أخبار عاجلة
نتنياهو وترامب يبحثان خطط السيطرة على غزة -

مخاوف من تمدد الإرهاب.. اتفاق تاريخي بين أرمينيا وأذربيجان يفتح الطريق للسلام

مخاوف من تمدد الإرهاب.. اتفاق تاريخي بين أرمينيا وأذربيجان يفتح الطريق للسلام
مخاوف من تمدد الإرهاب.. اتفاق تاريخي بين أرمينيا وأذربيجان يفتح الطريق للسلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن حدثًا استثنائيًا أعاد تشكيل المشهد الجيوسياسى في منطقة جنوب القوقاز، عندما استضاف الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب قمة ثلاثية جمعت بين الرئيس الأذربيجانى إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرمينى نيكول باشينيان، توجت بتوقيع إعلان مشترك تم تقديمه بوصفه خارطة طريق من أجل السلام، فى خطوة وصفت بأنها لحظة فاصلة فى تاريخ العلاقات بين البلدين المتنازعين.


هذا الإعلان، الذي تم التوقيع عليه فى البيت الأبيض، جاء بعد سنوات من الصراع الدموي، وآخره الحرب التي اندلعت في سبتمبر ٢٠٢٠ واستمرت ٤٤ يومًا، وأدت إلى استعادة أذربيجان السيطرة على مناطق واسعة من إقليم قره باغ المتنازع عليه، مما كرس واقعًا جديدًا على الأرض وأعاد ترتيب موازين القوى فى المنطقة.


ترامب يعلن خارطة الطريق


وفى كلمته بعد التوقيع، أعرب ترامب عن امتنانه لقادة البلدين لقبولهم دعوته للمشاركة فى قمة السلام، واعتبر أن هذه الوثيقة تمثل فرصة تاريخية لإنهاء الصراع الممتد منذ عقود، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ستدعم هذا الاتفاق بكل الوسائل الممكنة.


وتعهدت أرمينيا وأذربيجان بموجب الإعلان بوقف كافة الأعمال العدائية، واستئناف العلاقات الدبلوماسية والتجارية، واحترام سيادة كل منهما على أراضيه، وهو ما يمثل سابقة فى العلاقات الثنائية المتوترة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.


ورغم اللغة الدبلوماسية الهادئة التى استخدمت فى المؤتمر الصحفي، إلا أن تفاصيل الاتفاق تكشف عن تنازلات عميقة، خاصةً من الجانب الأرميني، الذى وافق ضمنيًا على تعديل دستوره من أجل إزالة المواد التى تتعارض مع سيادة أذربيجان ووحدة أراضيها، وهى نقطة ظلت طوال العقود الماضية من أبرز أسباب توتر العلاقات. كما تضمّن الاتفاق قرارًا مفاجئًا بإلغاء مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، والتى كانت تُشرف على محاولات التسوية بين البلدين منذ تسعينيات القرن الماضي. وقد برر الزعماء الثلاثة هذا القرار بأن المجموعة فقدت فعاليتها، وأن الاتفاق الجديد يُمثل بداية مرحلة جديدة لا تحتاج إلى وساطات خارجية.


رفع العقوبات عن أذربيجان


ومن أبرز ما جاء فى المؤتمر إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على أذربيجان فى قطاع الدفاع، وهو القرار الذى وصفه بأنه بالغ الأهمية لتعزيز الاستقرار.


كما ألمح إلى تعاون عسكرى مستقبلى بين واشنطن وباكو فى مجال مكافحة الإرهاب وحماية الممرات الاستراتيجية، فى إشارة واضحة إلى الممر الذى يُعرف باسم ممر زنغزور، والذى سيمتد من أذربيجان إلى تركيا مرورًا بأراضى أرمينيا وجمهورية نخجوان ذاتية الحكم. واعتبر ترامب، أن هذا المشروع الاستراتيجى من شأنه أن يُعيد ربط أذربيجان بجمهورية نخجوان عبر أرمينيا، ويساهم فى تعزيز التكامل الاقتصادى الإقليمي، وذهب إلى حد القول إن البعض بدأ يطلق عليه طريق ترامب الدولى للسلام والرفاه، رغم تأكيده أنه لم يطلب من أحد أن يُسمى بهذا الاسم.

تبعات الاتفاق على الأمن الإقليمي
لكن رغم الاحتفاء الأمريكى بهذا التحول، تبرز العديد من التساؤلات حول تبعات هذا الاتفاق على الأمن الإقليمي، خصوصًا فى ظل هشاشة الأوضاع الحدودية بين البلدين، وغياب آليات رقابة دولية بعد حل مجموعة مينسك.


