أخبار عاجلة

خط الغاز العربي.. مشروع طاقة عابر للقارات يعاود النبض داخل سوريا

خط الغاز العربي.. مشروع طاقة عابر للقارات يعاود النبض داخل سوريا
خط الغاز العربي.. مشروع طاقة عابر للقارات يعاود النبض داخل سوريا

يُمثّل خط الغاز العربي أحد أبرز مشروعات البنية التحتية العابرة للحدود في منطقة الشرق الأوسط، إذ صُمّم لربط إمدادات الغاز المصري بدول المشرق العربي، ومنها إلى أوروبا.

ورغم التحديات الأمنية والسياسية التي عرقلته على مدى سنوات، فإنه يعاود الظهور مجددًا في سياق تحولات إقليمية متسارعة.

ووفقًا لأحدث البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بدأت سوريا إحياء مشروع خط الغاز العربي بعد سنوات من الجمود، في خطوة تُظهر تحركات جديدة لدمجها ضمن المعادلات الإقليمية المرتبطة بأمن الطاقة، وتحديدًا استجرار الغاز من الأردن.

وأطلقت وزارة الطاقة السورية أعمال صيانة ميكانيكية للمرحلة الثانية من الخط في محافظة حلب، تمهيدًا لاستثمار طاقته بالشكل الأمثل، في تحرُّك يمثّل أحدث فصل في ملف خط الغاز العربي.

استجرار الغاز من الأردن

رغم التحديات التقنية والسياسية، بدأت سوريا استقبال كميات من الغاز عبر الخط من الأراضي الأردنية، وهي شحنات محدودة جاءت في إطار المنحة القطرية، لكنّها توقفت مؤقتًا منذ أكثر من شهر لغياب سفينة تغويز كانت موجودة في ميناء العقبة الأردني.

وحينها، استُؤنِف الضخ عبر بعض المقاطع التي كانت ما تزال صالحة نسبيًا للتشغيل، في حين تخضع المقاطع الأخرى حاليًا لعمليات صيانة وإعادة تأهيل، وفي مقدّمتها مقطع حلب الذي يُعدّ جزءًا مهمًا من البنية التحتية لخطّ الغاز القطري.

ووفقًا لتصريحات سابقة لوزير الطاقة الأردني، تجري حاليًا مباحثات ثلاثية بين مصر وقطر والأردن لتزويد سوريا بشحنات من الغاز الطبيعي في إطار المنحة القطرية، وذلك عن طريق محطات الإسالة المصرية، أو بعد استقدام سفينة تغويز قد تصل إلى ميناء العقبة خلال شهر.

بنية متكاملة بقدرة تصديرية عالية

بُني خط الغاز العربي على 4 مراحل خلال المدة بين عامي 2003 و2009، وبلغ طوله الإجمالي 1200 كيلومتر، مع قطر أنبوب يصل إلى 36 بوصة، وتُقدّر طاقته التصميمية القصوى بـ10.3 مليار متر مكعب سنويًا.

امتدّ الخط في مرحلته الأولى من العريش إلى العقبة، ثم شُيّدت مرحلة ثانية داخل الأردن، فالثالثة نحو الحدود السورية، وأخيرًا الرابعة إلى لبنان.

وبدأت مصر ضخّ الغاز فعليًا إلى الأردن منذ عام 2003، بكميات بلغت 12 مليار قدم مكعبة (نحو 0.33 مليار متر مكعب).

وأسهمت مؤسسات تمويلية، مثل صندوق أوبك للتنمية الدولية، في دعم بعض مراحل الخط، لا سيما داخل سوريا، كما وقّعت مصر اتفاقًا لبناء فرع موازٍ إلى عسقلان في إسرائيل، لتصبح العريش نقطة التقاء خطّين إستراتيجيين.

