أخبار عاجلة
الزمالك يُمدد عقد خالد عبدالناصر موسمين -

السودان يغرق ومصر تصمد.. القصة الكاملة لأخطر تدفقات سد النهضة الإثيوبي

السودان يغرق ومصر تصمد.. القصة الكاملة لأخطر تدفقات سد النهضة الإثيوبي
السودان يغرق ومصر تصمد.. القصة الكاملة لأخطر تدفقات سد النهضة الإثيوبي

يشهد السودان فيضانات غير مسبوقة خلال الأيام الأخيرة نتيجة تصريف كميات هائلة من المياه من سد النهضة الإثيوبي، حيث تجاوزت التدفقات اليومية 750 مليون متر مكعب في ذروتها، وهو ما يزيد عن ضعف المعدلات الطبيعية لهذا الوقت من العام، وتزامن ذلك  مع هطول أمطار غزيرة على الهضبة الإثيوبية، ليتحول الفيضان إلى أزمة عارمة باغتت السلطات السودانية وضعت ملايين المواطنين أمام كارثة لم تكن في الحسبان.

تدفقت المياه بقوة في مجرى النيل الأزرق، فغمرت قرى وبلدات واسعة في ولايات النيل الأزرق وسنار والجزيرة وصولاً إلى الخرطوم، ما أدى إلى غرق آلاف الأفدنة الزراعية وتدمير مساحات شاسعة من المحاصيل، بينما تشير التقديرات الأولية تشير إلى فقدان نحو 30 في المئة من إنتاج الذرة والسمسم والقطن في بعض المناطق، فيما ارتفعت المخاوف من أزمة غذائية تلوح في الأفق في بلد يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية طاحنة. الصور القادمة من الأراضي السودانية أظهرت حقولاً مغمورة بالكامل ومزارعين يقفون عاجزين أمام المياه التي التهمت محاصيل موسم كامل في أيام معدودة.

ارتفاع قياسي لمنسوب النيل الأزرق يثير الإنذار الأحمر

تسبب الفيضان في ارتفاع منسوب النيل الأزرق عند الخرطوم إلى مستويات خطيرة، إذ سجل 17.23 متر متجاوزاً المعدلات الطبيعية ومقترباً من الرقم القياسي المسجل عام 2020 عند 17.66 متر، لتطلق وزارة الري السودانية حالة الإنذار الأحمر محذرة من استمرار المخاطر مع تدفقات غير مستقرة من إثيوبيا، في وقت لم يجرِ أي تنسيق مسبق مع دولتي المصب حول حجم وكميات التصريف، ليكشف ذلك عن هشاشة البنية المائية السودانية وعدم جاهزيتها لمواجهة مفاجآت تشغيل السد الإثيوبي.

نزوح آلاف الأسر وتفاقم الأزمة الإنسانية في الخرطوم

دفعت الفيضانات آلاف الأسر إلى ترك منازلها بعد أن غمرتها المياه، وانتقل السكان إلى ملاجئ مؤقتة أو إلى مناطق أكثر أماناً، وأكدت تقارير محلية انهيار مئات المنازل ومقتل وإصابة العشرات نتيجة الغرق أو الانهيارات الطينية، بينما كان الأطفال والنساء الأكثر تضرراً، فيما تكافح السلطات لتوفير الغذاء والمأوى وسط إمكانات محدودة وظروف أمنية صعبة نتيجة استمرار النزاع الداخلي في البلاد، ما أعاد للأذهان كوارث سابقة ضربت السودان لكنها هذه المرة جاءت في توقيت صعب يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية.