فالمناطق التى كانت مسرحًا للنزاعات المسلحة سابقًا لا تزال تعانى من فراغات أمنية، ونزوح جماعي، وبُنى تحتية مدمرة، ما يجعلها بيئة خصبة لتسلل الجماعات الإرهابية.


وقد حذرت مراكز أبحاث أمنية من احتمال ظهور تنظيمات متطرفة جديدة فى جنوب القوقاز، خصوصًا مع تزايد نشاط الجماعات العابرة للحدود والتى تستغل حالة عدم الاستقرار السياسى والاجتماعي.

 ويخشى بعض المراقبين من أن يؤدى الانسحاب التدريجى للقوات الروسية، التى كانت تنتشر فى مناطق التماس بعد اتفاق وقف إطلاق النار عام ٢٠٢٠، إلى ترك فجوة قد تملأها جهات غير حكومية، بعضها مرتبط بشبكات إرهابية دولية.
فراغ أمنى
وقد أشار تقرير لمركز دراسات الإرهاب التابع للاتحاد الأوروبى إلى أن منطقة القوقاز تشكل إحدى النقاط الساخنة التى تُعد من بين الأهداف الاستراتيجية لتنظيمات، مثل داعش والقاعدة، حيث تسعى هذه الجماعات إلى إيجاد موطئ قدم جديد بعد تراجع نفوذها فى سوريا والعراق.


ومع استئناف حركة النقل عبر ممر زنغزور، وفتح الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، فإن أى ضعف فى الرقابة الأمنية أو التنسيق الاستخباراتى قد يسمح بتهريب الأسلحة أو تسلل عناصر متطرفة إلى قلب أوروبا أو آسيا الوسطى.
ومن هنا، فإن الاتفاق الجديد، على أهميته السياسية، لا يمكن أن يُكتب له النجاح الكامل إلا إذا تم دعمه بخطط أمنية واستخباراتية شاملة، تشمل نشر نقاط مراقبة مشتركة، وتبادل معلومات استخباراتية فى الزمن الفعلي، وتعاون وثيق مع الأجهزة الأمنية الغربية، وخصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقد طرحت بعض الأصوات فى أرمينيا تساؤلات حول ما إذا كانت التنازلات التى تم تقديمها فى هذا الاتفاق قد جاءت تحت ضغط أمريكى أو نتيجة تراجع الدعم الروسى التقليدي، فى ظل انشغال موسكو بأولوياتها فى أوكرانيا.


كما لم يغب العامل الإيرانى عن التحليلات، حيث ترى طهران أن إنشاء ممر زنغزور يُهدد دورها الجغرافى فى الربط بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وقد ألمحت مرارًا إلى أن أى تغيير جغرافى يتم فرضه بالقوة أو عبر صفقات لا تأخذ فى الحسبان مصالح الدول المجاورة سيُقابل برد حازم.

ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام
أما على المستوى الإعلامى والسياسي، فقد أعلن كل من علييف وباشينيان أنهما يفكران فى ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام، فى خطوة رمزية تعكس حجم الرهان الذى وضعه الزعيمان على هذه الوساطة الأمريكية.


وبينما يروج ترامب للاتفاق كإنجاز تاريخى يُعزز من رصيده السياسي، لا سيما فى خضم استعداداته للانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن التحدى الأكبر لا يزال يكمن فى مدى الالتزام الفعلى ببنود الاتفاق على الأرض، ومدى قدرة واشنطن على ضمان تنفيذه دون أن يتحول إلى مجرد وثيقة رمزية سرعان ما تنهار تحت وقع الضغوط الإقليمية أو تهديدات الجماعات المسلحة. وبين تفاؤل سياسى أمريكي، وحذر أمنى أوروبي، وشكوك إيرانية وروسية، يبدو أن اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوازنات فى جنوب القوقاز.


ويرى مراقبون أن فرص النجاح ستعتمد على مدى تماسك الداخل السياسى فى كل من باكو ويريفان، وعلى قدرة الولايات المتحدة على التحول من وسيط إلى شريك فى البناء الأمنى والاقتصادي، بعيدًا عن مقاربات استعراضية قد تُغرى الأطراف المتطرفة بمحاولة الانقضاض على ما تبقى من استقرار هش فى واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق استعدادات مكثفة لانطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية بالشرقية
التالى مصرع شخص وإصابة 14 آخرين في انقلاب ميكروباص بطريق ملوي الصحراوي بالمنيا