تُعد الذرة بمختلف أنواعها أحد أبرز المحاصيل الاستراتيجية التي تعتمد عليها مصر، لما لها من دور أساسي في دعم صناعة الأعلاف، وتلبية احتياجات قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، فضلًا عن دورها في توفير الغذاء للأسر الريفية.
وتواصل وزارة الزراعة خططها الطموحة لزيادة المساحات المزروعة بالذرة، مستفيدة من التقدم البحثي والتقني في مجال الزراعة وتحسين الإنتاجية.
الذرة: محصول يغذي آلاف الأسر ويدعم الصناعة
أكد الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ التابع لمركز البحوث الزراعية، أن الذرة تُعد من المحاصيل الأساسية في حياة آلاف الأسر بالمجتمعات الريفية، نظرًا لدخولها في صناعات غذائية وعلفية متعددة، ما يجعلها أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي في مصر.
وأوضح أن الوصول إلى إنتاجية مرتفعة من الذرة يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط الفنية والزراعية، تبدأ من اختيار نوع التربة وتوقيت الزراعة، وصولًا إلى نوعية التسميد والري وطرق المكافحة المتكاملة للآفات.
إنتاجية مرتفعة عند الزراعة السليمة
أشار فهيم إلى أن بعض الحقول المزروعة بالذرة سجلت إنتاجية تصل إلى 29 أردبًا للفدان، أي ما يعادل نحو 4 أطنان، مؤكدًا أن هذا الرقم يُعد مرتفعًا مقارنة بالمتوسطات العامة، ويعكس نجاح الممارسات الزراعية الحديثة.
وأكد أن تحقيق هذه المعدلات الإنتاجية يتطلب عناية فائقة في جميع مراحل الزراعة، بدءًا من تهيئة الأرض مسبقًا، ومرورًا باختيار المحصول السابق، وانتهاءً ببرامج الري والتسميد والمكافحة.
شروط نجاح زراعة الذرة: تجهيز الأرض وتوقيت الزراعة
1. إعداد الأرض:
تبدأ عملية التحضير قبل عدة شهور من الزراعة، وتتضمن حرث الأرض جيدًا، والتخلص من الحشائش، وتحسين التهوية.
يُفضل إضافة 200 كجم من سوبر فوسفات الكالسيوم للفدان لتحسين خصوبة التربة.
2. اختيار التوقيت المناسب:
أوصى الدكتور فهيم بأن أفضل فترة لزراعة الذرة تكون في النصف الثاني من شهر إبريل، لتجنب ارتفاع درجات الحرارة في أواخر الصيف.
الزراعة المبكرة تقلل من مخاطر الإصابة بدودة الحشد، التي تُعد من أخطر الآفات التي تهدد المحصول.
الهجن المحسّنة
أكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ أن الذرة الهجين 2031 تعتبر من أفضل الأصناف التي تم تجربتها في مصر، حيث تتميز بـ:
تحمل الظروف المناخية القاسية.
إنتاجية عالية وجودة ممتازة.
مقاومة نسبية للآفات والأمراض.
الذرة بعد محاصيل الشتاء
أشار فهيم إلى أن زراعة الذرة بعد محاصيل مثل البرسيم، الفول، الثوم، البصل، أو البطاطس، تعد من الممارسات الزراعية الذكية، نظرًا لقدرة هذه المحاصيل على تحسين خصوبة التربة، ما ينعكس إيجابًا على إنتاجية الذرة.
طرق الري المثلى
في حالة الري بالغمر: يجب أن يتم كل 7 إلى 12 يومًا حسب طبيعة التربة ودرجات الحرارة.
أما الري بالتنقيط: فيُفضل أن يكون كل 2 إلى 3 أيام للحفاظ على رطوبة التربة وضمان عدم تعرض النباتات للإجهاد.
التسميد المتوازن
يشدد الخبراء على أهمية التسميد المتكامل، ويتضمن:
250 كجم من نترات النشادر أو 200 كجم من اليوريا لكل فدان.
بعد 6 أسابيع من الزراعة، تُضاف 50 كجم من سلفات البوتاسيوم على دفعتين لدعم امتلاء الحبوب.
التسميد الآزوتي والبوتاسي يجب أن يتم بناءً على تحليل التربة وتوصيات المهندسين الزراعيين.
مكافحة الآفات
يؤكد فهيم على ضرورة الانتباه إلى الآفات التي تهدد محصول الذرة، وعلى رأسها:
دودة الحشد الخريفية.
الدودة الخضراء.
وأوضح أن الرش الوقائي بالمبيدات الموصى بها يجب أن يتم مرة أو مرتين عند ظهور الإصابة، مع ضرورة المتابعة الدورية للمحصول، وتطبيق المكافحة المتكاملة دون الإفراط في المبيدات.
الذرة.. مستقبل واعد ودعامة أساسية للاكتفاء الذاتي
مع استمرار وزارة الزراعة في دعم زراعة الذرة وتوسيع مساحاتها المنزرعة، إلى جانب جهود مراكز البحوث الزراعية في تقديم الأصناف المحسّنة والإرشاد الزراعي، يبدو أن الذرة في طريقها للعب دور محوري في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأعلاف، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ورفع كفاءة منظومة الإنتاج الزراعي في مصر.