تشهد دولة موزمبيق منذ عدة أشهر تصعيدًا غير مسبوق في هجمات تنظيم "داعش" فرع أفريقيا الجنوبية، والمعروف محليًا باسم "داعش موزمبيق"، في ظل تراجع الدعم الإقليمي وانسحاب القوات الأجنبية من المناطق الشمالية، ما تسبب في موجة نزوح جماعي جديدة أثارت قلق المجتمع الدولي.
تمدد عنيف في كابو ديلغادو
تركزت أنشطة التنظيم في إقليم كابو ديلغادو الغني بالغاز، حيث شن مسلحون تابعون للتنظيم منذ مطلع العام عشرات الهجمات الدامية على قرى ومواقع عسكرية، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين والجنود، أبرزها الهجوم على مدينة "موكوجو" في فبراير الماضي، والذي أسفر عن مقتل 25 عنصرًا من الجيش في كمين مباغت.
وبحسب تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة، فإن ما يزيد عن 46,000 مدني60٪ منهم أطفال أُجبروا على الفرار من منازلهم خلال أسبوع واحد فقط من أغسطس الجاري، نتيجة موجة عنف متسارعة شنها التنظيم في شمال البلاد.
استراتيجيات جديدة واستهداف للمسيحيين
أظهرت تسجيلات فيديو نُشرت عبر منصات تابعة لتنظيم داعش أن الجماعة تسعى لفرض "نظام شريعة" خاص بها، عبر فرض "الجزية" على المسيحيين أو إجبارهم على التحول إلى الإسلام، وسط تقارير عن تنفيذ عمليات إعدام جماعي بحق مدنيين رفضوا الامتثال.
ووفقًا لمراكز بحثية، فإن الجماعة قامت بتجنيد مئات الأطفال في صفوفها، بعضهم تم اختطافهم من مدارس ومخيمات لاجئين، ليُستخدموا كمقاتلين أو في عمليات انتحارية.
كما لجأت الجماعة في الأشهر الأخيرة إلى شن هجمات بحرية محدودة ضد سفن تجارية قرب جزيرة "تامبوزي"، في مؤشر على تطور أساليبها القتالية.
فراغ أمني بعد انسحاب رواندي
رغم تدخل قوات رواندية وإقليمية ضمن قوة السلام التابعة لـ"مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية" (SADC) منذ عام 2021، إلا أن انسحاب جزء كبير منها في منتصف 2024 خلق فراغًا أمنيًا استغله التنظيم لاستعادة السيطرة على عدة مناطق.
وتحذر منظمات دولية من أن الفراغ الحالي قد يُمهد لتحول الإقليم إلى بؤرة جهادية إقليمية، خاصة في ظل تداخل الجماعة مع شبكات مسلحة تنشط في شرق الكونغو وتنزانيا.
أزمة إنسانية خانقة
تُشير تقديرات دولية إلى أن النزاع في شمال موزمبيق أودى بحياة أكثر من 6,100 شخص، وتسبب في نزوح نحو مليون مدني منذ عام 2017.
كما أدى تصاعد العنف إلى تجميد مشروعات الغاز الطبيعي الضخمة التي كانت تأمل الحكومة أن تسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني.
وتطالب منظمات إغاثية بضرورة تعزيز الدعم الدولي لضحايا النزاع، خصوصًا في مجالات الرعاية الصحية والنفسية للأطفال والنساء، الذين يشكلون الشريحة الأكثر تضررًا من الانتهاكات اليومية.