
تُعد شركة ميكوروت، وهي الشركة الإسرائيلية للمياه، الجهة الرئيسية التي تسيطر على إمدادات المياه في الضفة الغربية، مما يؤثر بشكل كبير على وصول الفلسطينيين إلى المياه.

سيطرت إسرائيل، منذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967، على معظم مصادر المياه في المنطقة، بما في ذلك الأحواض الجوفية وينابيع المياه العذبة، ومنعت الفلسطينيين من الوصول إلى نهر الأردن.
وتعمل ميكوروت كذراع تنفيذي لهذه السيطرة، حيث تدير شبكات المياه وتوزعها بطريقة تمييزية تعطي الأولوية للمستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية على حساب المجتمعات الفلسطينية، وفقًا لصحيفة تورنتو ستار الكندية.
كيف تسيطر ميكوروت على المياه؟
وقد احتكرت ميكوروت البنية التحتية المائية في الضفة الغربية، بما في ذلك الآبار العميقة والخزانات الجوفية. تستغل الشركة كميات هائلة من المياه الجوفية سنويًا، مما يشكل تقريبًا كامل الطاقة المائية المتجددة للحوض الغربي. في المقابل، يحصل الفلسطينيون على كميات محدودة جدًا، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد الفلسطيني حوالي 60-90 لترًا يوميًا، مقارنة بـ230-900 لتر يوميًا للإسرائيليين والمستوطنين. تُبرز هذه الفجوة الكبيرة التمييز في توزيع الموارد المائية، مما يفاقم معاناة الفلسطينيين في الوصول إلى حقهم الأساسي في المياه.
قطع المياه عن التجمعات الفلسطينية
وقطعت ميكوروت، خاصة خلال أشهر الصيف، إمدادات المياه عن التجمعات الفلسطينية بنسب تصل إلى 50%، تاركة العديد من الأسر بدون ماء لأيام أو أسابيع. على سبيل المثال، في قرية بردلة بغور الأردن، تسبب حفر ميكوروت لآبار قريبة من ينابيع القرية في نضوب المياه المحلية، مما أثر على الزراعة والحياة اليومية للسكان.
أجبر هذا الوضع الفلسطينيين على شراء المياه بأسعار مرتفعة من الصهاريج، حيث يصل سعر المتر المكعب إلى 25-30 شيكل (حوالي 7-8 دولارات)، مما يُثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود.
قيود على تطوير البنية التحتية الفلسطينية
وفرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلية قيودًا صارمة على الفلسطينيين، تمنعهم من حفر آبار جديدة أو تعميق الآبار القائمة أو تركيب مضخات في المناطق المصنفة "ج"، التي تشكل 60% من الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو. وهدمت إسرائيل العديد من خزانات المياه والشبكات الفلسطينية غير المرخصة، مما يفاقم أزمة المياه في المناطق الريفية.
تُعيق هذه القيود أي محاولات فلسطينية لتطوير بنية تحتية مائية مستقلة، مما يجعل الفلسطينيين أكثر اعتمادًا على ميكوروت.
تباين سياسات التوزيع بشكل صارخ
وتباينت سياسات ميكوروت في توزيع المياه بشكل صارخ بين المستوطنات الإسرائيلية والتجمعات الفلسطينية. بينما توفر الشركة إمدادات مياه مستمرة للمستوطنات، تعاني القرى الفلسطينية من انقطاعات متكررة. على سبيل المثال، في شمال الضفة الغربية، من نابلس إلى قلقيلية، قطعت ميكوروت المياه عن التجمعات الفلسطينية دون إنذار مسبق، بينما تتمتع المستوطنات بشبكات مياه متطورة تدعم الزراعة المكثفة وحمامات السباحة. يُبرز هذا التباين الفجوة الكبيرة في الوصول إلى الموارد المائية، مما يعكس سياسة تمييزية ممنهجة.
حياة الفلسطينيين تتأثر بشدة
وتأثرت حياة الفلسطينيين بشدة جراء سيطرة ميكوروت على المياه. يعاني حوالي 180 مجتمعًا فلسطينيًا في المناطق الريفية من عدم الوصول إلى مياه الأنابيب، مما يجبر السكان على الاعتماد على خزانات مياه الأمطار، التي غالبًا ما تُدمرها السلطات الإسرائيلية. في مناطق مثل غور الأردن، يصل استهلاك الفرد إلى 26 لترًا يوميًا فقط، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به من منظمة الصحة العالمية (50-100 لتر يوميًا). تُدمر هذه القيود سبل عيش المزارعين الفلسطينيين، مثل إيهاب صالح من قرية عين البيضا، الذين شاهدوا ينابيعهم تنضب بسبب حفر ميكوروت لآبار تخدم المستوطنات. تُعيق هذه الممارسات التنمية الاقتصادية وتُفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وقد عززت اتفاقيات أوسلو (1995) سيطرة إسرائيل على موارد المياه في الضفة الغربية، حيث منحت إسرائيل سيطرة شبه كاملة على الموارد المائية، مع تخصيص حصة محدودة للفلسطينيين. وتُجبر السلطة الفلسطينية على شراء المياه من ميكوروت بتكلفة عالية، مما يجعل الفلسطينيين زبائن لمياههم الخاصة. أدى هذا الوضع إلى تفاقم الاعتمادية الفلسطينية على إسرائيل، مما يحد من قدرتهم على تحقيق الاستقلال المائي ويعيق أي جهود لتطوير بنية تحتية مائية مستدامة.