أعلنت حكومة جنوب السودان أمس الأربعاء أنها لن تقبل بخطة لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة.
ونفت الحكومة بشكل قاطع أي محادثات مع إسرائيل بشأن هذا الموضوع، وفقًا لصحيفة واشنطن تايمز.
وقد نفت وزارة الخارجية في جنوب السودان صحة التقارير الإعلامية التي تحدثت عن مفاوضات مع إسرائيل لإعادة توطين الفلسطينيين.
وقالت الوزارة في بيان لها: "هذه الادعاءات لا أساس لها ولا تعكس الموقف الرسمي أو سياسة حكومة جمهورية جنوب السودان".
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل كانت من أوائل الدول التي اعترفت بجنوب السودان بعد استقلالها في عام 2011، واستضافت مؤخرًا وزير خارجيتها، موندي سيمايا كومبا.
سياق الخطة الإسرائيلية
تأتي هذه التقارير في سياق خطة أوسع من قبل إسرائيل لتشجيع الهجرة الجماعية من قطاع غزة، الذي يعاني من دمار واسع نتيجة الحرب مع حماس.
وقد صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بأن "الشيء الصحيح الذي يجب فعله، حتى وفقًا لقوانين الحرب كما أعرفها، هو السماح للسكان بالمغادرة، ثم تتوغل بكل قوتك ضد العدو الذي يبقى هناك".
رفض دولي ومخاوف فلسطينية
قوبلت مقترحات إعادة التوطين هذه بالرفض من قبل الفلسطينيين، وجماعات حقوق الإنسان، وجزء كبير من المجتمع الدولي، الذين يرون فيها خطة "للطرد القسري" وانتهاكًا للقانون الدولي.
يخشى الفلسطينيون من أن إسرائيل لن تسمح لهم بالعودة أبدًا، وأن مغادرة جماعية ستسمح لإسرائيل بضم غزة وإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية، وهو ما يدعو إليه وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية.
الوضع في جنوب السودان
على الرغم من الثروة النفطية في جنوب السودان، فإن البلاد ما زالت تكافح للتعافي من عقدين من الحرب الأهلية.
يرى البعض أن أي صفقة من هذا النوع مع إسرائيل قد تساعد جنوب السودان في تعزيز علاقاتها معها، وربما تكون مدخلًا لإدارة ترامب، حيث تسعى جوبا إلى رفع حظر السفر عن البلاد ورفع العقوبات عن بعض النخب فيها.
ومع ذلك، فإن الوضع في جنوب السودان، الذي يعد من أكثر دول العالم اضطرابًا، يجعل من غير المرجح أن يقبل الفلسطينيون التوطين هناك.
خلفية العرض الإسرائيلي:
يأتي الحديث عن خطة إعادة توطين الفلسطينيين من غزة في سياق العدوان الإسرائيلي على القطاع، والذي بدأ بعد هجوم 7 أكتوبر.
وقد أدى هذا العدوان إلى دمار هائل، وتشريد ما يزيد عن 85% من سكان غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بالأسوأ منذ عقود.
منذ بداية العدوان، طرح مسؤولون إسرائيليون من اليمين المتطرف فكرة متطرفة قائمة على أساس "الهجرة الطوعية" لسكان غزة، وتحديدًا إلى دول أخرى.
وقد ربطوا هذه الفكرة بضرورة إيجاد حل لما يصفونه بـ"العبء الديموغرافي" الفلسطيني، فضلًا عن رغبتهم في "تفريغ" القطاع من سكانه تمهيدًا لـ"حلول" سياسية أو أمنية مستقبلية.
الدول الأخرى التي تلقت العرض:
لم يقتصر الحديث عن إعادة توطين الفلسطينيين على جنوب السودان فقط. بل وردت تقارير عن اتصالات إسرائيلية مع عدة دول أخرى، منها:
جمهورية الكونغو الديمقراطية: أشارت بعض المصادر إلى أن إسرائيل تواصلت مع الكونغو بشأن إمكانية استقبالها لعدد من الفلسطينيين.
تشاد: على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي، إلا أن اسم تشاد قد ورد أيضًا ضمن الدول المحتملة.
رواندا: ورد اسم رواندا في بعض التقارير المبكرة حول محاولات إسرائيلية لإقناع دول أفريقية باستقبال الفلسطينيين.
دول أوروبية: أشارت مصادر إلى أن إسرائيل ناقشت الموضوع مع بعض الدول الأوروبية التي لديها مواقف مؤيدة لها، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن أي نتائج ملموسة.
هل حمل العرض مغريات؟
التقارير التي تحدثت عن هذه العروض لم تذكر تفاصيل دقيقة عن "المغريات" المقدمة. لكن يمكن استنتاج بعض النقاط بناءً على السياق العام:
المساعدات المالية: من المرجح أن تكون إسرائيل قد عرضت تقديم مساعدات مالية ضخمة للدول التي توافق على استقبال الفلسطينيين.
التعاون الأمني والسياسي: قد يشمل العرض تعزيز التعاون الأمني والاستخباري بين إسرائيل والدول المستقبلة.
الدعم الدبلوماسي: قد تكون إسرائيل قد وعدت بتقديم دعم دبلوماسي على المستوى الدولي لهذه الدول، لا سيما في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة.
التقارب مع الولايات المتحدة: بما أن إسرائيل تتمتع بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تكون قد وعدت بتقديم دعم اقتصادي وسياسي من واشنطن للدول التي تتعاون معها في هذا الملف.
وقوبلت هذه العروض برفض قاطع من الدول العربية والأفريقية. وقد أكدت هذه الدول على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي ورفض أي محاولة لـ"تصفية القضية الفلسطينية" أو "التهجير القسري" لسكان غزة، كما رفض الفلسطينيون هذه الأفكار بشكل قاطع، وأكدوا على حقهم في العودة إلى ديارهم، وشددوا على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية.