في مشهد يختلط فيه وهج الشمس الحارق بصوت المراوح المرهق، تسابق مصر الزمن لتجنب سيناريوهات الانقطاع المفاجئ للكهرباء، عبر خطة استثمارية ضخمة تسعى لإعادة رسم خريطة الطاقة في البلاد، وتغيير ملامح الخدمة في مناطق طالها الظلام كثيرًا.
مشروع استثماري ضخم بقيمة 11 مليار جنيه
كشفت مصادر حكومية أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء شرعت في تنفيذ مشروع استثماري ضخم بقيمة 11 مليار جنيه، يهدف إلى إنشاء محطات كهرباء جديدة وتحديث شبكات الكابلات، مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تعاني ضعف الأحمال أو انقطاع الخدمة، وعلى رأسها الجيزة، هذه المحطات من المقرر دخولها الخدمة قبل صيف 2026، في محاولة حاسمة لتفادي الضغوط المتزايدة على الشبكة القومية.
وتأتي هذه الخطوة بعد صيف شهد ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة، مما دفع الاستهلاك إلى مستويات غير مسبوقة، وأدى إلى أعطال متكررة خاصة في مناطق البدرشين والعياط وأبو النمرس والحوامدية. وفي إطار الخطة، تم الانتهاء مؤخرًا من إنشاء محطة محولات البدرشين بتكلفة تجاوزت مليار جنيه كمرحلة أولى من المشروع.
أما الجزء الأكبر من الاستثمارات — بنحو 10 مليارات جنيه — فسيُوجه إلى إنشاء موزعات كهرباء ومحطات محولات جديدة في منشأة القناطر والمنوات وهضبة الأهرام، وهي مناطق تواجه تحديات في توفير أراضٍ مناسبة للمشروعات، وهذا التوسع يهدف إلى تأمين الإمدادات الكهربائية وتقليل الأعطال خلال فترات الذروة.
وتعتمد الحكومة على هذه الاستثمارات جنبًا إلى جنب مع مخصصات الدعم البالغة 75 مليار جنيه في موازنة 2025-2026، لمواجهة الطلب المتوقع الذي قد يصل إلى 40 ألف ميغاواط يوميًا في الصيف، مع زيادة ملحوظة في استهلاك الغاز بنسبة 9%.
خطط الصيانة هذا العام ستشهد زيادة 67% في مخصصاتها
وكان رئيس الوزراء قد وعد بأن يمر صيف 2025 دون انقطاعات شبيهة بأزمات العام الماضي، التي نجمت عن نقص الغاز اللازم لتشغيل المحطات، مؤكدًا أن خطط الصيانة هذا العام ستشهد زيادة 67% في مخصصاتها، لتصل إلى 20 مليار جنيه، مع استمرار الاعتماد على المازوت والسولار عند الحاجة.
وتبقى التحديات قائمة أمام الشركة المصرية لنقل الكهرباء، خصوصًا في المناطق التي يصعب توفير أراضٍ بها لإنشاء بنية تحتية جديدة، لكن وتيرة العمل الحالية تشير إلى أن صيف 2026 قد يكون بداية لمرحلة أكثر استقرارًا في الخدمة الكهربائية بمصر.
