في مشهد يومي بات مألوفًا، نجد أنفسنا نمسك هواتفنا، نراقب الإشعارات وكأنها تعكس نبضات قلوبنا، وعلى الرغم من أن هذه اللحظات تبدو عادية، فإن أرقام الإحصاءات تشير إلى أن هناك ما هو أبعد من ذلك.
وفقًا لتقرير مؤسسة SIMILARWEB، يقضي الفرد في المتوسط 20 دقيقة و47 ثانية يوميًا على يوتيوب، 12 دقيقة و37 ثانية على إكس (تويتر سابقًا)، و12 دقيقة و26 ثانية على واتساب، وأكثر من 60 دقيقة علي فيسبوك. ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو غير مؤذية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه الدقائق تُحسن حياتنا أم تُستنزفنا دون فائدة ملموسة؟
صحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست هي المشكلة بحد ذاتها، لكن مَن صنعها زرع فينا بيئة نفسية تجعلنا نشعر وكأننا في حالة عقاب ذاتي بين كل مقطع وآخر.. ببساطة، نحن لم نعد مستخدمين؛ بل بطارياتٍ تُعاد شحنها وتُستنزف في وقت واحد.
التبعات تتجاوز تأثيرًا فوريًا على تركيزنا فكل دقيقة تقضيها في مشاهدة فيديو “خفيف” تعني عشرة أضعافها ضائعة كان من الممكن أن نستغلها في القراءة، أو ممارسة الرياضة، أو حتى إجراء محادثة حقيقية تحمل وزن المشاعر في نبرة الصوت والنظرات.
وبدلًا من تطوير مهاراتنا، نفقد القدرة على الانغماس في علاقاتٍ إنسانيةٍ حقيقية، ونقتصر على قراءة إيموجي الاستهجان بدلًا من التعاطف الصادق مع صديق محتاج.
وللأسف لا يمكن إلقاء اللوم فقط على المستخدمين لضبط وقتهم على هذه المنصات، بل يجب على الشركات المنتجة لتطبيقات التواصل الاجتماعي إعادة تصميم منصاتها بطريقة تحترم الصحة النفسية للمستخدمين.
وعلى المؤسسات التعليمية والإعلامية أن تُقدّم رؤية نقدية لتلك المنصات، مع تعزيز مهارات التفكير الرقمي المنظم في المناهج الدراسية.
في النهاية، لا يعني هذا أن نتخلى عن التكنولوجيا، بل أن نعيد ضبط علاقتنا معها لضمان أن تظل في خدمة حياتنا الحقيقية،لا أن نقع نحن في فخ إدمانها.