، والانتشار الجغرافي.
النوع | التكلفة | المرونة التشغيلية | سعة التخزين | توفر المواقع |
الحقول المستنفدة | منخفضة إلى متوسطة | متوسطة | كبيرة جدًا | عالية |
كهوف الملح | مرتفعة جدًا | عالية جدًا | متوسطة | محدودة |
طبقات المياه الجوفية | مرتفعة | متوسطة إلى منخفضة | كبيرة | محدودة |
(المصدر: دراسة أوابك)
ووفقًا للدراسة، فإن أكثر من 70% من خزانات الغاز الجوفية حول العالم تعتمد على الحقول المستنفدة، في حين تمثل كهوف الملح نحو 10%، وتقتصر طبقات المياه الجوفية على حالات خاصة.
كيف يُختار نوع الخزان المناسب؟
يخضع الاختيار بين أنواع خزانات الغاز الجوفية لعدد من الاعتبارات الفنية والاقتصادية؛ من أبرزها:
- الجيولوجيا المحلية: مثل وجود التكوينات الملحية أو الحقول المستنفدة.
- القرب من شبكات التوزيع ومراكز الطلب.
- مستوى المرونة المطلوب (سحب يومي أو موسمي).
- سعر الغاز وتذبذباته في السوق المحلية.
- الإطار التنظيمي والتشريعي المحلي.
وتؤكد الدراسة أن كفاءة التخزين الجوفي لا تتوقف على نوع الخزان فحسب، بل أيضًا على البنية التحتية المصاحبة له، مثل أنظمة القياس، والضواغط، والأنابيب، ومحطات التحكم في الضغط.

الخلاصة..
تتنوع أنواع خزانات الغاز الجوفية بحسب الغرض من المشروع وطبيعة السوق والبيئة الجيولوجية.
وبينما تواصل الدول الصناعية الاستثمار في أنواع متعددة لتعزيز مرونة شبكاتها؛ فإن الدول النامية والعربية بحاجة إلى تقييم مواردها بدقة، واختيار النماذج الأنسب التي توازن بين الجدوى الاقتصادية والحاجة الإستراتيجية، ولا سيما مع تزايد الاعتماد على الغاز في المرحلة الانتقالية للطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: