في قلب محافظة الجيزة، وعلى أرض مركز أطفيح، تبرز مدينة طربول الصناعية كأحد أبرز المشروعات القومية التي تعكس طموح مصر في تحقيق رؤية 2030 للتنمية المستدامة، المدينة تمتد على مساحة شاسعة تبلغ 109 ملايين متر مربع اي ما يعادل 26 ألف فدان، وتدعمها استثمارات ضخمة تصل إلى 13 مليار يورو، مما يجعلها نموذجًا عالميًا للمدن الصناعية الذكية والخضراء.
مدينة طربول الصناعية
المشروع العملاق يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الصناعي المصري من خلال توطين الصناعات المتقدمة، وجذب استثمارات أجنبية، وتوفير ما يقرب من مليون فرصة عمل، وفي هذا التقرير ، المستند إلى أحدث البيانات الرسمية حتى يونيو 2025، نظرة شاملة على دور طربول كمحرك للتنمية الاقتصادية والبيئية في مصر.
الموقع الاستراتيجي.. مركز لوجستي متميز
تقع مدينة طربول في منطقة جبل طربول، على تقاطع طريق حلوان-الكريمات وطريق الكريمات-الزعفرانة، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا فريدًا يربط بين القاهرة، الصعيد، والدلتا، كما أنها المدينة 5 كيلومترات عن نهر النيل، مما يدعم إمدادات المياه، و44 كيلومترًا عن حي حلوان، و77 كيلومترًا عن مدينة 6 أكتوبر، و83 كيلومترًا عن العاصمة الإدارية الجديدة، كما تبعد 109 كيلومترات عن ميناء العين السخنة و160 كيلومترًا عن موانئ البحر الأحمر.
هذا الموقع يجعل طربول بوابة لوجستية رئيسية، تسهل التجارة الداخلية والخارجية، وتعزز تصدير المنتجات الصناعية بفضل قربها من الموانئ البحرية، مما يقلل تكاليف النقل ويعزز التنافسية الاقتصادية.

رؤية وأهداف المشروع: نحو صناعة مستدامة وذكية
تُعد مدينة طربول أول مدينة صناعية ذكية وخضراء في مصر، مصممة وفق معايير الثورة الصناعية الرابعة، مع التركيز على الاستدامة البيئية والتكنولوجيا المتقدمة، ويهدف المشروع إلى توطين الصناعات المتقدمة مثل السيارات الكهربائية، الهيدروجين الأخضر، الرخام، المنسوجات، والصناعات الطبية والغذائية.
كما يسعى المشروع إلى جذب استثمارات بقيمة 13 مليار يورو، مع توقعات بزيادة الاستثمارات إلى تريليون جنيه على المدى الطويل، و من خلال توفير حوالي مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، تساهم طربول في تمكين شباب صعيد مصر وتقليل معدلات البطالة.
بالإضافة إلى ذلك، تركز المدينة على الاستدامة البيئية من خلال تخصيص 70% من مساحتها للمساحات الخضراء، إعادة تدوير 90% من النفايات، والاعتماد على الطاقة المتجددة، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويقلل الاعتماد على الواردات.
البنية التحتية: تصميم متكامل لمدينة الجيل القادم
صممت مدينة طربول لتكون مدينة متكاملة تجمع بين الصناعة، واللوجستيات، والسكن، والخدمات، مع التركيز على التكنولوجيا الذكية والاستدامة، و تشغل المناطق الصناعية 46 مليون متر مربع، وتضم 12 منطقة متخصصة تستوعب 13 ألف مصنع.
كما تضم المدينة ميناءً جافًا ومناطق لوجستية بمساحة 1.5 مليون متر مربع، مزودة بتقنيات تخزين ونقل متقدمة، كما يبرز سوق الجملة بمساحة 1.5 مليون متر مربع وتكلفة 15 مليار جنيه كمركز تجاري متطور يستوعب 1200 تاجر.
إلى جانب ذلك، تشمل المدينة وحدات سكنية ميسرة، مراكز طبية وتعليمية (بما في ذلك جامعة ومدارس فنية)، ومساحات خضراء تغطي 70% من المساحة الإجمالية، كما تعتمد طربول على شبكات الجيل الخامس، التصنيع الذكي، وأنظمة إدارة الموارد المتقدمة، مع محطات طاقة شمسية وأنظمة إعادة تدوير النفايات لضمان كفاءة الموارد.

