
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بدأ أمس الثلاثاء، 22 يوليو 2025، زيارة إلى الشرق الأوسط بهدف وضع اللمسات الأخيرة على إنشاء ممر إنساني لإيصال المساعدات إلى غزة.

وأكدت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، أن الهدف الأساسي هو التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار يتيح تدفق المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى موافقة مبدئية من الأطراف المعنية. وتأتي هذه الجهود في ظل تحذيرات دولية متزايدة من خطر المجاعة، حيث أصبح الجوع يشكل تهديدًا رئيسيًا لسكان القطاع.
تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة
وتواجه غزة أزمة إنسانية متصاعدة مع استمرار الحرب والحصار الإسرائيلي، حيث أعلن المجلس النرويجي للاجئين أن مخزوناته من المساعدات الإنسانية قد استنفدت بالكامل، تاركةً السكان وموظفي المنظمة في مواجهة الجوع.
ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، وجه المجلس اتهامات لإسرائيل بعرقلة جهوده الإغاثية من خلال منع مئات الشاحنات المحملة بالخيام والمياه والمواد الغذائية من دخول القطاع.
وأفاد الأمين العام للمجلس، يان إيغلاند، بأن المنظمة وزعت آخر مواردها، ولم يعد هناك ما يمكن تقديمه لتلبية الاحتياجات المتزايدة، مشيرًا إلى أن هذه العرقلة تكبد المانحين الأوروبيين خسائر مالية كبيرة في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من ظروف كارثية.
مصير الرهائن وسط تصعيد عسكري
وأفادت حركة "الجهاد الإسلامي" بفقدان الاتصال بمجموعة تحتجز الرهينة الإسرائيلي روم بريسلافسكي في غزة، بعد حصار قوات الاحتلال لمنطقة يُعتقد أنه محتجز فيها. ولم يتضح مصير الرهينة أو الأفراد المسؤولين عن احتجازه، مما يعكس التعقيدات الأمنية في القطاع.
وتزامن ذلك مع تصعيد عسكري إسرائيلي شمل غارات جوية على دمشق وتوغلًا للدبابات في دير البلح، حيث يُعتقد أن بعض الرهائن المتبقين محتجزون. ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، يرجح بعض الخبراء أن هذه العمليات تهدف إلى الضغط على الفصائل الفلسطينية لإجبارها على تقديم تنازلات في مفاوضات الرهائن.
تفاقم المجاعة ونقص الموارد
فيما أفادت وزارة الصحة في غزة بوفاة رضيع يبلغ من العمر ستة أسابيع وثلاثة أطفال آخرين بسبب الجوع خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع عدد ضحايا سوء التغذية إلى 101 أشخاص منذ بدء الحرب قبل 21 شهرًا، معظمهم أطفال.
وأشار مسؤولو القطاع الصحي إلى أن المستشفيات تعاني من نقص حاد في الأدوية والوقود، مما يهدد بتوقف العمليات الطبية الأساسية.
وأكد المتحدث باسم الوزارة، خليل الدقران، أن حوالي 600 ألف شخص يعانون من سوء التغذية، بما في ذلك 60 ألف امرأة حامل، مع تزايد حالات الجفاف والأنيميا. كما أبلغت منظمات الإغاثة عن نقص حاد في حليب الأطفال، مما يفاقم معاناة العائلات النازحة.
هجمات على البنية التحتية الإنسانية
فيما أدانت منظمة الصحة العالمية الهجمات المتكررة على مقر إقامتها ومستودعها الرئيسي في دير البلح، حيث تعرضت هذه المواقع لثلاث هجمات يوم الإثنين 21 يوليو 2025.
وأفاد المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غبرييسوس، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المقر، واعتقل أربعة أشخاص، بينهم موظف واحد لا يزال رهن الاحتجاز، وطالب بالإفراج الفوري عنه. وأكدت المنظمة أن النساء والأطفال أُجبروا على الإخلاء تحت تهديد السلاح، فيما تضرر المستودع الرئيسي جراء قصف أدى إلى اندلاع حريق. ورغم ذلك، أعلنت المنظمة التزامها بمواصلة عملياتها في المنطقة.
