في هذا الوطن الذي نبتت جذورنا في ترابه، وتشكّلت ملامحنا على ضفاف نيله، لا يكون الوفاء مجرد شعور يُقال، بل فعل يُبنى، وطوبة تُوضع، ومشروع يُضاء في عتمة الحاجة.
هنا، لا يصبح المال ترفًا، بل يتحول إلى معول يبني، ويد تمتد لتعمّر، ونبض قلب يُردد: “هذا وطني، وهذه رسالتي إليه”.
رجال الأعمال الحقيقيون وسيدات الأعمال الوطنيات، لا يُقاسون بعدد الصفقات، ولا تُحصر قيمتهم بعدد الأصفار في أرصدتهم، بل تُوزن أقدامهم على أرض الواقع، حيث البناء يشهد، والمصانع تتكلم، والمشروعات تروي الحكاية.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بات الوطن في حاجة إلى من يؤمن بأن الثروة ليست فقط حقًا، بل مسؤولية، وأن النجاح الحقيقي لا يُقاس بما يُخزن في الخزائن، بل بما يُترك من أثر على الأرض التي صنعتنا رجالًا ونساءً.
حين يُحوّل رجل الأعمال أرباحه إلى مستشفى في قرية نائية، أو مدرسة في حي شعبي، أو جسر يصل طرفي مدينة، فإنه لا يستثمر أمواله فحسب، بل يُعيد للوطن بعضًا مما منحه، حين تُقام مشروعات تخلق آلاف الفرص، لا يكون ذلك مجرّد توسع تجاري، بل توسع وطني في الأمل والكرامة والعيش الكريم.
نحن لا نطلب من رجال الأعمال أن يكونوا ملائكة، ولكن أن يكونوا شركاء حقيقيين في معركة التنمية، أن ينظروا للوطن ليس فقط كأرض للربح، بل كأرض للحُب، فالرأسمال الوطني حين يُزرع في أرض مصر، يزهر مدنًا، ويثمر تنمية، ويورق أملًا لا يذبل.
الدولة، بكل ما تبذله من جهد في شق الطرق، ومد الجسور، وبناء الجمهورية الجديدة، لا يمكن أن تمضي وحدها، المسيرة تحتاج إلى من يؤمن بأن الواجب لا يُملى من قوانين، بل ينبع من ضمير.
نعم، نحن بحاجة إلى مقاول يُشيّد، ولكننا بحاجة أكبر إلى رجل أعمال يُساند، لا من باب المنّة، بل من باب الانتماء، فليس هناك استثمار أنبل من استثمار في وطن، ولا ربح أكرم من أن تضع لبنة في جدار وطنك وتقول: “كنت هنا”.
لقد آن الأوان أن نُبدّل ثقافة التفرج إلى شراكة، وثقافة الانتظار إلى مبادرة، أن يُصبح كل مشروع يُبنى على أرض مصر شهادة حُب للوطن، تُوقّعها أيادي أبنائه، ويشهد عليها التاريخ.
*يذكر أن وفاء العربي تشغل منصب رئيس مجلس إدارة بيراميدز الفندقية ورئيس القطاع التجاري بمجموعة شركات بيراميدز للتطوير العقاري