فريق فني مشترك من وزارة النفط السورية ووزارة الطاقة اللبنانية يتفقد خط الغاز العربي (سبتمبر 2021)
فريق فنّي مشترك من وزارة النفط السورية ووزارة الطاقة اللبنانية يتفقد خط الغاز العربي (سبتمبر 2021) - أرشيفية

تعثّر التوسعة نحو أوروبا

كان من المخطّط أن يمتدّ خط الغاز العربي من مدينة حمص السورية إلى مدينة كيليس التركية، ليتّصل بمشروع خط أنابيب نابوكو الأوروبي، المصمَّم لنقل الغاز إلى القارة العجوز.

ووُقِّعت مذكرة تفاهم بين أنقرة ودمشق في يناير/كانون الثاني 2008، وتعاقدت سوريا مع شركة "ستروي ترانس غاز" (Stroytransgaz) الروسية لبناء المرحلة، مقابل 171 مليون دولار.

لكن العقد أُلغي عام 2009، لأسباب لم تُكشف رسميًا، ودخل المشروع في نفقٍ من التأجيلات، لا سيما مع فشل مشروع نابوكو نفسه، الذي وقّعته 4 دول أوروبية، ثم جرى تجاهله لاحقًا لأسباب سياسية، ما أدى إلى استبدال خط أذربيجاني أصغر عبر تركيا به.

هذا التعثر كشف هشاشة الرهان على خط يمتدّ في منطقة غير مستقرة، وتخضع لاعتبارات متشابكة بين النفوذ الروسي والإيراني والمصالح الغربية في سوق الغاز العالمية.

قمة توقيع اتفاق خط أنابيب نوباكو في أنقرة عام 2009
قمة توقيع اتفاق خط أنابيب نوباكو في أنقرة عام 2009 - الصورة من turksam

اضطرابات متواصلة ومسارات متبدّلة

مرّ خط الغاز العربي بتحولات متكررة منذ عام 2011، إذ تعرّض لهجمات متكررة على الأراضي المصرية، لا سيما في شمال سيناء.

وأُغلِق صمام الغاز المصري إلى سوريا في مارس/آذار 2012، لتبدأ مرحلة من السكون والتخريب.

لاحقًا، وفي 2015، عُكِس مسار التدفق ليُعاد الغاز من الأردن إلى مصر، بسبب انخفاض الإنتاج المحلي في القاهرة، واستمر الوضع حتى عام 2018، حين استأنفت مصر التصدير بعد اكتشاف حقل "ظُهر".

في عام 2020، بدأ الخط في نقل الغاز الإسرائيلي إلى الأردن، ثم إلى مصر عبر فرع العريش-عسقلان، في أول تدفُّق عكسي من تل أبيب إلى القاهرة.

كما وُقّع اتفاق رباعي عام 2021 لتزويد لبنان بالغاز، لكنّه لم يُنفّذ بسبب عقوبات "قانون قيصر" الأميركي.

مستقبل خط الغاز العربي

رغم أن خط الغاز العربي يمتلك مقومات فنية تؤهّله لأداء دور إقليمي محوري، فإن مستقبله يظل رهينة اعتبارات سياسية واقتصادية معقّدة، إذ يصطدم المشروع بمعارضة إيرانية واضحة، وسلبية روسية نابعة من المخاوف على حصّتها الأوروبية.

كما أن انخفاض إنتاج الغاز في مصر منذ عام 2022، وتداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، زادا من صعوبة إعادة تفعيل الخط في المدى المنظور، لا سيما في ظل تراجع الحماسة الدولية للمشروع، مقارنة بخطط الربط البديلة التي تقودها أوروبا.

ورغم هذه التحديات، فإن إحياء العمل داخل سوريا يعيد المشروع إلى مسار النقاش، وقد يشكّل ورقة تفاوضية مستقبلية في أيّ تسوية سياسية إقليمية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس برلمانية التجمع لـ "تحيا مصر": مشاركتنا بالقائمة الوطنية ليست مقياسًا لرضانا.. ورفضنا خوض انتخابات الفردي في الشيوخ بسبب سطوة المال السياسي
التالى أرقام المهدي سليمان بعد انضمامه رسميًا لنادي الزمالك