دعوات دولية للصحافة الحرة
ودعا وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إسرائيل إلى السماح للصحافة الحرة والمستقلة بدخول غزة لتوثيق الأوضاع الإنسانية المأساوية.
وأكد بارو، في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" من أوكرانيا، أن فرنسا تعمل على إجلاء بعض الصحفيين الفلسطينيين المتعاونين مع وكالات دولية خلال الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى أن وضعهم الحالي "غير مستدام". وأضاف أن توثيق الأحداث في غزة ضروري لضمان نقل الحقائق إلى العالم، في ظل تحذيرات متزايدة من خطر المجاعة.
ردود إسرائيلية واتهامات متبادلة
وفي السياق، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة يمثل أولوية قصوى، وأنه يعمل على تسهيل دخولها بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
ونفى جيش الاحتلال الاتهامات الموجهة إليه بعرقلة المساعدات، متهمًا حركة "حماس" بسرقة المواد الغذائية، وهو اتهام تنفيه الحركة. في المقابل، أشارت إحصاءات جيش الاحتلال إلى أن متوسط 146 شاحنة مساعدات تدخل غزة يوميًا، بينما تقدر الولايات المتحدة الحد الأدنى المطلوب بـ600 شاحنة يوميًا لتلبية احتياجات السكان.
تصاعد العنف والخسائر البشرية
وأفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 130 فلسطينيًا على الأقل وإصابة أكثر من ألف آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية جراء الغارات والقصف الإسرائيلي، في واحدة من أعلى الحصيلة اليومية في الأسابيع الأخيرة.
وشملت العمليات العسكرية توغلًا للدبابات في دير البلح، أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم أسرة مكونة من رجل وزوجته وطفليهما في غارة جوية على خيمة في خان يونس. وأكدت مصادر طبية أن القصف استهدف خيامًا ومساجد، مما زاد من معاناة النازحين.
تحذيرات أممية وحشد دولي
وحذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في وسط غزة يرفع مخاطر الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي بشكل كبير، مشيرًا إلى أن الغارات والعمليات البرية ستؤدي إلى مزيد من الخسائر المدنية وتدمير البنية التحتية.
من جهة أخرى، أصدرت 28 دولة غربية بيانًا يندد بـ"قتل إسرائيل الوحشي" للمدنيين، لكن ألمانيا امتنعت عن التوقيع، فيما أعربت بريطانيا عن انتظارها لتطورات الأسابيع المقبلة قبل اتخاذ إجراءات إضافية. وأكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، ضرورة وقف قتل المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات.
تحديات أمام العاملين في المجال الإنساني
وأبلغ المجلس النرويجي للاجئين عن اضطراره لنقل 33 من موظفيه من دير البلح بعد إنذارات إسرائيلية بإخلاء المنطقة، مما زاد من صعوبة تقديم المساعدات. كما أفادت منظمة الصليب الأحمر الدولي باعتقال مدير مستشفيات غزة الميدانية، مروان الهمص، في عملية أسفرت عن مقتل صحفي محلي وإصابة آخر.
وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ إزاء سلامة العاملين في القطاع الصحي. ووفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، يرجح بعض الخبراء أن استهداف المنشآت الطبية والإنسانية قد يكون جزءًا من استراتيجية إسرائيلية للضغط على الفصائل الفلسطينية، مما يعقد جهود الإغاثة.
ضرورة الحلول العاجلة طويلة الأمد
مع استمرار الحرب والحصار، تتزايد الحاجة إلى حلول مستدامة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة. وتشير تقديرات الأونروا إلى أن أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية منذ مايو الماضي، مما يعكس خطورة الوضع.
ويطالب المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لضمان تدفق المساعدات دون عوائق، مع الضغط من أجل وقف إطلاق نار دائم ينهي معاناة السكان. وفي الوقت نفسه، يبقى دور الصحافة الحرة حاسمًا في كشف الحقائق ودفع الأطراف نحو حلول سلمية.