شهدت قرية اليعقوبية في ريف جسر الشغور، غرب محافظة إدلب بسوريا، اليوم عودة الاحتفال بعيد القديسة آنا، شفيعة الكنيسة التي تحمل اسمها، وذلك لأول مرة منذ 14 عامًا، وسط حضور واسع من الحجاج الأرمن السوريين القادمين من حلب واللاذقية.
زيارة تحضيرية وتمهيد للتكريس
بتوجيه من المطران ماكار أشكاريان، مطران الأرمن الأرثوذكس لأبرشية حلب وتوابعها، زار الأب ليفون يغيايان، وكيل المطران في الجزيرة، كنيسة القديسة آنا، بهدف الاطلاع على التحضيرات النهائية لتكريس الكنيسة ومتابعة الاستعدادات للاحتفال بالعيد السنوي.
ورافق الأب ليفون وفد من لجان أخوية الكنيسة من مختلف المحافظات، حيث تفقدوا الموقع، وشاركوا في الصلوات التمهيدية استعدادًا للقداس والطقوس الرسمية التي تقام في نهاية شهر آغسطس من كل عام.
تاريخ مقدّس وارتباط شعبي
تُعد كنيسة القديسة آنا من أقدم الكنائس في سوريا، إذ يعود بناؤها إلى بداية القرن الخامس الميلادي (حوالي 400 م)، وتُنسب بناؤها إلى الملكة هيلانة، وقد أُهديت إلى آنا، والدة الأسقف كوريغ (يهوذا)، والتي استشهدت في القدس خلال اضطهاد الإمبراطور الروماني يوليان المرتد.
معاناة وترميم عبر القرون
تعرضت الكنيسة لدمار واسع عام 1722 بسبب زلزال مدمر أدى إلى إهمال المنطقة لسنوات، إلى أن شهدت عام 1814 حدثًا محوريًا عندما شاهد السكان المحليون ضوءًا يسطع من الخربة، ما دفعهم إلى إعادة ترميم الكنيسة وإحيائها كمكان مقدس.
لاحقًا، خضعت الكنيسة لترميم كبير عام 1914 قبيل الإبادة الأرمنية، ثم أعيد تجديد مذبحها بالكامل عام 1995، لتصبح من أجمل وأهم الكنائس في المنطقة، وتستعيد مكانتها كمركز ديني بارز للطائفة الأرمنية.
معجزات محلية ومكانة روحية
ترتبط كنيسة القديسة آنا بالعديد من المعجزات حسب المعتقدات الشعبية، وظلت عبر الأجيال مركزًا للصلاة والحج، خاصةً لدى المجتمع الأرمني الذي استقر في المنطقة منذ عام 1046 م، ليحافظ على تقاليده وهويته الدينية رغم التحولات الجغرافية والسياسية.
الحدث لا يمثل مجرد احتفال ديني، بل يرمز إلى عودة الحياة إلى تقاليد روحية وثقافية تعود لمئات السنين، ويعكس صمود مجتمع كامل حافظ على ذاكرته وهويته رغم الغياب والانقطاع.