البنية التحتية السودانية تنهار تحت ضغط المياه المتدفقة

انهارت طرق رئيسية وجسور صغيرة في مناطق متفرقة بسبب قوة المياه، كما تعطلت شبكات الكهرباء والصرف الصحي في الخرطوم ومدن أخرى. هذا الانهيار للبنية التحتية أعاق وصول فرق الإنقاذ والإغاثة للمناطق المنكوبة، وزاد من صعوبة إيصال المساعدات إلى القرى المحاصرة بالمياه. أضرار الفيضان لم تقتصر على الزراعة أو المنازل فقط، بل امتدت إلى المؤسسات الخدمية والمرافق العامة، لتكشف عن حجم الخسائر التي تكبدها السودان في أيام قليلة.

السودان يفتح سدوده في محاولة لاحتواء الفيضان

حاولت السلطات السودانية احتواء الكارثة عبر فتح بوابات سدود مثل الروصيرص وسنار وجبل الأولياء لتخفيف ضغط المياه، إلا أن هذه الخطوة لم تمنع استمرار الارتفاع الخطير في المنسوب، فيما أشار خبراء المياه أن السودان يفتقر إلى خزانات عملاقة قادرة على امتصاص هذه الكميات المفاجئة، على عكس مصر التي تمتلك بحيرة ناصر بسعتها التخزينية الضخمة، وهذه الفجوة في القدرات جعلت الخرطوم تتحمل العبء الأكبر من تداعيات التشغيل الأحادي لسد النهضة.

مصر تستوعب التدفقات عبر السد العالي وتتابع الموقف

في القاهرة، أكد الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية أن الفيضان الحالي لولا وجود السد العالي لأغرق الأراضي المصرية أيضاً، موضحاً أن مصر نجحت في امتصاص التدفقات عبر البحيرة التي تستوعب أكثر من 150 مليار متر مكعب

وشدد وزير الموارد المائية والري هاني سويلم شدد من جانبه على أن مصر تتابع الموقف لحظة بلحظة وأنها اتخذت إجراءات فنية مكنتها من تجنب أي ضرر مباشر على المواطنين، وصرح الوزير بأن ما تقوم به إثيوبيا من تشغيل أحادي مخالف للقانون الدولي ولإعلان المبادئ الموقع عام 2015، مؤكداً أن المياه التي خزنها السد خلال سنوات الملء جرى خصمها من حصص مصر والسودان دون اتفاق مسبق. وأضاف أن التاريخ سيسجل دور مهندسي الري المصريين في إدارة السد العالي وحماية البلاد من تداعيات أزمة سد النهضة.

دعوة مصرية لاتفاق ملزم يضمن الأمن المائي لدول المصب

أكد سويلم أن مصر لا تزال متمسكة بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم تشغيل سد النهضة، خاصة في فترات الجفاف الممتد التي قد تمثل خطراً أكبر من مواسم الفيضان، كما وجه رسالة إلى الأجيال الحالية والقادمة في مصر بأن السد سيظل غير شرعي ما لم يتم التوافق على اتفاق عادل وملزم يضمن حقوق دولتي المصب ويحمي شعوب المنطقة من أي تهديدات مائية مستقبلية.

سد النهضة من مشروع تنموي إلى تهديد إقليمي

 

تكشف الأحداث الأخيرة أن سد النهضة لم يعد مجرد مشروع تنموي إثيوبي، بل تحول إلى ورقة تهدد الأمن الإقليمي، حيث دفع السودان ثمناً باهظاً في صورة خسائر بشرية ومادية بينما تستمر القاهرة في تحمل أعباء سياسية ودبلوماسية لمواجهة التداعيات، ومع استمرار غياب الاتفاق الشامل، تبقى المنطقة مهددة بمزيد من الأزمات، ما يجعل الفيضان الأخير جرس إنذار جديد بضرورة التحرك العاجل نحو حل تفاوضي يحمي ملايين الأرواح ويصون استقرار حوض النيل.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تراجع جماعي لمؤشرات البورصة وسط مخاوف تصاعد التوترات بالمنطقة
التالى مواطن يناشد وزير الداخلية بتنفيذ حكم قضائي في قضية تبديد إيصال أمانة