دفعة اقتصادية غير مسبوقة
يتم تطوير مدينة طربول من خلال شراكة بين شركة "جي في للاستثمارات" والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، مع استثمارات إجمالية تصل إلى 13 مليار يورو، وتضمنت المرحلة الأولى استثمارات بقيمة 3 مليارات دولار، مع بيع 3 ملايين متر مربع من الأراضي الصناعية بقيمة 3 مليارات جنيه حتى مايو 2024، تم التعاقد على إنشاء 1400 مصنع بحلول 2023، مع خطط لافتتاح 1500 مصنع إضافي في 2024.
تشمل الشراكات الرئيسية تعاونًا مع شركة "كونكورديا" الروسية لإنتاج السيارات الكهربائية، واستثمارات بقيمة 15 مليار دولار في مشروعات الهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى شراكات مع شركة "طاقة" لتطوير البنية التحتية وشركات صينية وأوروبية لدعم الصناعات الهندسية والغذائية.
استقطبت المدينة أكثر من 1000 مستثمر، بما في ذلك 38 مستثمرًا دوليًا و12 شركة عالمية، باستثمارات إجمالية تجاوزت 10 مليارات دولار حتى يونيو 2025، كما دعمت مبادرة "صنع" تخصيص 500 ألف متر مربع لوحدات جاهزة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
الأثر الاقتصادي: محرك للتنمية الشاملة
تُسهم مدينة طربول في إعادة تشكيل الاقتصاد المصري من خلال توطين الصناعات المتقدمة، مما يقلل الاعتماد على الواردات ويعزز الصادرات في قطاعات مثل السيارات، المنسوجات، والهيدروجين الأخضر، ومن خلال توفير حوالي مليون فرصة عمل، تدعم المدينة تمكين شباب صعيد مصر وتخفيف معدلات البطالة.
كما عزز تسويق المدينة في معارض دولية مثل MIPIM بفرنسا من جاذبيتها للمستثمرين العالميين، مما ساهم في جذب استثمارات ضخمة، بالإضافة إلى ذلك، تدعم مبادرة "صنع" المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير وحدات جاهزة وتسهيلات تمويلية، مما يعزز ريادة الأعمال ويوسع قاعدة الإنتاج الصناعي.

تسهيلات استثمارية مرنة
تبلغ تكلفة المشروع الإجمالية 13 مليار يورو، يتم تنفيذها على 7 مراحل، مع استثمارات المرحلة الأولى بقيمة 3 مليارات دولار، وتتراوح أسعار الأراضي الصناعية بين 1500 و2900 جنيه للمتر المربع، مع أنظمة سداد مرنة تشمل مقدم 10% وتقسيط حتى 6-10 سنوات بدون فوائد.
وتدعم مبادرة "صنع" المستثمرين الصغار من خلال توفير وحدات جاهزة بمقدم 30 ألف جنيه وأقساط تصل إلى 10 سنوات، مما يجعل المدينة وجهة جذابة لمختلف فئات المستثمرين.
وتطمح مدينة طربول لأن تصبح رابع أكبر مدينة صناعية في الشرق الأوسط وسادسًا على مستوى العالم بحلول 2030، ومن المتوقع اكتمال المرحلة الأولى بحلول 2026، مع استمرار التوسع في المراحل السبع للمشروع، وتخطط شركة "جي في للاستثمارات" لتكرار نموذج طربول في مناطق أخرى مثل الساحل الشمالي وشمال الصعيد، مما يعزز التنمية الصناعية الشاملة في مصر ويرسخ مكانتها كمركز صناعي إقليمي.
ومما لا شك فيه، تمثل مدينة طربول الصناعية قفزة نوعية في مسيرة التنمية المصرية، حيث تجمع بين التكنولوجيا الذكية، الاستدامة البيئية، والموقع الاستراتيجي، و باستثمارات ضخمة تصل إلى 13 مليار يورو وشراكات دولية متميزة، تستعد طربول لتكون مركزًا عالميًا للصناعة، معززةً مكانة مصر كقوة اقتصادية إقليمية.
من خلال توفير مليون فرصة عمل ودعم الصناعات المتقدمة، تعد طربول ركيزة أساسية لتحقيق رؤية مصر 2030، وتظل رمزًا للطموح والابتكار في قلب الصعيد.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.